صفحة جزء
باب كيفية القصاص

من قص قطع أو اقتص تبع لاتباع المستحق الجاني إلى الاستيفاء منه ( ومستوفيه والاختلاف فيه ) والعفو عنه ، ولا محذور في الزيادة عما في الترجمة كما وقع للبخاري كثيرا ، بخلاف عكسه وتقديمه المستوفى في الترجمة على ما بعده ; لأنه الأنسب بالكيفية وتأخيره عنه في الكلام عليه لطوله ، وقد جرت عادتهم بتقديم ما يقل عليه الكلام ليحفظ ( لا تقطع ) أي لا تؤخذ ليشمل المعاني أيضا فكلامه على الغالب ( يسار بيمين ) سواء الأعضاء والمعاني لاختلافهما محلا ومنفعة فلم توجد المساواة المقصودة من القصاص ( ولا شفة سفلى بعليا ) ولا جفن أسفل [ ص: 288 ] بأعلى ( وعكسه ) لذلك ولو بالرضا ففي المأخوذ بدلا ديته ويسقط القود في الأول لتضمن الرضا العفو عنه ( ولا أنملة ) بفتح الهمزة وضم الميم في الأفصح ( بأخرى ) ولا أصبع بأخرى كما في المحرر ولا أصلي بزائد مطلقا ( ولا زائد ) بأصلي ، أو ( بزائد ) دونه مطلقا أو مثلها ولكنه ( في محل آخر ) غير محل ذلك الزائد لذلك أيضا ، بخلاف ما لو ساوى الزائد الزائد أو الأصلي وكان بمحله للمساواة حينئذ ، ولا يؤخذ حادث بعد الجناية بموجود ، فلو قلع سنا ليس له مثلها ثم نبت له مثلها لم تقلع ( ولا يضر ) في القود بعد ما ذكر ( تفاوت كبر ) وصغر ( وطول ) وقصر ( وقوة ) وضعف ( بطش ) ونحوها ( في أصلي ) لإطلاق النصوص ولأن المماثلة في ذلك لا تكاد تتفق باعتبارها تؤدي إلى بطلان القصاص وكما يقاد من العالم بالجاهل والكبير بالصغير والشريف بالوضيع .

نعم لو قطع مستوي اليدين يدا أقصر من أختها لم تقطع يده بها لنقصها بالنسبة لأختها وإن كانت كاملة في نفسها ; ولهذا وجبت فيها دية ناقصة حكومة .

ومحل ذلك عند تفاوتها خلقة أو بآفة ، فإن نشأ نقصها عن جناية امتنع أخذ الكاملة ووجب نقص الدية كما حكياه عن الإمام وإن قال الزركشي إن الإمام حكى عن الأصحاب عدم الفرق ، وإنه الصواب ( وكذا زائد ) كأصبع وسن فلا يضر فيه التفاوت أيضا ( في الأصح ) وكون القود في الأصلي بالنص ، وفي الزائد بالاجتهاد فلم يعتبر التساوي في الأول ، واعتبر في الثاني غير مؤثر لتساوي النص والاجتهاد فيما يترتب عليهما والثاني في الزائد قال : إن كان كبره في الجاني لم يقتص منه أو في المجني عليه اقتص وأخذ حكومة قدر النقصان


حاشية الشبراملسي

( باب كيفية القصاص )

( قوله : من قص ) والأخذ من الأول أنسب لكونه مع اشتماله على جميع الحروف مجردا ، والثاني مزيد فيه ، وهو مشتق من المجرد ( قوله : ولا محذور في الزيادة ) أي بل قال السيد عيسى الصفوي فيما كتبه على حاشية السيد الجرجاني : ما كان من التوابع لا يعد زيادة ، وعبارته : وليس مرادهم بكون الباب في كذا الحصر بل إنه المقصود بالذات أو المعظم ، فلو ذكر غيره نادرا واستطرادا لا يضر ; لأنه إنما ترك ذكره في الترجمة اعتمادا على توجه الذهن إليه إما بطريق المقايسة أو اللزوم

( قوله : لا تؤخذ ) أي لا يجوز ولو بالرضا كما يأتي

( قوله : على الغالب ) الأولى أو على الغالب ، إلا أن يقال : المراد أنه عبر بالقطع لكونه الغالب فلا مفهوم له لأن القيود إذا كانت للغالب لا مفهوم [ ص: 288 ] لها فساوى الأخذ ( قوله ديته ) أطلق فيه فشمل ما لو أخذ بلا إذن من الجاني وما لو كان بإذنه ولم يقل قصاصا أو قال : وهو يخالف ما يأتي من التفصيل فيما لو قطع صحيحة بشلاء ، وعليه فلينظر الفرق بين هذه وتلك ، ولعله أطلق هنا اعتمادا على التفصيل الآتي فليحرر وعليه فتصور المسألة هنا بما لو قال خذه قودا فتجب الدية في المقطوع ويسقط حقه من القود لتضمنه العفو عنه ، ويستحق دية عضوه لفساد العوض وذلك ; لأنه لم يعف مجانا بل على عوض فاسد فيسقط القصاص بالعفو ويجب بدله لفساد العوض كما لو عفا عن القود على نحو خمر

( قوله : أنملة ) فيها تسع لغات تثليث أولها مع تثليث الميم في كل ا هـ سم على منهج ، وقد نظمها بعضهم مع لغات الأصبع العشرة في بيت فقال :

وهمز أنملة ثلث وثالثه والتسع في أصبع واختم بأصبوع

ا هـ مناوي على آداب الأكل لابن العماد .

( قوله : أو بزائد دونه مطلقا ) قد يخالف ما يأتي من أن الزائد يقطع بالزائد وإن تفاوتا كبرا وطولا وقوة بطش ، ويمكن الجواب بأن المراد بالزيادة هنا المتميزة كاشتمال زائدة الجاني على ثلاث أنامل وزائدة المجني عليه على ثنتين

( قوله : ومحل ذلك ) أي ما ذكره المصنف ، وعبارة حج : ومحل عدم ضرر ذلك

حاشية المغربي

( باب كيفية القصاص )

( قوله : فكلامه على الغالب ) هذا التفريع فيه حزازة بعد تفسيره المتن بما ذكرنا ، وعبارة التحفة عقب المتن [ ص: 288 ] نصها : عبر به للغالب ، والمراد لا تؤخذ ليشمل المعاني أيضا ( قوله : ففي المأخوذ بدلا ديته ) لعله إذا قال له خذها قصاصا أخذا مما يأتي فليراجع ( قوله : في الأول ) أي عضو المجني عليه ( قوله : دونه ) قيد في الأصلي والزائد بقرينة ما بعده ( قوله : ومحل ذلك ) يعني : ما في المتن ، وعبارة التحفة : ومحل عدم ضرر ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية