صفحة جزء
ولما كان شأن فروض الكفاية مبهما لكثرتها وخفائها ذكر منها جملة في أبوابها ، ثم استطرد منها جملة أخرى هنا فقال ( ومن فروض الكفاية القيام بإقامة الحجج ) العلمية والبراهين القاطعة في الدين على إثبات الصانع ، وما يجب له من الصفات ، وما يستحيل عليه منها والنبوات وصدق الرسل وما أرسلوا به من الأمور الضرورية والنظرية ( وحل المشكلات في الدين ) [ ص: 47 ] لتندفع الشبهات وتصفو الاعتقادات عن تمويهات المبتدعين ومعضلات الملحدين ، ولا يحصل كمال ذلك إلا بإتقان قواعد علم الكلام المبنية على الحكميات والإلهيات ومن ثم قال الإمام : لو بقي الناس على ما كانوا عليه في صفوة الإسلام لما أوجبنا التشاغل به ، وأما الآن فقد ثارت البدع ولا سبيل إلى تركها تلتطم فلا بد من إعداد ما يدعى به إلى طريق الحق ، وتحل به الشبهة ، فصار الاشتغال بأدلة المعقول وحل الشبهة من فروض الكفاية .

قال الغزالي : الحق أنه لا يطلق مدحه ولا ذمه ففيه منفعة ومضرة ، فباعتبار منفعته أوقت الانتفاع حلال أو مندوب أو واجب ، وباعتبار مضرته وقت الإضرار حرام ، ويجب على من لم يرزق قلبا سليما أن يتعلم أدوية أمراض القلب من كبر وعجب ورياء ونحوها كما يجب كفاية تعلم علم الطب


حاشية الشبراملسي

( قوله : وحل المشكلات ) يظهر أن المشكل الأمر [ ص: 47 ] الذي يخفى إدراكه لدقته ، والشبهة الأمر الباطل الذي يشتبه بالحق ، ولا يخفى أن القيام بالحجج غير حل المشكل ، وأنه يقدر على الأول من لا يقدر على الثاني ا هـ سم على منهج ( قوله : وتصفو ) أي تخلص ( قوله : ومعضلات ) أي مشكلات ( قوله : في صفوة الإسلام ) أي في النورانية التي كانت حاصلة في ابتداء الإسلام قبل الاشتغال بما يفسد قلوبهم وأحوالهم ( قوله : أنه لا يطلق مدحه ) أي علم الكلام ( قوله : أن يتعلم أدوية أمراض القلب ) وقد بينها رحمه الله في إحياء علوم الدين بما لا مزيد عليه فليراجع من أراد ( قوله : من كبر ) بيان للأمراض

حاشية المغربي

( قوله : من الأمور الضرورية ) [ ص: 47 ] أي والضروري قد يقام عليه الدليل كما نبه عليه ابن قاسم

التالي السابق


الخدمات العلمية