صفحة جزء
( الرابع ) من أركانها ( القراءة ) للفاتحة كما سيأتي ( ويسن بعد التحرم ) أي عقبه ولو للنفل ( دعاء الافتتاح ) لمنفرد وإمام ومأموم تمكن منه بأن أدرك إمامه في القيام دون الاعتدال وأمن فوت الصلاة أو الأداء وقد شرع فيها وفي وقتها ما يسع جميعها ، أو غلب على [ ص: 473 ] ظنه أنه مع اشتغاله به يدرك الفاتحة قبل ركوع إمامه ، ومحل ذلك في غير الجنازة ولو على قبر أو غائب كما اقتضاه إطلاقهم خلافا لابن العماد كما سيأتي فيها ، ويأتي به سرا إن لم يتعوذ أو يدرك إمامه في غير القيام وإن أمن لتأمينه ، وهو وجهت وجهي : أي قصدت بعبادتي للذي فطر السموات والأرض أي أبدعهما على غير مثال سبق ، حنيفا : أي مائلا عن كل الأديان إلى دين الإسلام مسلما : أي منقادا إلى الأوامر والنواهي ، وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين .

لما صح من أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك . وفي رواية : وأنا أول المسلمين .

وكان صلى الله عليه وسلم يأتي بها تارة لأنه أول مسلمي هذه الأمة فلا يقولها غيره . ومعلوم أن المرأة تأتي بجميع ذلك بألفاظه المذكورة للتغليب الشائع لغة واستعمالا ، وإرادة الشخص في نحو حنيفا محافظة على لفظ الوارد ، فاندفع بذلك قول من قال : إن القياس [ ص: 474 ] مراعاة صيغة التأنيث .


حاشية الشبراملسي

( قوله : لما سيأتي ) أي في قول المصنف وتتعين الفاتحة ( قوله : ويسن ) قال حج : وقيل يجب ( قوله : بعد التحرم ) لعل تعبيره ببعد للتنبيه على أنه لا يفوت بالتأخير حيث لم يشتغل بغيره ، وعليه فتفسير الشارح بالعقب للدلالة على أنه يستحب المبادرة به عقب التحرم وإن لم يفت بالتأخير ، ثم رأيت سم على منهج قال : قوله عقب التحرم انظر التعبير بعقب فإن مقتضاه الفوات إذا طال الفصل ، وقد يتجه عدم الفوات مطلقا فليراجع ( قوله : تمكن منه ) أي ولو مع سماع قراءة إمامه كما سيأتي ( قوله : بأن أدرك إمامه في القيام ) خرج به ما لو أدركه في غيره ، ومنه الجلوس في التشهد الأول ، فلا يأتي به بعد التحرم ولا بعد قيامه من التشهد ، وظاهره ولو قام الإمام قبل جلوس المأموم معه ، لكن قضية قوله الآتي ما عدا الجلوس معه لأنه مفوت إلخ عدم فواته حيث لا جلوس منه ، وهو ظاهر ، ثم رأيت في سم على منهج عن ع التصريح بذلك ( قوله : وأمن فوات الصلاة ) أي بأن خاف أنه لو اشتغل بدعاء الافتتاح لا يمكنه فعل الصلاة أصلا لهجوم الموت عليه فيها أو طرو دم الحيض أو نحو ذلك .

وعبارة الروض وشرحه : لا من خاف فوت القراءة خلف الإمام أو فوت الوقت : أي وقت الصلاة أو وقت الأداء بأن لم يبق من وقتها إلا ما يسع ركعة فلا يندب له دعاء الافتتاح إلخ ، وتردد سم على منهج في المراد بفوت الوقت فليراجع أقول : يمكن حمل فوات الوقت على أنه إن اشتغل بدعاء الافتتاح خرج بعض الصلاة عن وقتها وإن قل فيكون معناه مغاير لمعنى خوف الأداء وإن كان خوف الأداء يغني عنه ( قوله : أو الأداء ) أي بأن كان [ ص: 473 ] لو اشتغل بدعاء الافتتاح لا يدرك ركعة في الوقت ، لكن هذا الإشكال فيه بالنظر لما في الروض وشرحه المذكور قبل ، وأما بالنسبة لقول الشارح وقد شرع فيها وفي وقتها ما يسع جميعها إلخ ففيه نظر ، لأنه حيث شرع فيها وقد بقي ما يسعها كاملة لا يتأتى أن دعاء الافتتاح يفوت عليه الأداء ، اللهم إلا أن يقال : قد يشرع فيها وبقي من الوقت ما يسعها للوسط المعتدل ولا يسع إلا ركعة بالنسبة له وكان اشتغاله بدعاء الافتتاح يمنعه من إدراك ركعة مع الإمام وقوله أيضا أو الأداء : أي بأن كان بحيث لو اشتغل به لم يدرك ركعة في الوقت ، وبهذا تعلم أن ما ذكر من أمن الفوات ليس معتبرا في منع المأموم بل معتبر لأصل استحباب دعاء الافتتاح ( قوله إن لم يتعوذ ) ظاهره وإن اشتغل بأذكار غير مشروعة ، ونظر فيه سم على حج .

أقول : والذي ينبغي أخذا من هذه العبارة ونحوها عدم الفوات ( قوله : أو يدرك إمامه ) هذا علم من قوله السابق بأن أدرك إمامه في القيام فهو تصريح بالمفهوم ( قوله : وإن أمن لتأمينه ) أي بأن فرغ الإمام عقب التحرم فأمن المأموم فإنه لا يكون مانعا من الإتيان بدعاء الافتتاح ( قوله : لأنه أول مسلمي هذه الأمة ) أي في الوجود الخارجي فلا ينافي أنه أول المسلمين مطلقا كما في حج لتقدم خلق ذاته وإفراغ النبوة عليه قبل خلق جميع الموجودات ( قوله فلا يقولها غيره ) أي لا يجوز له ذكره إلا إن قصد لفظ الآية ا هـ حج .

وكتب عليه سم : ظاهره الحرمة عند الإطلاق ، وقد تقتضي الحرمة البطلان لأنه حينئذ كلام أجنبي مخالف للوارد في حق هذا القائل ، وقد يتوقف في كل من الحرمة والبطلان لأنه لفظ قرآن ، ولا صارف إلا أن يدعي أن قرينة الافتتاح صارفة وفيه ما فيه ويبقى ما لو أتى بمعنى من المسلمين كقوله وأنا مسلم ، أو وأنا ثاني المسلمين في حق الصديق ا هـ . أقول والظاهر الاكتفاء به لأنه مساو للمعنى في قوله وأنا من المسلمين ( قوله وإرادة الشخص ) لعل المراد أنها تقوله ، ويحصل ذلك منها على إرادة الشخص لا أن مشروعيته في حقها تتوقف على الإرادة ( قوله : فاندفع بذلك قول من قال إلخ ) قائل ذلك الإسنوي وغيره ، وعبارة حج : وبه يرد قول الإسنوي : القياس [ ص: 474 ] المشركات المسلمات ، وقول غيره : القياس حنيفة مسلمة ا هـ .

ومع ذلك لو أتت به حصلت السنة .

حاشية المغربي

( قوله : أي عقبه ) مراده بالعقبية أن لا يفصل بينه وبين التحرم تعوذ أو قراءة لا العقبية الحقيقية ( قوله : دون الاعتدال ) أي فما بعده ، وكان الأولى أن يقول من القيام دون ما بعده على أنه سيعيده قريبا بنحو ما ذكرته ( قوله : وأمن فوت الصلاة ) أي بأن لا يخاف الموت بأن لم يحضره ما يخشى منه الموت عاجلا ، وأما من صوره بخوف المرأة نزول الحيض أو خوف جنون يعتاده في هذا الوقت فيرد عليه أن الفائت في ذلك إنما هو الأداء فقط . واعلم أن هذا ، والمسألتين بعده لا يختص بالمأموم وإن أوهمه كلامه بخلاف الأول ، والخامس ( قوله : وقد شرع فيها وفي وقتها ما يسع جميعها ) هذا قيد رابع ، وهو المراد بقول غيره وأمن فوت وقت الصلاة فالحاصل أنه لا بد من [ ص: 473 ] أمنه فوت الصلاة من أصلها كما مر تمثيله ، وفوت الأداء كأن لم يبق من الوقت إلا ما يسع ركعة ، وفوت وقت الصلاة بأن لم يبق من الوقت إلا ما يسع الصلاة ، لكن يرد عليه أن هذا يغني عما قبله وفي حاشية الشيخ الجواب عن هذا بما لا يشفي ( قوله : ويأتي به سرا ) لا حاجة إليه ; لأنه سيأتي في المتن ( قوله : أو يدرك إمامه في غير القيام ) هذا مفهوم قوله فيما مر بأن يدرك إمامه في القيام ، وما ذكره عقبه قاصر كما مر التنبيه عليه ، ونبه الشهاب حج على أن محل هذا إذا لم يسلم الإمام قبل جلوسه ( قوله : أي مائلا عن كل الأديان إلخ ) عبارة الشهاب عميرة ، والحنيف يطلق على المائل ، والمستقيم ، فعلى الأول المراد المائل إلى الحق ، والحنيف أيضا عند العرب : من كان على ملة إبراهيم [ ص: 474 ] عليه الصلاة والسلام انتهت

التالي السابق


الخدمات العلمية