صفحة جزء
الأول ( النية ) لما مر في الوضوء ، وهي فعل قلبي إذ حقيقتها القصد بالقلب ، فالقلب محلها فلا يجب النطق بها كما سيأتي ، ولأنها واجبة في بعض الصلاة وهو أولها لا في جميعها ، فكانت ركنا كالتكبير والركوع وغيرهما . وقيل هي شرط إذ الركن ما كان داخل الماهية وبفراغ النية يدخل في الصلاة ، وجوابه أنا نتبين بفراغها دخوله فيها بأولها ، وفائدة الخلاف فيمن افتتح النية مع مقارنة مانع من نجاسة أو استدبار مثلا وتمت ولا مانع . فإن قيل : هي شرط صحة أو ركن فلا كذا ، قيل : والأوجه عدم صحتها مطلقا . قال الرافعي : ولأنها تتعلق بالصلاة فتكون خارجة عنها ، وإلا لتعلقت بنفسها أو افتقرت إلى نية أخرى ، قال : والأظهر عند الأكثرين ركنيتها ، ولا يبعد أن تكون من الصلاة ، وتتعلق بما عداها من الأركان : أي لا بنفسها أيضا ، ولا تفتقر إلى نية . ولك أن تقول : يجوز تعلقها بنفسها أيضا كما قال المتكلمون كل صفة تتعلق ولا تؤثر يجوز تعلقها بنفسها وبغيرها كالعلم والنية ، وإنما لم تفتقر إلى نية لأنها شاملة لجميع الصلاة فتحصل نفسها وغيرها كشاة من أربعين فإنها تزكي نفسها وغيرها ، وقد أجمعت الأمة على [ ص: 451 ] اعتبار النية في الصلاة وبدأ بها لأن الصلاة لا تنعقد إلا بها ( فإن صلى ) أي أراد أن يصلي ( فرضا ) ولو نذرا أو قضاء أو كفاية ( وجب قصد فعله ) بأن يقصد فعل الصلاة لتتميز عن سائر الأفعال وهي هنا ما عدا النية لأنها لا تنوى كما مر ( و ) وجب ( تعيينه ) بالرفع من ظهر أو غيره كما قاله الشارح جوابا عن عبارة المصنف بأنه كان حقه أن يعبر بقوله قصد فعلها وتعيينها ، ويظهر كما بحثه بعضهم أنه يكفي في الصبح صلاة الغداة أو صلاة الفجر لصدقهما عليها ، وفي إجزاء نية صلاة يثوب في أذانها أو يقنت فيها أبدا عن نية الصبح تردد ، والأوجه الإجزاء ، ويظهر أن نية صلاة يسن الإبراد لها عند توفر شروطه مغنية عن نية الظهر ولم أر فيه شيئا .


حاشية الشبراملسي

( قوله : فلا يجب النطق بها ) أي على الراجح ( قوله : ولأنها واجبة ) عطف على قوله لما مر ( قوله : قيل والأوجه ) هو ظاهر ، ووجه بأنه إنما يتم القول بصحتها على الشرطية لو كان بين النية والتكبير ترتب خارجي ، وليس كذلك بل هما متقارنان ، فمقارنة المفسد لها يلزمه مقارنة المفسد بالتكبير . وعبارة حج بعد أن نقل فائدة الخلاف كالشارح نصها : وفيه نظر ، لأنه إن أراد بافتتاحها ما سبق تكبيرة الإحرام فهو غير ركن ولا شرط أو ما يقارنها ضر عليهما لمقارنته لبعض التكبيرة ا هـ . وهو عين ما قلناه ( قوله : مطلقا ) أي سواء قيل هي شرط أو ركن ( قوله : ولأنها ) عطف على قوله إذ الشرط إلخ ( قوله : ولا تفتقر إلى نية ) أي لئلا يؤدي ذلك إلى التسلسل ( قوله : وإنما لم تفتقر ) أي النية ( قوله : فإنها تزكي نفسها ) أي تطهر نفسها ( قوله : وقد أجمعت الأمة ) [ ص: 451 ] أي من الأئمة الأربعة وغيرهم ( قوله أي أراد أن يصلي ) كأنه دفع لما اعترض به الإسنوي من أن ضمير فعله الآتي لا يصح عوده على الفرض ، لأن ذلك سيأتي في قوله : والأصح وجوب نية الفرضية . قال القياتي : كلام المصنف أولا في ذات الفرض لا في صفته ، وثانيا على العكس فلا يرد ما قاله الإسنوي ا هـ ع ( قوله وهي ) أي الأفعال ( قوله : لأنها لا تنوى كما مر ) أي في قوله : ولأنها تتعلق بالصلاة ، لكن تقدم في رد القول بأنها شرط أنها شاملة لجميع الصلاة ، وعليه فيكون المراد بالفعل ما يشملها ( قوله : كما قاله الشارح جوابا ) في كون الجواب مأخوذا من الرفع نظر ، وإنما هو مأخوذ من قوله : أي أراد أن يصلي ما هو فرض كما يعلم من كلام الشيخ عميرة وابن عبد الحق ( قوله : أنه يكفي في الصبح ) أي فرض الصبح ( قوله : أو يقنت فيها أبدا ) احترز به عن القنوت في وتر رمضان وفي بقية الصلوات لنازلة نزلت ( قوله : عند توفر شروطه ) أي الإبراد ، والمراد من هذه العبارة أن يقول : نويت أصلي صلاة يسن الإبراد لها عند توفر شروطه بتمامها ( قوله : عن نية الظهر ) أي وإن كان في قطر لا يسن الإبراد فيه ا هـ مؤلف .

حاشية المغربي

( قوله : والأوجه عدم صحتها مطلقا ) أي : ; لأنها لا تصح إلا مقارنة للتكبير ، وهي ركن بالاتفاق فيشترط فيه توفر [ ص: 451 ] الشروط وانتفاء الموانع ، ثم رأيت بعضهم وجهه بما ذكرته ( قوله : وهي هنا ما عدا النية ) أي إذا قطعنا النظر عما قدمه من قوله ولك أن تقول إلخ ( قوله : كما قاله الشارح ) يعني قوله : من ظهر أو غيره كما هو ظاهر ، إذ هو الذي يحصل به الجواب عما ذكر : أي تعيين الفرض لا من حيث كونه فرضا بل من حيث كونه ظهرا أو غيره . واعلم أن قول الشارح الجلال من ظهر أو غيره بيان لما فيما قدمه من قوله : أي أراد أن يصلي ما هو فرض عقب قول المصنف فإن صلى فرضا ، والشارح هنا أخذ الجواب من مجرد البيان ، ومعلوم أنه مبني على المبين فاندفع ما في حاشية الشيخ هنا ( قوله : جوابا عن عبارة المصنف ) يحتاج إلى تقدير مضاف يتعلق به ( قوله : بأنه إلخ ) أي جوابا عن اعتراض عبارة المصنف ( قوله : قصد فعلها ) يعني : الصلاة المتقدمة في الترجمة ( قوله : فعلها وتعيينها ) أي ; لأنه يلزم من إعادة الضمير على فرضا إلغاء قوله ، والأصح وجوب الفرضية ; لأنه بمعناه

التالي السابق


الخدمات العلمية