صفحة جزء
( فرع ) في موجب إزالة المنافع وهي ثلاثة عشر ( في ) إزالة ( العقل ) الغريزي

والمراد به هنا العلم بالمدركات الضرورية الذي به التكليف بنحو لطمة ( دية ) واجبة كالتي في نفس المجني عليه وكذا في سائر ما مر ، ويأتي إجماعا ، لا قود لاختلاف العلماء في محله وإن كان الأصح عندنا كأكثر أهل العلم أنه في القلب للآية ، وإنما زال بفساد الدماغ لانقطاع مدده الصالح الواصل إليه من القلب فلم ينشأ زواله حقيقة إلا من فساد القلب ، أما المكتسب وهو ما به حسن التصرف والخلق فواجبه حكومة لا تبلغ دية الغريزي ، وكذا بعض الأول إن لم ينضبط فإن انضبط بالزمن أو بمقابلة المنتظم بغيره فالقسط ، ولو توقع عوده وقدر له خبيران مدة يعيش إليها غالبا انتظر فإن مات قبل العود وجبت الدية [ ص: 334 ] كما في البصر والسمع ( فإن زال بجرح له أرش ) مقدر كالموضحة ( أو حكومة وجبا ) أي كل من الأرش والحكومة مع دية العقل وإن كان أكثر ; لأنها جناية أبطلت منفعة ليست في محل الجناية فكانت كما لو أوضحه فذهب سمعه أو بصره ، فلو قطع يديه ورجليه فزال عقله وجب ثلاث ديات ، أو أوضحه في صدره فزال عقله فدية وحكومة ( وفي قول يدخل الأول في الأكثر ) كأرش الموضحة وكذا إن تساويا كأرش اليدين كما لا يجمع بين واجب الجناية على الحدقة وواجب الضوء ، ويجاب باتحاد المحل هنا يقينا بخلاف ما نحن فيه ( ولو ادعي ) ببنائه للمفعول إذ لا تصح الدعوى من مجنون ، وإنما تسمع من وليه أو للفاعل وحذف للعلم به إذ من المعلوم أن المجنون لا يصح منه ذلك بل من وليه فسقط القول بتعين الأول ( زواله ) وكذبه الحس لم تسمع دعواه كأن كانت تلك الجناية لا تزيله عادة فيحمل على موافقة قدر كموته بقلم خفيف ، وإلا سمعت ، فإن أنكر الجاني زواله اختبر المجني عليه في غفلاته إلى أن يغلب على الظن صدقه أو كذبه ( فإن لم ينتظم ) بالبينة أو بعلم الحاكم

( قوله : وفعله في خلواته فله دية ) لقيام القرينة الظاهرة على صدقه ( بلا يمين ) ; لأنها تثبت جنونه ، والمجنون لا يحلف ، فإن اختلفا في جنون متقطع حلف زمن إفاقته ، وإن انتظما فلا دية لظن كذبه ، وحلف الجاني لاحتمال أنهما صدرا اتفاقا أو عادة وخرج بزواله نقصه فيحلف مدعيه ; إذ لا يعلم إلا منه ، ولو أخذت دية العقل أو غيره من بقية المعاني ثم عاد استردت


حاشية الشبراملسي

( فرع ) في إزالة العقل

قال الشيخ عميرة : قدم ; لأنه أشرف المعاني ا هـ سم على منهج

( قوله : والمراد به هنا العلم ) وفسر في نواقض الوضوء بأنه غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات ، وعليه فانظر السبب الداعي إلى تفسيره هنا بالعلم دون الغريزة ، مع أن الظاهر أن الذي يزول إنما هو الغريزة التي يتبعها العلم لا نفسه

( قوله : إجماعا ) أي من الأمة لا الأئمة الأربعة فقط ، وهكذا كل موضع عبر فيه بالإجماع ، وأما الاتفاق فقد يستعمل في اتفاق أهل المذهب

( قوله : للآية ) هي قوله تعالى { لهم قلوب لا يفقهون بها }

( قوله : من القلب ) صلة لانقطاع

( قوله : وكذا بعض الأول ) أي الغريزي ( قوله فإن انضبط ) أي الأول ، وقوله بالزمن كما لو كان يجن يوما ويفيق يوما ، أو غيره بأن يقاس صواب قوله وفعله بالمختل منهما ويعرف النسبة بينهما وإلا : أي وإن لم ينضبط بأن كان يفزع أحيانا مما لا يفزع [ ص: 334 ] ويستوحش إذا خلا فالحكومة ا هـ روض وشرحه ا هـ سم على منهج

( قوله : وإنما تسمع من وليه ) هذا مع قوله الآتي : لأنها تثبت جنونه إلخ يعلم منه أن الدعوى تتعلق بالولي واليمين بالمجني عليه وتارة تنتفي عنه بأن دام جنونه وتارة تثبت في حقه بأن تقطع ا هـ سم على منهج .

وقول سم : واليمين بالمجني عليه ظاهره أنه لا فرق في ذلك بين الجنون المتقطع والمطبق في أن الدعوى إنما تكون من الولي ، وينبغي أن المجني عليه لو ادعى زمن إفاقته سمعت دعواه ثم رأيته على حج صرح بذلك في قولة أخرى ، فالمراد بدعوى الولي في الجنون المتقطع أنه إن اتفق له ذلك زمن الجنون المتقطع سمعت ولا يكلف التأخير إلى زمن الإفاقة ليدعي المجنون بنفسه

( قوله : وإلا سمعت ) أي بأن لم يكذبه الحس

( قوله : حلف زمن إفاقته ) أي المجني عليه ( قوله : ثم عاد استردت ) علل ذلك بأن ذهابها كان مظنونا : أي فبعودها بان خلاف الظن ، وقضيته أنه لو أخبر بذهابها معصوم لم تسترد ; لأن عودها حينئذ نعمة جديدة فليراجع

حاشية المغربي

( فرع ) في موجب إزالة المنافع ( قوله لانقطاع مدده ) أي الدماغ ، والمراد من هذا الكلام بدليل آخره أن الدماغ حيثما فسد فإنما ينشأ فساده من فساد القلب ، إذ بفساد القلب ينقطع المدد الذي كان يصل إلى الدماغ منه ، فيفسد الدماغ بفساده ، [ ص: 334 ] ففساده لا يكون إلا من فساد القلب ، فالعقل إنما زاد في الحقيقة بفساد القلب ( قوله : أي كل من الأرش والحكومة ) أي أحدهما ، وإنما عبر بالواو لقول المصنف وجبا ( قوله : وكذا إن تساويا ) وحينئذ فهذا القيل قائل بالدخول مطلقا كما لا يخفى

التالي السابق


الخدمات العلمية