صفحة جزء
( السابع ) من أركانها ( السجود ) مرتين في كل ركعة للكتاب والسنة والإجماع ، وإنما عدا ركنا واحدا لكونهما متحدين كما عد بعضهم الطمأنينة في محلها الأربعة ركنا واحدا لذلك ، وهو في اللغة التطامن والميل ، وقيل التذلل والخضوع ( و ) أما في الشرع ف ( أقله مباشرة بعض جبهته مصلاه ) أي ما يصلي عليه من أرض أو غيرها بكشف إن أمكن لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { إذا سجدت فمكن جبهتك ولا تنقر نقرا } رواه ابن حبان في صحيحه .

ولخبر خباب بن الأرت { شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا } أي لم يزل شكوانا ورواه مسلم بغير جباهنا وأكفنا ، فلو لم تجب مباشرة المصلي بالجبهة لأرشدهم إلى سترها واعتبر كشفها دون بقية الأعضاء لسهولته فيها ولحصول مقصود السجود وهو غاية التواضع والخضوع لمباشرته أشرف ما في الإنسان [ ص: 510 ] لمواطئ الأقدام والنعال من غير حائل واكتفى ببعضها وإن كره لصدق اسم السجود بذلك وخرج بها نحو الجبين وهو جانبها والخد والأنف لأن ذلك ليس في معناها .

أما إذا اضطر لسترها بأن يكون بها نحو جرح به عصابة تشق إزالتها عليه مشقة شديدة وإن لم تبح التيمم فيما يظهر كما مر في العجز عن القيام فيصح السجود عليها ولا تلزمه إعادة إلا إن كان تحتها نجس غير معفو عنه ، ولو سجد على شعر نبت بجبهته أو بعضها جاز مطلقا كما هو المنقول المعتمد خلافا لما بحثه الإسنوي في الثانية لأن ما نبت عليها بمنزلة بشرته .


حاشية الشبراملسي

( قوله : لكونهما متحدين ) فإن قلت : يخالف هذا عدهما في شروط القدوة ركنين في مسألة الزحمة ومسألة التقدم والتأخر .

قلت : لا مخالفة لأن المدار ثم على ما يظهر به فحش المخالفة ، وهي تظهر بنحو الجلوس وسجدة واحدة فعدا ركنين ثم والمدار هنا على الاتحاد في الصورة فعدا ركنا واحدا ثم ما ذكر توجيه للراجح ، وإلا ففي المسألة خلاف كما صرح به قول حج ، وجعل المصنف السجدتين ركنا واحدا هو ما صححه في البيان والموافق لما يأتي في مبحث التقدم والتأخر أنهما ركنان وهو ما صححه في البسيط ا هـ ( قوله : لذلك ) أي لاتحادهما ( قوله : التضامن والميل ) عطف تفسير والركوع لغة قريب منه لأنهم فسروه كما ذكره حج بالانحناء فيشارك السجود في حصول الميل ( قوله : وقيل التذلل والخضوع ) عطف الخضوع على التذلل عطف تفسير وعبارة المصباح سجد سجودا تطامن وكل شيء ذل فقد سجد ا هـ .

وهي صريحة في أن ما حكاه الشارح من القولين ليس مرادا بل هما قول واحد ، وهو أن السجود ومعناه لغة التطامن حسيا كان أو معنويا ، فإن قوله وكل شيء ذل يفهم أنه داخل في معنى ما قبله ( قوله : مباشرة بعض جبهته ) ويتصور السجود على البعض بأن يكون السجود على عود مثلا ، أو يكون بعضها مستورا فيسجد عليه مع المكشوف منها ( قوله : بكشف إن أمكن ) أي سهل بحيث لا يناله به مشقة لا تحتمل عادة أخذا مما يأتي ( قوله : ولا تنقر نقرا ) عبارة الشيخ عميرة : { إذا سجدت فمكن جبهتك من الأرض ولا تنقر نقر الغراب } ا هـ فلعلهما روايتان .

وقوله نقرا مصدر مؤكد لأن المصادر ثلاثة : إما مصدر مؤكد لفعله كهذا ، أو مبين لنوعه كضربته ضرب الأمير ، أو مبين لعدده كضربته ضربتين أو ثلاثا ( قوله : حر الرمضاء ) الرمض بفتحتين شدة وقع الشمس على الرمل وغيره ، والأرض رمضاء بوزن حمراء ، وقد رمض يومنا اشتد حره وبابه طرب ا هـ مختار ( قوله : أي لم يزل شكوانا ) أشار به إلى أنه من

[ ص: 510 ] أشكى والهمزة فيه للسلب .

قال في المختار وأشكاه أيضا أعتبه من شكواه ونزع عن شكايته وأزاله عما يشكوه ( قوله : وإن كره ) أي الاقتصار على البعض ( قوله وهو جانبها ) والمراد به ما ينحدر عن سطح الجبهة من الجانبين حج ( قوله : أما إذا اضطر لسترها ) محترز قوله بكشف إن أمكن ( قوله وإن لم تبح التيمم فيما يظهر ) خلافا لحج ونقل سم على منهج عن شرح الإرشاد لحج ما يوافق كلام الشارح ( قوله : إلا إن كان تحتها نجس غير معفو عنه ) فتلزمه الإعادة لكنها ليست لمجرد الستر بل للنجاسة فلا حاجة للاستثناء ( قوله : بجبهته أو بعضها ) أي وإن طال كما اقتضاه إطلاقهم ا هـ حج ( قوله : جاز مطلقا ) أي سواء أمكن السجود على الخالي منه أم لا ، وسواء طال أو قصر ( قوله : خلافا لما بحثه الإسنوي ) وخرج به الشعر النازل من الرأس فلا يكفي السجود عليه ، ومثله شعر اللحية واليدين تحرك بحركته أم لا ما عدا شعر الجبهة .

حاشية المغربي

[ ص: 509 ] ( قوله : من قوله صلى الله عليه وسلم { إذا سجدت فمكن جبهتك } ) هذا الدليل أخص من المدعي كما لا يخفى ، فالمناسب ذكره بعد ذكر الطمأنينة الآتي

التالي السابق


الخدمات العلمية