صفحة جزء
ويضر التغير بالثمار الساقطة بسبب [ ص: 68 ] ما انحل منها ، سواء أوقع بنفسه أم بإيقاع كان على صورة الورق كالورد أم لا ( وكذا متغير بمجاور ) تغيرا كثيرا ( كعود ودهن ) مطيبين أو غير مطيبين ; لأن تغيره بذلك تروح لا يمنع إطلاق اسم الماء .

والكافور نوعان صلب وغيره ، فالأول مجاور والثاني مخالط ، ومثله القطران ; لأن فيه نوعا فيه دهنية فلا يمتزج بالماء فيكون مجاورا ونوعا لا دهنية فيه فيكون مخالطا ، ويحمل كلام من أطلق على ذلك ويعلم مما تقرر أن الماء المتغير كثيرا بالقطران الذي تدهن به القرب إن تحققنا تغيره به وأنه مخالط فغير طهور ، وإن شككنا أو كان من مجاور فطهور ، سواء في ذلك الريح وغيره خلافا للزركشي ، ويظهر في الماء المبخر الذي غير البخور طعمه أو لونه أو ريحه عدم سلبه الطهورية ; لأنا لم نتحقق انحلال الأجزاء والمخالفة وإن بناه بعضهم على الوجهين في دخان النجاسة ( أو بتراب طرح [ ص: 69 ] في الأظهر ) لموافقته للماء في الطهورية ، ولأن تغيره به مجرد كدورة ، وهي لا تسلبه الطهورية ، ولأن الأمر بمزج الماء به في النجاسة المغلظة ينافي سلب الطهورية به ، والسدر أمر به في تطهير الميت للتنظيف لا للتطهير ، ويؤخذ من العلة الثانية أنه لا يضر التراب المستعمل وهو المعتمد كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى بناء على أن كلا منهما علة مستقلة ، والأصل عدم التركيب ، والحكم يبقى ما بقيت علته وإن انتفى غيرها خلافا لما بحثه الشيخ في ذلك ، نعم إن كثر تغيره به بحيث صار يسمى طينا سلبه الطهورية ، ومقابل الأظهر أنه يضر تغيره بما يستغنى عنه ، وقطع المصنف التراب عن أمثلة المجاور ، وأعاد الباء مع التراب وعطف بأو ليفيد أنه مخالط ، والمجاور ما يتميز في رأي العين ، والمخالط ما لا يتميز .

وقيل إن الأول ما يمكن فصله والثاني ما لا يمكن ، وقيل المتبع العرف .

واعلم أن التراب يكون مخالطا على الأصح لكونه لا يتميز في رأي العين مادام التغير به موجودا مع كدورته ، ومجاورا على مقابله وهو الثاني ; لأنه يمكن فصله بعد رسوبه ، ويمكن حمل كلام من أطلق كونه مخالطا أو مجاورا على هاتين الحالتين ، وشمل كلامه ما لو طرح بالقصد وما لو طرحه صبي أو مجنون واحترز به عن التراب الذي مع الماء فإنه لا يضر جزما ، وكذا ما ألقته الريح بهبوبها لعدم إمكان الاحتراز عنه


حاشية الشبراملسي

( قوله : بالثمار الساقطة ) زاد في شرح البهجة الكبير ما نصه : لإمكان التحرز عنها غالبا . [ ص: 68 ] أقول : حتى لو تعذر الاحتراز عنها ضر نظرا للغالب ( قوله : وكذا متغير بمجاور ) زاد المحلي طاهر انتهى وكتب عليه البكري إشارة إلى أنه المراد وعلم من التمثيل وإلا لورد النجس انتهى ( قوله كعود ) أي وكالعود ما لو صب على بدنه أو ثوبه ماء ورد ثم جف وبقيت رائحته في المحل ، فإذا أصابه ماء وتغيرت رائحته منه تغيرا كثيرا لم يسلب الطهورية ; لأن التغير والحالة ما ذكر تغير بمجاور ، أما لو صب على المحل وفيه ما ينفصل واختلط بما صبه عليه فيقدر مخالفا وسطا ( قوله : ودهن ) أي وكحب وكتان وإن أغليا ما لم يعلم انفصال عين فيه مخالطة تسلب الاسم ، وبهذا التفصيل يجمع بين إطلاقات متباينة في ماء مبلات الكتان ; لأن له حالات متفاوتة في التغير أولا وآخرا كما هو مشاهد ، نعم الذي ينبغي فيما شك في انفصال عين فيه أنه لو تجدد له اسم آخر بحيث ترك معه اسمه الأول السلب ; لأن هذا التجدد قرينة ظاهرة جدا على انفصال تلك العين فيه انتهى ابن حجر رحمه الله . وكتب عليه ابن قاسم قوله ما لم يعلم انفصال عين فيه مخالطة . فإن قلت : هل يدل نقصه على انفصال العين المخالطة كما لو وزن بعد تغييره الماء فوجدناه ناقصا ؟ قلت : لا لاحتمال أنه نقص : بانفصال أجزاء مجاورة ، ولو لم تشاهد في الماء لاحتمال خروجها من الماء أو التصاقها ببعض جوانب المحل .

( قوله : ; لأن تغيره بذلك تروح ) قضيته أنه لو تغير لونه أو طعمه بالمجاور ضر وليس مرادا ، نعم إن تحلل منه شيء كما لو نقع التمر في الماء فاكتسب الحلاوة منه سلبه الطهورية ( قوله : فغير طهور ) فيه نظر ، فإن التغير به تغير بما في المقر وقد تقدم أنه لا يضر ولو مصنوعا حيث صار كالخلقي وهذا منه ، ثم رأيت ابن حجر قال بعد قول المصنف وما في مقره ما نصه : ومنه كما هو ظاهر القرب التي يدهن باطنها بالقطران وهي جديدة لإصلاح ما يوضع فيها بعد من الماء وإن كان من القطران المخالط ا هـ ( قوله : في دخان النجاسة ) أي فإن قلنا : دخان النجاسة ينجس الماء . قلنا هنا بسلب الطهورية وإن قلنا بعدم التنجيس ثم قلنا بعدم سلبها هنا ، لكن المعتمد عدم سلب الطهورية هنا مطلقا ، والفرق أن الدخان أجزاء تفصلها النار وقد اتصلت بالماء فتنجسه ولو مجاورة ، إذ لا فرق في تأثير ملاقاة النجس بين المجاور والمخالط ، بخلاف البخور فإنه طاهر وهو [ ص: 69 ] لا يسلب الطهورية إلا إن كان مخالطا ولم تتحقق المخالطة ( قوله ولأن تغيره به مجرد كدورة ) قضيته أنه لو غير طعم الماء أو ريحه ضر وليس مرادا ( قوله : من العلة الثانية ) هي قوله ; لأن تغيره به إلخ ، والأولى قوله لموافقته للماء ( قوله : ومقابل الأظهر أنه يضر ) أي فيكره استعماله على الأول رعاية لهذا الثاني ( قوله : ما يمكن فصله ) اقتصر المحلي على هذا القول جازما به ( قوله : ما لو طرح بالقصد ) أي من بالغ عاقل ( قوله : وما لو طرحه صبي أو مجنون ) أي أو بهيمة كما شمله كلامه ( قوله : بهبوبها ) أي فإنه لا يضر جزما ومعلوم أن الكلام في التراب الطاهر وأما النجس فسيأتي

حاشية المغربي

( قوله : ; لأن تغيره بذلك تروح ) قضيته أن التغير بالمجاور لا يكون إلا تروحا ، وهو قول مرجوح مع أنه يناقض ما سيأتي له قريبا في مسألة البخور ، فالوجه أنه جرى في هذا التعليل على الغالب ( قوله : أن الماء المتغير كثيرا بالقطران الذي تدهن به القرب إلخ ) تقدم أنه جار في هذا على [ ص: 69 ] قاعدته المارة في حد ما في المقر ، والممر لا مناقض لها

التالي السابق


الخدمات العلمية