صفحة جزء
( فصل ) في مؤن الأقارب ( يلزمه ) أي الفرع الحر أو المبعض ذكرا كان أو أنثى ( نفقة ) أي مؤنة حتى نحو دواء وأجرة طبيب ( الوالد ) المعصوم الحر وقنه المحتاج له وزوجته إن وجب إعفافه أو المبعض بالنسبة لبعضه الحر لا المكاتب ( وإن علا ) ولو أنثى غير وارثة إجماعا ، ولقوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } وللخبر الصحيح { إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه } ( و ) يلزم الأصل الحر أو المبعض ذكرا أو أنثى مؤنة ( الولد ) المعصوم الحر أو المبعض كذلك ( وإن سفل ) ولو أنثى كذلك لقوله تعالى { وعلى المولود له } الآية ، ومعنى { وعلى الوارث مثل ذلك } الذي أخذ منه أبو حنيفة رضي الله عنه وجوب نفقة المحارم : أي في عدم المضارة كما قيده ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو أعلم بالقرآن من غيره ، وقوله { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فإذا لزمه أجرة الرضاع فكفايته ألزم ، ومن ثم أجمعوا على ذلك في طفل لا مال له وألحق به بالغ عاجز كذلك لخبر هند { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } ( وإن اختلف دينهما ) بشرط عصمة المنفق عليه كما مر لا نحو مرتد وحربي كما جرى عليه جمع ; إذ لا حرمة لهما ; لأنه مأمور بقتلهما وذلك لعموم الأدلة وكالعتق ورد الشهادة ، بخلاف الإرث فإنه مبني على المناصرة وهي مفقودة حينئذ ، وإنما تجب ( بشرط يسار المنفق ) ; لأنها مواساة ونفقة الزوج معاوضة ، ويقبل قوله بيمينه في إعساره كما مر في الفلس حيث لم يكذبه ظاهر حاله وإلا طولب ببينة تشهد له به ( بفاضل عن قوته وقوت عياله ) من زوجته وخادمها وأم ولده كما ألحقهما بها الأذرعي بحثا وعن سائر مؤنهم ، وخص الفوت ; لأنه أهم لا عن دينه كما صرح به الأصحاب في باب الفلس وذلك لخبر مسلم { ابدأ بنفسك فتصدق عليها ، فإن فضل شيء فلأهلك ، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك } وبعمومه يتقوى ما مر عن أبي حنيفة إلا أن يجاب بأنه يستنبط من النص معنى يخصصه ( في يومه ) وليلته التي تليه غداء وعشاء ، ولو لم يكفه الفاضل لم يجب غيره ( ويباع فيها ما يباع في الدين ) [ ص: 219 ] من عقار وغيره كمسكن وخادم ومركوب وإن احتاجهما لتقدمها على وفائه ، فيباع فيها ما يباع فيه بالأولى فسقط ما قيل كيف يباع مسكنه لاكتراء مسكن لأصله ويبقى هو بلا مسكن مع خبر { ابدأ بنفسك } على أن الخبر إنما يأتي فيما إذا لم يبق معه بعد بيع مسكنه إلا ما يكفي أجرة مسكنه أو مسكن والده ، وحينئذ المقدم مسكنه فذكر الخبر تأكيدا للإشكال وهم ، وكيفية بيع العقار لها كما سيأتي في نفقة العبد ، وصححه المصنف وصوبه الأذرعي وألحق غير العقار به في ذلك مما يشق بيعه شيئا فشيئا أنه يستدان لها إلى اجتماع ما يسهل بيعه فيباع ، فإن تعذر بيع الجزء ، ولم يوجد من يشتري إلا الكل بيع الكل .

أما ما لا يباع فيه مما مر في باب الفلس فلا يباع فيها بل يترك له ولممونه ( ويلزم كسوبا كسبها ) أي المؤن ، ولو لحليلة الأصل كالأدم والسكنى والإخدام حيث وجب ( في الأصح ) إن حل ولاق به وإن لم تجر به عادته ; لأن القدرة بالكسب كهي بالمال في تحريم الزكاة وغيره وإنما لم يلزمه لوفاء دين لم يعص به ; لأنه على التراخي وهذه فورية ولقلة هذه وانضباطها بخلافه ، ومن ثم لو صارت دينا بفرض قاض لم يلزمه الاكتساب لها ، ولا يجب عليه سؤال زكاة ولا قبول هبة .

فإن فعل وفضل منه شيء عما مر أنفق عليه منه .

والثاني لا كما لا يلزمه الكسب لوفاء دينه ورد بما مر ، ومحل وجوب ذلك في حليلة الأصل بقدر نفقة المعسرين فلا يكلف فوقها ، وإن قدر كما اقتضاه كلام الإمام والغزالي وإن اقتضى كلام الماوردي خلافه ( ولا تجب ) المؤن ( لمالك كفايته ولا ) لشخص ( مكتسبها ) لاستعماله ، فإن قدر على كسب ، ولم يكتسب كلفه إن كان حلالا لائقا به ، وإلا فلا ، ولو قدرت الأم أو البنت على النكاح لم تسقط مؤنتها كما جزم به ابن الرفعة ، وفارق القدرة على الكسب بأن حبس النكاح لا أمد له بخلاف سائر أنواع الاكتساب ، فلو تزوجت سقطت نفقتها بالعقد ، وإن أعسر زوجها إلى فسخها لئلا يجمع نفقتين كذا قيل ، وفيه نظر ; لأن نفقتها على الزوج إنما تجب بالتمكين كما مر [ ص: 220 ] فكان القياس اعتباره ، إلا أن يقال : إنها بقدرتها عليه مفوتة لحقها ، وعليه فمحله في مكلفة فغيرها لا بد من التمكين وإلا لم تسقط عن الأب فيما يظهر .


حاشية الشبراملسي

( فصل ) في مؤن الأقارب ( قوله إن وجب إعفافه ) أي بأن احتاج إليه ( قوله وولده من كسبه ) أي الأب ، وهو من تتمة الحديث ( قوله : أو المبعض كذلك ) أي بالنسبة لبعضه الحر ( قوله : ولو أنثى كذلك ) أي غير وارثة ( قوله : لا نحو مرتد وحربي ) ومثلهما على الراجح نحو الزاني المحصن ، لكن قال حج فيه أن الأقرب الإنفاق عليه لعجزه عن عصمة نفسه بخلافهما ، ومقتضى ما علل به أن مثله قاطع الطريق بعد بلوغ خبره للإمام ( قوله : وذلك ) أي اختلاف دينهما ( قوله : تشهد له به ) أي الإعسار ( قوله : فلأهلك ) أي لزوجتك ( قوله : معنى يخصصه ) أي كأن يقال إنما [ ص: 219 ] وجبت على الأقارب لكونهم كالجزء منه وهذا خاص بالأصل والفرع ( قوله : وإنما لم يلزمه ) أي الكسب ( قوله : ولقلة هذه ) أي المؤنة وانضباطها : أي إذ هي مقدرة من جهة الشارع بخلافه : أي بخلاف الدين فإنه لا انضباط له من جهة الشارع ، ويختلف باختلاف حال المديون ، فقد يكون قليلا بالنسبة لشخص كثيرا بالنسبة لآخر ، على أنه قد يطرأ ما يقتضي تجدد الديون في كل يوم كعروض إتلاف منه لمال غيره بغير اختيار منه ، وقوله بخلافه : أي الدين

( قوله : ولا يجب عليه سؤال ) قضيته أنه لو دفعت له الزكاة بلا سؤال وجب قبولها ، وعليه فيفرق بينه وبين عدم وجوب قبول الهبة بوجود المنة للواهب ، بخلاف المزكي فإنه لا منة له على الفقير ; لأنه إنما دفع له ما أوجبه الشرع عليه فأشبه الديون ، ولا يرد عدم وجوب قبولها بل عدم جوازه لنفقة الأقارب ; لأن ذلك فيمن ينفق عليهم مروءة وما هنا بخلافه

( قوله : كلفه ) أي حيث كان فرعا بخلاف الأصل ليوافق ما يأتي في كلام المصنف

( قوله : لا أمد له ) أي ففيه إضرار بهما مع أنه قد لا يكون لهما غرض فيه لعدم القدرة على القيام بحقوق الزوج

( قوله : فلو تزوجت سقطت ) هو واضح إن كان الزوج حاضرا ، فلو كان غائبا فقد سلف أن الوجوب يتوقف على الإرسال ليحضر فتجب من وقت حضوره ، والمتجه أن تكون تلك المدة على من كانت عليه قبل النكاح ويدل على هذا التعليل قولهم : لئلا يجمع بين نفقتين وكما في الصغيرة والمجنونة إذا أعسر زوجها به ا هـ سم على منهج

[ ص: 220 ] وقوله إلا أن يقال إلخ معتمد ( قوله : بقدرتها عليه ) أي التمكين

حاشية المغربي

[ ص: 218 ] فصل ) في مؤن الأقارب ( قوله : أي في عدم المضارة ) هو خبر ومعنى ( قوله : وقوله ) هو بالجر ( قوله : لا نحو مرتد وحربي ) انظر ما مراده بالنحو ، وقد تردد الشهاب حج في الزاني المحصن ، واستوجه وجوب إنفاقه ، وفرق بأنه غير قادر على [ ص: 219 ] زوال مانعه ، ويؤخذ من فرقه أن تارك الصلاة كالحربي والمرتد فلعله مراد الشارح بالنحو فليراجع ( قوله : وإن اعتادها ) عبارة التحفة ، وإن احتاجها وهو كذلك في نسخة من الشارح ( قوله : وكيفية بيع العقار إلخ . ) عبارة التحفة وكيفية بيع العقار لها كما صححه المصنف في نظيره من نفقة العبد وصوبه الأذرعي إلخ .

التالي السابق


الخدمات العلمية