صفحة جزء
( فصل ) في فروع متعلقة بالسرقة من حيث بيان حقيقتها بذكر ضدها وبالسارق من جهة ما يمنع قطعه وما لا يمنعه ، والحرز من حيث كونه يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ( يقطع مؤجر الحرز ) بسرقته منه مال المستأجر لانتفاء شبهته بانتقال المنافع التي من جملتها الإحراز للمكتري ; إذ الفرض صحة الإجارة ، وبه فارق عدم حده بوطء أمته المزوجة لدوام قيام الشبهة في المحل ، وشمل كلامه ما لو ثبت له الخيار في فسخ الإجارة بإفلاس المستأجر ، وفهم من التعليل أن محل ذلك فيما يستحق إحرازه به وإلا كأن استعمله فيما نهي عنه أو في أضر مما استأجر له لم يقطع ، ويقطع بسرقته منه في مدة الإجارة وبعد انقضاء أمدها كما يصرح به تشبيه ابن الرفعة له بقطع المعير ، وتنظير الأذرعي فيه يحمل على ما لو علم المستأجر بانقضائها واستعمله تعديا ( وكذا ) ( معيره ) يقطع بسرقته من حرزه المعار لغيره ما للمستعير [ ص: 456 ] وضعه فيه لما مر وإن دخل بنية الرجوع وإنما يجوز له الدخول إذا رجع ، ومثله ما لو أعار عبدا لحفظ مال أو رعي غنم ثم سرق مما يحفظه عنده ، فلو أعار قميصا فلبسه فطر المعير الجيب وأخذ المال قطع .

قال الأذرعي : ونقب الجدار كطر الجيب فيما يظهر ( في الأصح ) لانتفاء الشبهة ، وأيضا لاستحقاقه منفعته وإن جاز للمعير الرجوع ، ومن ثم لو رجع وعلم المستعير برجوعه فاستعمله أو امتنع من الرد تعديا لم يقطع نظير ما مر بعد مدة الإجارة ; لأنه صار غاصبا .

والثاني لا يقطع ; لأن له الرجوع عن العارية متى شاء .

والثالث إن دخل بقصد الرجوع عن العارية لم يقطع أو بقصد السرقة قطع .


حاشية الشبراملسي

( فصل ) في فروع متعلقة بالسرقة

( قوله : يختلف باختلاف الأحوال ) كما لو أخرج من بيت دار إلى صحنها حيث يفرق فيه بين كون البابين مفتوحين أو مغلقين أو غير ذلك على ما يأتي

( قوله : يقطع مؤجر الحرز ) أي إجارة صحيحة كما يفيده قوله : إذ الفرض صحة إلخ ، وبه شرح ع ومفهومه أن الإجارة الفاسدة لا يقطع فيها المؤجر .

لا يقال : الإجارة الفاسدة تتضمن الإذن في الانتفاع ، فالقياس أن المؤجر حينئذ كالمعير ; لأنا نقول : لما فسدت الإجارة فسد الإذن الذي تضمنته ، ومن ثم يحرم على المستأجر إجارة فاسدة استعمال العين المؤجرة حيث علم بالفساد

( قوله : لانتفاء شبهته بانتقال المنافع ) أفهم أنه لو فسخ ثم سرق لم يقطع وإن لم يعلم المستأجر بالفسخ ، وسنذكر ما يدل على خلافه

( قوله : واستعمله تعديا ) أي بأن وضع فيه متاعا بعد العلم بانقضاء الإجارة أو امتنع من التخلية بعد طلبها ، بخلاف ما لو [ ص: 456 ] استدام وضع الأمتعة ، ولم يوجد من المالك طلب التخلية ا هـ سم على حج .

وقياس القطع بالأخذ بعد انقضاء مدة الإجارة أنه لو فسخ المؤجر لإفلاس المستأجر ثم سرق قبل علم المستأجر بالفسخ القطع ، وكذا بعد علمه وقبل طلب التخلية فليراجع

( قوله : وإن دخل ) غاية لقوله يقطع ( قوله : وإنما يجوز له الدخول إلخ ) صريح في أنه قبل الرجوع لا يجوز له الدخول ، وسبقه إلى هذا التعبير في شرح الروض ، وقال فيه سم على حج : وقوله : وإنما يجوز إلخ صريح في حرمة الدخول قبل الرجوع ، وهو مشكل لبقاء العين ومنفعتها على ملكه وعدم ملك المستعير المنفعة ، وإنما يملك أن ينتفع ، نعم إن كان على المستعير ضرر بدخوله اتجه توقف جواز الدخول على الرجوع ، ثم بحثت مع م ر في ذلك فأخذ بإطلاق شرح الروض ما لم يعلم رضا المستعير فليتأمل ا هـ .

[ فرع ] قال في شرح البهجة ولو اشترى حرزا وسرق منه قبل قبضه مال البائع ، فإن لم يكن أدى ثمنه قطع ; لأن للبائع حق الحبس حينئذ وإلا فلا ، وقضية التعليل أنه لو كان الثمن مؤجلا لم يقطع وهو ظاهر ا هـ سم على منهج

( قوله : إذا رجع ) أي وعلم المستعير برجوعه كما يأتي وإلا فلا قطع

( قوله : ومثله ) أي في القطع

( قوله : فلو أعار ) كان الأولى ولو إلخ

( قوله : فطر المعير ) أي قطعه ( قوله : وأخذ المال قطع ) قال ع : بلا خلاف ا هـ .

أقول : ولعل وجهه أن في طر الجيب هتكا للحرز فلم ينظر مع ذلك إلى تمكنه من الرجوع ( قوله : وأيضا لاستحقاقه ) اقتصر حج على هذه العلة وهو ظاهر ; لأن ما مر في المؤجر هو انتفاء شبهته بانتقال المنافع إلخ ، والمنافع هنا باقية على ملك المعير

( قوله : لاستحقاقه منفعته ) فيه شيء ا هـ سم على حج ووجهه أنه إنما يستحق الانتفاع به دون المنفعة

( قوله : أو امتنع من الرد ) يؤخذ منه أن الكلام في العارية الصحيحة

( قوله : لم يقطع ) أي المعير .

حاشية المغربي

( فصل ) في فروع متعلقة بالسرقة ( قوله : وإلا كأن استعمله فيما نهي عنه أو في أضر مما استؤجر له لم يقطع ) الظاهر أن مثله في عدم القطع الأجنبي فليراجع ( قوله : واستعمله تعديا ) قال ابن قاسم : كأنه إشارة إلى ما لو أحدث سفلا جديدا بأن أحدث [ ص: 456 ] وضع أمتعة ، بخلاف ما إذا استصحب ما كان ففي هذه إشارة إلى جواز بقاء الأمتعة بعد المدة . ا هـ .

ومحله إن لم يطلب المالك التفريغ كما نبه عليه هو في قولة أخرى ( قوله : إذا رجع ) أي باللفظ كما نبه عليه ابن قاسم ( قوله : نظير ما مر ) هذا إنما مر نظيره في الأولى في حمل تنظير الأذرعي في مسألة الإجارة فعلم رجوع المعير نظير علم [ ص: 457 ] انقضاء المدة ، وأما الثانية فانظر أين مر نظيرها

التالي السابق


الخدمات العلمية