صفحة جزء
[ ص: 409 ] ( فصل ) في شروط الإمام الأعظم وبيان طرق الإمامة

وهي فرض كفاية كالقضاء فيأتي فيها أقسامه الآتية من طلب وقبول ، وعقب البغاة بهذا ; لأن البغي خروج على الإمام الأعظم القائم بخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ومن ثم اشترط فيه ما شرط في القاضي وزيادة كما قال ( شرط الإمام كونه مسلما ) ليراعي مصلحة الإسلام وأهله ( مكلفا ) ; لأن غيره مولى عليه فلا يلي أمر غيره .

وروى أحمد خبر { نعوذ بالله من إمارة الصبيان } ( حرا ) ; لأن من فيه رق لا يهاب ، وخبر { اسمعوا وأطيعوا وإن ولي عليكم عبد حبشي } محمول على غير الإمامة العظمى أو للمبالغة خاصة ( ذكرا ) لضعف عقل الأنثى وعدم مخالطتها للرجال وصح خبر { لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة } والخنثى ملحق بها احتياطا فلا تصح ولايته وإن بان ذكرا كالقاضي بل أولى ( قرشيا ) لخبر { الأئمة من قريش } فإن فقد فكناني ثم رجل من بني إسماعيل ثم عجمي على ما في التهذيب أو جرهمي على ما في التتمة ثم رجل من بني إسحاق ( مجتهدا ) كالقاضي وأولى بل حكى فيه الإجماع ، ولا ينافيه قول القاضي : عدل جاهل أولى من فاسق عالم ; لأن الأول يمكنه التفويض للعلماء فيما يفتقر للاجتهاد ; لأن محله عند فقد المجتهدين وكون أكثر من ولي أمر الأمة بعد الخلفاء الراشدين غير مجتهدين إنما هو لتغلبهم فلا [ ص: 410 ] يرد ( شجاعا ) ليغزو بنفسه ويعالج الجيوش ويقوى على فتح البلاد ويحمي البيضة ويعتبر سلامته من نقص يمنع استيفاء الحركة وسرعة النهوض كما دخل في الشجاعة ( ذا رأي ) ليسوس به الرعية ويدبر مصالحهم الدينية والدنيوية قال الهروي : وأدناه أن يعرف أقدار الناس ( وسمع ) وإن ثقل ( وبصر ) وإن ضعف بحيث لم يمنع التمييز بين الأشخاص أو كان أعور أو أعشى ( ونطق ) يفهم وإن فقد الذوق والشم وذلك ليتأتى منه فصل الأمور ( وعدلا ) كالقاضي وأولى . فلو اضطر لولاية فاسق جاز ولذا قال ابن عبد السلام : لو تعذرت العدالة في الأئمة قدمنا أقلهم فسقا ، قال الأذرعي وهو متعين ; إذ لا سبيل لجعل الناس فوضى وألحق بهم الشهود ، فإذا تعذرت العدالة في أهل قطر قدم أقلهم فسقا على ما يأتي ، وتعتبر هذه الشروط في الدوام أيضا إلا العدالة كما مر في الإيصاء وإلا الجنون إذا كان زمن الإفاقة أكثر وتمكن فيه من الأمور ، وإلا قطع يد أو رجل فيغتفر دواما لا ابتداء ، بخلاف قطع اليدين أو الرجلين فلا يغتفر أصلا


حاشية الشبراملسي

[ ص: 409 ] فصل ) في شروط الإمام الأعظم

( قوله : وبيان طرق الإمامة ) أي وما يتبع ذلك مما لو ادعى دفع الزكاة إلى البغاة إلخ ( قوله القائم بخلافة النبوة ) يشعر التعبير بخلافة النبوة أنه إنما يقال للإمام خليفة رسول الله أو نبيه ، وهو موافق لما في الدميري عن أبي بكر من قوله قد قيل لأبي بكر يا خليفة الله فقال لست بخليفة الله بل خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجوز ذلك بعضهم لقوله تعالى { وهو الذي جعلكم خلائف الأرض } ا هـ . والأصح عدم الجواز كما في سم على منهج ، ومثله في العباب .

[ فائدة ] عن أبي حنيفة أنه ليس للسلطان أن يقضي بين خصمين وإنما ذلك لنائبه الخاص . قال الدميري : وهو مذهبنا كما نقله في شرح مسلم . واعترض بأنه ليس فيه في مظانه . واعترض أيضا بأن ثبوت ذلك لنائبه دونه بعيد لا يوافقه قياس إلا أن يرد به نقل صريح .

لا يقال : قد يشتغل عن وظيفته من النظر في المصالح الكلية .

لأنا نمنع ذلك بأن وصول جزئية إليه لطلب حكمه فيها نادر لا يشغل عن ذلك وبفرض عدم ندره يلزمه تقديم تلك على هذه ا هـ حج في آخر الفصل

( قوله : نعوذ بالله ) بدل من : خبر

( قوله : أو للمبالغة ) أي بل وكذا عليها بلا مبالغة حيث كان بالتغلب

( قوله : فإن فقد ) أي بأن لم يوجد من يصلح وإن بعدت مسافته جدا ( قوله : ثم رجل من بني إسماعيل ) شمل ذلك جميع العرب بعد كنانة فهم في مرتبة واحدة

( قوله : أو جرهمي على ما في التتمة ) لم يبين الراجح منهما ، وينبغي أن يكون الراجح الثاني ; لأنهم من العرب في الجملة ، وعبارة حج : لأن جدهما : أي ولد إسماعيل والجرهمية أصل العرب ومنهم تزوج إسماعيل

( قوله : مجتهدا ) أي ولو فاسقا أخذا من قول الشارح ; لأن محله [ ص: 410 ] عند فقد المجتهدين

( قوله : شجاعا ) الشجاعة قوة في القلب عند البأس ا هـ زيادي . وهو مثلث الشين كما في القاموس

( قوله : ويحمي البيضة ) البيضة : جماعة المسلمين ، والأصل والعز والملك ذكره النووي في شرح مسلم ، وفي المختار البيضة واحدة البيض من الحديد ، ثم قال وبيضة كل شيء حوزته ، فلعل ما ذكره النووي معنى عرفي

( قوله : يمنع استيفاء الحركة ) أي لضعف في البدن كفالج ، ويستفاد منه بالأولى ما لو فقدت إحدى يديه أو رجليه ، وسيأتي أن هذا معتبر في الابتداء دون الدوام ( قوله : ويدبر مصالحهم ) عطف تفسير ( قوله : وأدناه أن يعرف أقدار الناس ) أي كأن يعرف من يستحق الرعاية ومن لا يستحقها ويعاملهم بذلك إذا وردوا عليه

( قوله : وألحق بهم الشهود ) ضعيف

( قوله : وتمكن فيه ) أي فلا ينعزل به ( قوله فيغتفر دواما لا ابتداء ) أي فلا ينعزل به

حاشية المغربي

[ ص: 409 ] فصل ) في شروط الإمام الأعظم

( قوله : وإن بان ذكرا ) أي ، فيحتاج إلى تولية بعد التبين كما هو ظاهر ( قوله : من بني إسماعيل ) وهم العرب كما في الروض ( قوله : أو جرهمي على ما في التتمة ) مقدم من تأخير لأن ما بعده من كلام التهذيب كما يعلم من التحفة ، [ ص: 410 ] وجرهم هم الذين تزوج منهم إسماعيل أبو العرب ( قوله : كما دخل في الشجاعة ) في دخوله فيها وقفة ومن ثم جعله الشيخ حج زائدا عليها ( قوله : في الأئمة ) يعني : بأن لم يوجد رجل عدل كما يدل عليه كلام الأذرعي الآتي وكذا كلام التحفة ، وليس المراد بالأئمة هنا خصوص من توفرت فيه الأوصاف فتأمل

التالي السابق


الخدمات العلمية