صفحة جزء
( وكذا ) ( نفس قصدها كافر ) محترم أو مهدر فيجب الدفع عنها ; لأن الاستسلام له ذل في الدين ومقتضاه اعتبار كون المصول عليه مسلما ، ووجوب الدفع عن الذمي إنما يخاطب به الإمام لا الآحاد لاحترامه ، ووجهه امتناع تسلط الكافر على المسلم بالقتل ولو مهدرا ( أو بهيمة ) لأنها تذبح لاستبقاء المهجة فكيف يستسلم لها ( لا مسلم ) محترم وإن لم يكن مكلفا فلا يجب دفعه ( في الأظهر ) بل يسن الاستسلام لخبر { كن خير ابني آدم } ولذا استسلم عثمان رضي الله عنه وقال لعبيده وكانوا أربعمائة : من ألقى سلاحه فهو حر .

وقوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } مفروض في غير قتل يؤدي إلى شهادة من غير ذل ديني كما هنا ، وكأنهم إنما لم يعتبروا الاستسلام في القن بناء على شمول ما مر من وجوب الدفع تغليبا لشائبة المال المقتضية لإلغاء النظر للاستسلام إذ هو إنما يكون من مستقل ، أما غير المحترم كزان محصن وتارك صلاة وقاطع طريق تحتم قتله فكالكافر .

والثاني يجب دفعه ، وبحث الأذرعي وجوب الدفع عن عضو عند ظن السلامة ، وعن نفس ظن بقتلها مفاسد في الحريم والمال ( والدفع عن غيره ) مما مر بأنواعه سواء في الآدمي المسلم المحترم والذمي ( كهو عن نفسه ) جوازا ووجوبا حيث أمن على نفسه .

نعم لو صال حربي على حربي لم يلزم [ ص: 26 ] المسلم دفعه عنه وإن لزمه دفعه عن نفسه ، ولو كان معه وديعة فصال عليها آخر لزمه الدفع عنها لالتزامه حفظها ، بل جزم الغزالي بوجوبه عن مال غيره مطلقا مع إمكانه بلا مشقة بدن أو خسران مال أو نقص جاه .

قال : وهو أولى من وجوب رد سلام ووجوب شهادة يعلمها ، ولو تركهما ضاع المال المشهود به ، وقد تمنع الأولوية بأن ترك الرد والأداء يورث عادة ضغائن مع انتفاء المشقة فيهما بوجه بخلاف ما هنا ( وقيل يجب ) الدفع عن الغير إذا كان آدميا محترما ، ولم يخش على نفسه ( قطعا ) ; لأن له الإيثار بحق نفسه دون حق غيره ، ومحل الخلاف في غير النبي ، أما هو فيجب الدفع عنه قطعا وفي غير الإمام ونوابه لوجوب ذلك عليهم قطعا ، وبحث البلقيني عدم سقوط الوجوب بالخوف على نفسه في قتال الحربيين والمرتدين ولا يختص الخلاف بالصائل ، بل كل من أقدم على محرم فللآحاد منعه خلافا للأصوليين ، حتى لو علم شرب خمر أو ضرب طنبور في بيت شخص فله الهجم عليه وإزالة ذلك ، فإن أبى قاتلهم ولو أدى ذلك إلى قتلهم لم يضمن ويثاب على ذلك ، وظاهر أن محل ذلك عند أمنه فتنة من ظالم جائر ; لأن التغرير بالنفس والتعرض لعقوبة ولاة الجور ممنوع


حاشية الشبراملسي

( قوله : وكذا نفس ) سيأتي في الجهاد فيما إذا دخل الكافر بلادنا قوله : فمن قصد دفع عن نفسه بالممكن إن علم أنه إن أخذ قتل وإن جوز فله أن يستسلم ا هـ .

فلم يوجب دفع الكافر في صورة تجويز الأسر فلعل هذا مستثنى مما هنا ا هـ سم على حج : أي أو يصور ما هنا بما إذا علم من الكافر أنه يريد قتله ( قوله : ذل في الدين ) أي والحال ما ذكر من أن الصائل كافر ا هـ سم على حج ( قوله : ومقتضاه اعتبار كون إلخ ) معتمد ( قوله : ووجهه ) أي وجه التخصيص بالمسلم ( قوله : من غير ذل ديني كما هنا ) إذ لا شهادة وقضيته وجوب المسلم وهو غير مراد ( قوله : له ) متعلق بشمول ( قوله وتارك صلاة ) أي بعد أمر الإمام ( قوله : فكالكافر ) أي فلا يجب الدفع عنه ، ويجب دفعه عن المسلم ا هـ سم على حج ( قوله : وجوب الدفع عن عضو ) إن كان هذا مفروضا إذا كان الصائل مسلما فيؤخذ منه الوجوب إذا كان كافرا أو بهيمة بالأولى ا هـ سم على حج ( قوله وعن نفس ظن بقتلها مفاسد في الحريم ) ومن ذلك ما يقع في قرى مصر من تغلب بعضهم على بعض فيجب على من قصد أن يدفع عن نفسه وحرمه حيث أمكن الدفع ( قوله : كهو عن نفسه ) قد يقتضي أنه يجب الدفع عن مال الغير إذا كان مرهونا أو مؤجرا كما في مال نفسه كما تقدم ، والظاهر عدم الوجوب ; لأنه بالنسبة لمالكه مال الغير ، وبالنسبة للمرتهن لا يزيد على ملكه الذي لا يجب الدفع عنه ، وإنما وجب الدفع عن مال نفسه المرهون أو المؤجر لتوجه حق الغير عليه ، وهذا لم يتوجه الحق عليه بل على مالك ذلك المال ، ويحتمل خلافه فليتأمل ا هـ سم على حج .

وهو ظاهر إن كان المراد أنه مرهون عند غير الدفع ، أما إن كان مرهونا تحت يد الدافع فقد يقال بوجوب الدفع ; لأنه التزم حفظه بقبضه فأشبه الوديعة التي في يده الآتية ( قوله نعم لو صال ) عبارة [ ص: 26 ] حج : كافر على كافر ، وكتب عليه سم عبارة م ر : ولو صال حربي إلخ ، وهو أوجه ; لأن الأوجه وجوب دفع الكافر عن الذمي خصوصا إذا أراد قتله ; لأنه لا ينقص عن حمار والحمار يجب دفع من يريد قتله حتى مالكه م ر ا هـ سم على حج ، هذا مخالف لما مر في قول الشارح ووجوب الدفع عن الذمي إلخ إلا أن يحمل ما هنا على ما مر ( قوله : بل جزم الغزالي إلخ ) ضعيف ( قوله : وقد تمنع الأولوية ) معتمد .

( قوله : بخلاف ما هنا ) هذا تحكم بل مكابرة واضحة ا هـ سم على حج : أي وذلك ; لأن صاحب المال إذا علم أن غيره قدر على دفع أخذه بلا مشقة بوجه يتألم بذلك أشد من تألمه بعدم رد السلام عليه ، ومن عدم أداء الشهادة له لإمكان الوصول إلى حقه بدون أدائه باحتمال أن من عليه الحق يقر عند عرض اليمين عليه مثلا ( قوله : فيجب الدفع عنه ) أي ولو ميتا فيمنع من يتعرض له بالسب ( قوله : وبحث البلقيني إلخ ) ضعيف ( قوله : بالخوف على نفسه ) أي الدافع ( قوله : والتعرض ) عطف تفسير

حاشية المغربي

[ ص: 25 ] ( قوله : لاحترامه ) انظر هو تعليل لماذا فإن كان تعليلا للدفع عن النفس فكان ينبغي عطفه على التعليل الأول ( قوله وبحث الأذرعي وجوب الدفع عن عضو إلخ ) أي لأنه لا شهادة فيه يجوز لها الاستسلام ( قوله : حيث أمن على نفسه ) قيد في الوجوب كما علم مما مر [ ص: 26 ] قوله : بخلاف ما هنا ) فيه أن فرض كلام الغزالي أنه لا مشقة .

وأما عدم الضغائن فممنوع

التالي السابق


الخدمات العلمية