صفحة جزء
[ ص: 262 ] ( فصل ) في اجتماع مباشرتين إذا ( وجد من شخصين معا ) أي حال كونهما مقترنين في زمن الجناية بأن تقارنا في الإصابة كما هو ظاهر .

ومحل قول ابن مالك مخالفا لثعلب وغيره أنها لا تدل على الاتحاد في الوقت كجميعا عند انتفاء القرينة ( فعلان مزهقان ) للروح ( مذففان ) بالمهملة والمعجمة أي مسرعان للقتل ( كحز ) للرقبة ( وقد ) للجثة ( أو لا ) أي غير مذففين ( كقطع عضوين ) أو جرحين أو جرح من واحد ومائة مثلا من آخر فمات منهما ( فقاتلان ) يجب عليهما القصاص ; إذ رب جرح له نكاية في الباطن أكثر من جروح ، فإن ذفف أحدهما فقط فهو القاتل فلا يقتل الآخر ، وإن شككنا في تذفيف جرحه ; لأن الأصل عدمه ، والقود لا يجب بالشك مع سقوطه بالشبهة ، وبه فارق نظير ذلك الآتي في الصيد فإن النصف يوقف ، فإن بان أو اصطلحا وإلا قسم عليهما ، والأوجه وجوب أرش الجرح على مقارن المذفف ( وإن أنهاه رجل ) أي أوصله جان ( إلى حركة مذبوح بأن لم يبق ) فيه ( إبصار ونطق وحركة اختيار ) [ ص: 263 ] وهي المستقرة التي يبقى معها الإدراك ويقطع بموته بعد يوم أو أيام .

وذلك كاف في إيجاب القصاص لا المستمرة وهي التي لو ترك معها عاش ، وما قيل من أن الأولى في التعبير اختياريات إنما يتجه إن علم تنوين الأولين في كلام المصنف وإلا حملناه على عدم تنوينهما تقديرا للإضافة فيهما ( ثم جنى آخر فالأول قاتل ) ; لأنه صيره إلى حالة الموت ومن ثم أعطي حكم الأموات مطلقا ( ويعزر الثاني ) لهتكه حرمة ميت وخرج بقيد الاختيار ما لو قطع نصفين وبقيت أحشاؤه بأعلاه فإنه وإن تكلم بمنتظم كطلب ماء ليس عن روية ، فإن لم تبن حشوته عن محلها الأصلي من الجوف فحياته مستقرة ويرجع فيمن شك في وصوله إليها إلى عدلين خبيرين ( وإن جنى الثاني قبل الإنهاء إليها ، فإن ذفف كحز بعد جرح فالثاني قاتل ) لقطعه إثر الأول وإن علم أنه قاتل بعد نحو يوم ( وعلى الأول قصاص العضو أو مال بحسب الحال ) من عمد وضده ، ولا نظر لسريان الجرح لاستقرار الحياة عنده ( وإلا ) أي وإن لم يذفف الثاني أيضا ومات بهما كأن قطع واحد من الكوع وآخر من المرفق أو أجافاه ( فقاتلان ) لوجود السراية منهما وهذا غير قوله السابق أولا إلخ ; لأن ذاك في المعية وهذا في الترتيب ( ولو قتل مريضا في النزع ) [ ص: 264 ] وهو الوصول لآخر رمق ( وعيشه عيش مذبوح وجب ) بقتله ( القصاص ) ويورث من قريبه الذي مات وهو بتلك الحالة لاحتمال استمرار حياته مع انتفاء سبب يحال عليه الهلاك ، بخلاف ما مر في الجناية لوجود السبب ، وبه يجمع بين كلاميهما .

أما الأقوال كإسلام وردة وتصرف فهما فيها سواء في عدم صحتهما منهما ، ولو اندملت جراحته ، واستمر محموما حتى هلك فإن قال طبيبان عدلان إنها من الجرح وجب القود وإلا فلا ضمان .


حاشية الشبراملسي

[ ص: 262 ] ( فصل ) في اجتماع مباشرتين

( قوله : في اجتماع مباشرتين ) أي : وما يتبع ذلك كما لو قتل مريضا في النزع إلخ ( قوله عند انتفاء القرينة ) والقرينة هنا قوله بعد : وإن أنهاه إلخ المفيد للترتيب الدال على أن ما قبله عند الاتحاد في الزمان

( قوله : مزهقان ) صفة فعلان ، وقوله مذففان صفة أخرى ، وقوله : أو لا عطف عليه : أي أو غير مذففين فهو من عطف الصفة .

وبلغني أن بعضهم زعم أنه لا يصح كون مذففان صفة فعلان ; لأنه قسم الفعلين إلى المذففين وغير المذففين ، وأنه يتعين كونه خبر محذوف : أي وهما مذففان أو لا ا هـ وظاهر أن هذا خطأ لا سند له نقلا ولا عقلا إذ لا مانع من وصف الشيء بصفتين متباينتين فتأمل ا هـ سم على حج ( قوله : وقد للجثة أو لا ) قال الشيخ عميرة : يشترط في هذا الشق الثاني أن يكون كل واحد لو انفرد لقتل انتهى سم على منهج ، ولعل المراد أنه إذا انفرد أمكن أن يقتل ، ولو بالسراية ، ويدل له التمثيل بقطع العضوين فإن كلا على انفراده لا يعد قاتلا إلا أنه قد يؤدي إلى القتل ، وقد تقدم في كلام الشارح أن قطع الأنملة مع السراية من العمد الموجب للقصاص

( قوله : أو جرح من واحد ) أي أو عضو من واحد وأعضاء كثيرة من آخر سم على منهج

( قوله : يجب عليهما القصاص ) أي فإن آل الأمر إلى الدية وزعت على عدد الرءوس لا الجراحات

( قوله : وإن شككنا في تذفيف جرحه ) أي الآخر ا هـ سم على حج ( قوله : ; لأن الأصل ) قضيته ضمانه بالمال أو قصاص الجرح إن أوجب الجرح قصاصا كالموضحة إن كانا مترتبين ، فإن تقارنا لم يجب قصاص الجرح كما يأتي عن حج

( قوله : عدمه ) أي التذفيف

( قوله : وبه فارق ) أي بقوله ; لأن الأصل عدمه إلخ

( قوله : فإن بان أو اصطلحا ) أي فذاك

( قوله : وجوب أرش الجرح ) أي لا قصاصه حج

( قوله : إلى حركة مذبوح ) عبارة الشيخ عميرة : لو شرب سما انتهى به إلى حركة مذبوح فالظاهر أنه كالجريح انتهى سم على منهج .

ثم ظاهر إطلاقهم عدم الضمان على الثاني أنه لا فرق في فعل الأول بين كونه عمدا أو خطأ أو شبه عمد ، بل عدم الفرق بين كونه مضمونا أو غير مضمون كما لو أنهاه سبع إلى تلك الحركة فقتله آخر ويشعر به ما ذكره عميرة فيمن [ ص: 263 ] شرب سما انتهى به إلى حركة مذبوح

( قوله : التي يبقى معها الإدراك ) ومنه يعلم أن مثله من شك في موته بالطريق الأولى

( قوله : إنما يتجه إن علم ) أي من خط المصنف أو الرواية عنه

( قوله : تنوين الأولين ) هما إبصار ونطق

( قوله : ومن ثم أعطي حكم الأموات ) قضيته جواز تجهيزه ودفنه حينئذ وفيه بعد ، وأنه يجوز تزوج زوجته حينئذ إذا انقضت عدتها كأن ولدت عقب صيرورته إلى هذه الحالة وأنه لا يرث من مات عقب هذه الحالة ولا يملك صيدا دخل في يده عقبها ، ولا مانع من التزام ذلك ا هـ سم على حج .

وقول سم : وأنه لا يرث ، أقول : ولا بعد أيضا على قياس ذلك أنه تقسم تركته قبل موته ( قوله : ويعزر الثاني ) أي فقط

( قوله : لهتكه حرمة ميت ) الأفصح في مثله التخفيف بخلاف الحي ، فإن الأفصح فيه التشديد ، ومنه قوله تعالى { إنك ميت وإنهم ميتون } الآية

( قوله : فإن لم تبن حشوته ) عبارة المختار : وحشوة البطن بكسر الحاء وضمها أمعاء البطن

( قوله : إلى عدلين خبيرين ) فلو لم يوجدا أو وجدا وتحيرا فهل نقول بالضمان ; لأنه الأصل أو لا ؟ فيه نظر ، ويحتمل أن يقال : تجب دية عمد دون القصاص ; لأنه لا يسقط بالشبهة ( قوله : كحز بعد جرح ) هو بفتح الجيم ; لأنه مثال للفعل ، وهو مصدر .

أما الأثر [ ص: 264 ] الحاصل بالجرح فهو جرح بالضم ، وفي المصباح جرحه جرحا من باب نفع والجرح بالضم الاسم

( قوله : وهو ) أي النزع

( قوله : وتصرف فهما ) أي المريض ومن عيشه عيش مذبوح بجناية .

حاشية المغربي

[ ص: 262 ] ( فصل ) في اجتماع مباشرتين ( قوله : عند انتفاء القرينة ) أي والقرينة هنا قوله : فإن أنهاه رجل إلخ . ( قوله : جان ) أشار به إلى أن الرجل ليس [ ص: 263 ] قيدا ( قوله : وهي المستقرة ) الضمير يرجع إلى المنفي والمعنى والحياة التي يبقى معها ما ذكر هي الحياة المستقرة ، وسيأتي في الصيد والذبائح ، الفرق بين الحياة المستقرة والحياة المستمرة وحركة المذبوح بما هو أوضح مما هنا ( قوله : وذلك كاف ) يحتمل أن الإشارة لحركة المذبوح وهو المتبادر من السياق ، ويحتمل أنها للحياة المستقرة وهو المتبادر من العبارة ( قوله : وخرج بقيد الاختيار ) المناسب ودخل ( قوله : فإن لم تبن حشوته عن محلها ) لا يخفى أن هذا المحترز بالنظر للظاهر هو عين ما احترز به عنه .

واعلم أن الشارح خلط هنا في هذه السوادة مسألة بمسألة أخرى .

وحاصل ذلك أنه في شرح الروض مثل لمن فقد الإدراك الاختياري بمن قد نصفين وتركت أحشاؤه في النصف الأعلى فإنه ، وإن صدر منه كلام أو حركة فهما اضطراريان ، وهو الذي عبر عنه الشارح بقوله وخرج بقيد الاختيار إلى قوله ليس عن روية .

وأما الشهاب حج فإنه مثل له بمن قد بطنه : أي شق وخرج بعض أحشائه ، ثم قال بخلاف ما لو بقيت أحشاؤه كلها محلها فإنه في حكم الأحياء لأنه قد يعيش مع ذلك كما هو مشاهد ، وهو الذي عبر عنه الشارح بقوله فإن لم تبن حشوته إلخ . وقد علم أن هذا محترز ما صور به حج لا محترز ما في شرح الروض الذي صدر به الشارح ، على أن قوله فحياته مستقرة الذي عدل إليه على كلام حج غير صحيح من حيث الحكم كما علم ( قوله : وإن علم أنه ) أي الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية