صفحة جزء
ثم قطع الإسلام ( بنية ) لكفر ويصح عدم تنوينه بتقدير إضافته لمثل ما أضيف إليه ما عطف عليه كنصف وثلث درهم حالا أو مآلا فيكفر بها حالا كما يأتي ، وتسمية العزم نية غير بعيد وتردده في قطعه الآتي ملحق بقطعه تغليظا عليه ( أو ) ( قول كفر ) عن قصد وروية ، فلا أثر لسبق لسان أو إكراه واجتهاد وحكاية كفر ( أو ) ( فعل ) مكفر وسيفصل كلا من هذه الثلاثة وقدم منها القول ; لأنه أغلب من الفعل وظاهر فيشاهد بخلاف النية ولعله حكمة إضافته للكفر بخلاف الأخيرين فاندفع ما قيل ينبغي تأخير القول عن الفعل ; لأن التقسيم فيه ( سواء ) في الحكم عليه عند قوله الكفر ( قاله استهزاء ) كأن قيل له قص أظفارك فإنه سنة ، فقال : لا أفعله وإن كان سنة ، أو لو جاءني بالنبي ما قبلته ما لم يرد المبالغة في تبعيد نفسه أو يطلق ، فإن المتبادر منه التبعيد كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله تعالى تبعا للسبكي في أنه ليس من التنقيص قول من سئل في شيء لو جاءني جبريل أو النبي ما فعلته ( أو عنادا ) بأن عرف أنه الحق باطنا وامتنع أن يقر به ( أو اعتقادا ) وهذه الثلاثة تأتي في النية أيضا وحذف همزة التسوية ، والعطف بأو صحيح إذ هو لغة ، وإن كان الأفصح ذكرها والعطف بأم .

ونقل الإمام عن الأصوليين أن إضمار التورية : أي فيما لا يحتملها كما [ ص: 415 ] هو واضح لا يفيد فيكفر باطنا أيضا لحصول التهاون منه ، وبه فارق قبوله في نحو الطلاق باطنا ( فمن نفى الصانع ) أخذه من قوله تعالى { صنع الله } على مذهب الباقلاني أو الغزالي واستدل له بخبر صحيح { إن الله صنع كل صانع وصنعته } ولا دليل فيه ; لأن الشرط أن لا يكون الوارد على وجه المقابلة نحو { أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } { ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين } وما في الخبر من هذا القبيل ، وأيضا فالكلام في الصانع بأل من غير إضافة ، والذي في الخبر بالإضافة وهو لا يدل على غيره ، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم { يا صاحب كل نجوى أنت الصاحب في السفر } لم يأخذوا منه أن الصاحب من غير قيد من أسمائه تعالى ، فكذا هو لا يؤخذ منه أن الصانع من غير قيد من أسمائه تعالى وفي خبر مسلم { ليعزم في الدعاء فإن الله صانع ما شاء لا مكره له } ، وهذا أيضا من قبيل المضاف أو المقيد نعم صح في حديث الطبراني والحاكم { اتقوا الله فإن الله تعالى فاتح لكم وصانع } وهو دليل واضح للفقهاء هنا ; إذ لا فرق بين المنكر والمعرف ( أو الرسل ) أو أحدهم أو أحد الأنبياء المجمع عليه أو جحد حرفا من القرآن مجمعا عليه كالمعوذتين أو زاد حرفا فيه قد أجمع على نفيه معتقدا كونه منه


حاشية الشبراملسي

( قوله : عن قصد وروية ) تأمل فإن القصد كاف في حصول الردة ، وإن لم يكن عن تأمل ونظر في العواقب ، فلعله أراد بالروية مجرد الاختيار فهو تأكيد ( قوله : أو إكراه واجتهاد ) أي لا مطلقا كما هو ظاهر لما سيأتي من نحو كفر القائلين بقدم العالم مع أنه بالاجتهاد والاستدلال ا هـ سم على حج ( قوله وسيفصل كلا ) أي في قوله فمن نفى إلخ

( قوله : ما لم يرد المبالغة في تبعيد نفسه ) أي فلا كفر ولا حرمة أيضا

( قوله : وحذف همزة التسوية ) أي من قاله

( قوله : أي فيما لا يحتملها ) أي كأن قال الله ثالث ثلاثة وقال أردت غيره [ ص: 415 ]

( قوله : وبه فارق قبوله في نحو الطلاق ) ظاهره فيما يحتمله وما لا يحتمله

( قوله : على مذهب الباقلاني ) أي أنه يجوز أن يطلق عليه سبحانه وتعالى ما لا يشعر بنقص وقوله : أو الغزالي : أي أنه يجوز إطلاق الصفات عليه تعالى وإن لم ترد وهذا حكمة العطف بأو ( قوله : ولا دليل فيه ) أي الحديث

( قوله : من هذا القبيل ) أي وجه المقابلة ( قوله وهو لا يدل على غيره ) أي غير المضاف

( قوله : يا صاحب كل نجوى ) أي كلام خفي لا يطلع عليه

( قوله : ليعزم ) أي يصمم الداعي

( قوله : وهو دليل واضح للفقهاء هنا ) أي في إطلاق الصانع عليه سبحانه وتعالى

( قوله : كالمعوذتين ) بكسر الواو فيه رمز إلى أن سقوطهما من مصحف ابن مسعود رضي الله عنه لا يمنع من دعوى الإجماع على قرآنيتهما

حاشية المغربي

( قوله : الآتي ) وصف لتردده ( قوله : واجتهاد ) أي فيما لم يقم الدليل القاطع على خلافه بدليل كفر نحو القائلين بقدم العالم مع أنه بالاجتهاد ( قوله : وقدم منه القول ) أي في التفصيل ( قوله : وظاهر فيشاهد بخلاف النية ) انظر ما معنى كون القول يشاهد ، وهلا قال بخلاف النية والفعل : أي فإن الفعل ، وإن كان يشاهد إلا أنه ليس أغلب ، مع أن قوله بخلاف الآخرين يقتضي ما ذكرته فليتأمل ( قوله : كأن قيل له قص أظفارك إلخ . ) صريح هذا السياق أن هذا بمجرده استهزاء ولو لم يقصد به استهزاء فليراجع [ ص: 415 ] قوله : وبه فارق قبوله في نحو الطلاق ) انظر الصورة التي لا تقبل التورية في الطلاق ويقبل فيها باطنا ( قوله : أو المقيد ) أي إن نونا ( قوله : كالمعوذتين ) بكسر الواو المشددة بضبطه

التالي السابق


الخدمات العلمية