صفحة جزء
( والبسملة آية ) كاملة ( منها ) أي الفاتحة عملا لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { إذا قرأتم بالفاتحة فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها أم القرآن والسبع المثاني ، وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها } ويجهر بها حيث يجهر بالفاتحة للاتباع ، رواه أحد وعشرون صحابيا بطرق ثابتة كما قاله ابن عبد البر ، وقول أنس : [ ص: 479 ] { كان صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين : أي بسورة الحمد لما صح أنه كان يجهر بالبسملة ، وقال : لا آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم } .

وقوله صليت مع هؤلاء وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقول بسم الله الرحمن الرحيم ، رواية للفظ الأول بالمعنى الذي عبر عنه الراوي بما ذكر بحسب ما فهم ، وأيضا فهو معارض بقول ابن عباس رضي الله عنهما : { كان صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم } ، وبما تقدم عن الصحابة المذكورين ، على أن ابن عبد البر قال : لا يجوز الاحتجاج به لتلونه واضطرابه فإنه صح عنه بعبارات مختلفة المعاني ، منها أنه قال : كبرت ونسيت ، وأنه سئل أكان عليه الصلاة والسلام يستفتح بالحمدلة أم بالبسملة ؟ فقال وإنك لتسألني عن شيء لا أحفظه ، وما سألني عنه أحد قبلك ، فجزم تارة بالإثبات ، وتارة بالنفي ، وتارة توقف وكلها صحيحة ، فلما اضطربت وتعارضت سقطت ورجحنا الإثبات للقاعدة والجهر ، لأن رواته أكثر وتركه عليه الصلاة والسلام للجهر في بعض الأحيان لبيان الجواز .

والبسملة آية أول كل سورة سوى براءة لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم { إنا أعطيناك الكوثر } إلى آخرها ، } ولأن الصحابة أجمعوا على إثباتها في المصحف بخطه في أوائل السور سوى براءة دون الأعشار وتراجم السور والتعوذ فلو لم تكن قرآنا لما أجازوا ذلك لكونه يحمل على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا ، ولو كانت للفصل لأثبتت أول براءة ولم تثبت أول الفاتحة ، وما قيل من أن القرآن إنما يثبت بالتواتر رد بأن محله فيما يثبت قرآنا قطعا ، أما ما يثبت قرآنا حكما فيكفي فيه الظن كما يكفي في كل ظني على أن إثباتها في المصحف بخطه من غير نكير في معنى التواتر ، وأيضا فقد يثبت التواتر عند قوم دون غيرهم .

لا يقال : [ ص: 480 ] لو كانت قرآنا لكفر جاحدها .

لأنا نقول ولو لم تكن قرآنا لكفر مثبتها ، وأيضا فالتكفير لا يكون بالظنيات .


حاشية الشبراملسي

( قوله : والسبع المثاني ) أي لأنها تثنى في الصلاة [ ص: 479 ] قوله : أي سورة الحمد ) خبر لقوله وقول أنس إلخ ( قوله : لا آلو ) أي لا أقصر بل أجتهد حد الاجتهاد في الاقتداء به صلى الله عليه وسلم وهو بفتح الهمزة الممدودة وضم اللام ( قوله : لتلونه ) أي الحديث ( قوله : واضطرابه ) تفسير ( قوله : عنه ) أي أنس ( قوله فقال ) أي للسائل ( قوله : والبسملة آية أول كل سورة ) وقال النووي في التبيان ما حاصله : وعلى هذا لو أسقط القارئ البسملة في قراءة الأسباع أو الأجزاء لا يستحق شيئا من المعلوم الذي شرطه الواقف ويوجه بأن الواقف إنما شرط لمن يقرأ سورة يس مثلا ، ومن ترك البسملة يصدق عليه أنه لم يقرأ السورة ، المشروطة وقياس ما في الإجارة من أن من استؤجر لعمل فيأتي ببعضه ووقع مسلما للمستأجر استحق القسط من المسمى أنه هنا كذلك ، وقد يفرق بأن مدار الاستحقاق هنا على ما شرطه الواقف وهو لم يوجد فلا يستحق شيئا ( قوله : سوى براءة ) أي فلو أتى بها في أولها كان مكروها خلافا لحج حيث قال بالحرمة ( قوله بخطه ) أي المصحف في الكيفية واللون لا متميزة عنه بلون أو كيفية ( قوله : وتراجم السور ) وإثبات نحو أسماء السور والأعشار من بدع الحجاج ا هـ حج .

ومراده بذلك إثباتها في المصاحف لا أنه اخترع أسماءها لما صح أنها كلها توقيفية ( قوله ولو كانت للفصل ) أي كما يقوله الحنفية ( قوله إنما يثبت بالتواتر ) قال الزركشي في البحر : قال سليم الرازي في التقريب : لا يشترط في وقوع العلم بالتواتر صفات المحدثين ، بل يقع ذلك بأخبار المسلمين والكفار والعدول والفساق والأحرار والعبيد والكبار والصغار إذا اجتمعت الشروط ا هـ .

وعبارة سم في شرح الورقات الصغير وهو : أي التواتر أن يروي جماعة يزيدون على الأربعة كما اعتمده في جمع الجوامع حيث قال : ولا تكفي الأربعة وفاقا للقاضي أي الحسين ، إذ هو المراد عند الإطلاق والشافعية وما زاد عليها صالح ا هـ ولو فساقا وكفارا [ ص: 480 ] وأرقاء وإناثا ، وشملت العبارة الصبيان المميزين ( قوله : فالتكفير لا يكون بالظنيات ) قال حج : ولا بيقيني لم يصحبه تواتر وإن أجمع عليه كإنكار أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب ا هـ .

وقضيته أنه لا فرق بين العالم به وغيره .

حاشية المغربي

[ ص: 479 ] قوله : لتلونه واضطرابه ) أي الخبر

التالي السابق


الخدمات العلمية