صفحة جزء
كتاب الصيد أفرده لأنه مصدر ( والذبائح ) جمع ذبيحة وجمعها لأنها تكون بالسكين وبالسهم وبالجوارح ، والأصل فيه قوله تعالى { أحل لكم صيد البحر } وقوله { إلا ما ذكيتم } وقوله { وإذا حللتم فاصطادوا } ومن السنة ما سنذكره ، والرافعي ذكر هنا الصيد والذبائح والأطعمة والنذر فتبعه المصنف هنا وفاقا للمزني وأكثر الأصحاب ، وخالفه في الروضة فذكرها في آخر ربع العبادات لأن طلب الحلال فرض عين .

وأركان الذبح بالمعنى الحاصل بالمصدر أربعة ذبح وذابح وذبيح وآلة ( ذكاة الحيوان المأكول ) البري المطلوبة شرعا لحل أكله تحصل ( بذبحه في حلق ) وهو أعلى العنق ( أو لبة ) بفتح اللام وهي أسفله ( إن قدر عليه ) بالإجماع ، وروى الدارقطني والبيهقي عن [ ص: 112 ] أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بديلا يصيح في فجاج منى : ألا إن الذكاة في الحلق واللبة } فلا يحل شيء من الحيوان المأكول من غير ذكاة ( وإلا ) أي وإن لم يقدر عليه ( فبعقر مزهق حيث كان ) والكلام في الذبح استقلالا ، فلا يرد الجنين لأن ذبحه بذبح أمه تبعا لخبر { ذكاة الجنين ذكاة أمه }


حاشية الشبراملسي

[ ص: 111 ] كتاب الصيد والذبائح ( قوله : مصدر ) أي في الأصل ، وإلا فهو هنا بمعنى المصيد فيجمع على صيود ( قوله : وأركان الذبح بالمعنى إلخ ) أي وهو الانذباح الذي هو أثر الفعل الحاصل في المذبوح ، والمراد بكونها أركانا له أنه لا بد لتحققه منها وإلا فليس واحد منها جزءا منه ( قوله : أو لبة ) لو شك بعد وقوع الفعل منه هل هو محلل أو محرم فهل يحل ذلك أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأن الأصل وقوعه على الصفة المجزئة ، وفي حاشية شيخنا الزيادي قوله فيه حياة مستقرة إلخ ، وفي اشتراط بقاء الحياة المستقرة إلى تمام الذبح خلاف ، وقد نقل الشيخان عن الإمام وأقره أنها لو كانت فيه عند ابتداء قطع المريء ولما قطعه مع بعض الحلقوم انتهى إلى حركة مذبوح لما ناله بقطع القفا حل ، لأن أقصى ما وقع التقييد به وجودها في الابتداء ، وقد أشار الشارح إلى هذا بقوله أوله ثم قال بعد ذلك يجب أن يسرع الذابح في الذبح ، فلو تأنى بحيث ظهر انتهاء الشاة قبل تمام قطع المذبح إلى حركة مذبوح لم يحل .

قال الرافعي : وهذا يخالف ما مر من أن الشرط وجودها في الابتداء ، فيشبه أن يكون المقصود هنا إذا تبين مصيره [ ص: 112 ] إلى حركة مذبوح وهناك إذا لم يتبين .

وقال النووي : هذا خلاف ما سبق تصريح الإمام به ، بل الجواب أن هذا مقصر بالتأني بخلاف الأول ا هـ ( قوله : بعث بديلا ) هو بديل بن ورقاء الخزاعي كما في المنتقى لابن تيمية ولفظه عن أبي هريرة قال { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى : ألا وإن الذكاة في الحلق واللبة ، ولا تعجلوا الأنفس أن تذهب ، وأيام منى أيام أكل وشرب وبعال } رواه الدارقطني ا هـ . وقد ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة في القسم الأول من الذين لهم صحبة ، وذكر بعض الحديث المذكور من طرق أخرى ( قوله : في فجاج منى ) أي نواحيها ( قوله : ألا إن الذكاة في الحلق ) أي لما قصر عنقه ، واللبة : أي لما طال عنقه ، والمراد أن هذا هو الأولى ( قوله : فلا يرد الجنين ) ومثل الجنين جنين في بطنه إن تصور ( قوله ذكاة أمه ) هو بالرفع : يعني أن الذكاة التي أحلت أمه أحلته ويجوز نصبه بنزع الخافض وهو الباء لا الكاف كما تقوله الحنفية

حاشية المغربي

[ ص: 111 ] كتاب الصيد والذبائح ( قوله : أفرده لأنه مصدر ) أي إما على ظاهره وإما بمعنى اسم المفعول وهو المناسب للذبائح ، فإفراده حينئذ نظرا للفظه ، لكن الظاهر أن مراد الشارح الأول بدليل قوله لأنها تكون بالسكين وبالسهم وبالجوارح فقد استعمل الذبائح فيما يعم المصيدات ، وعليه فكان ينبغي في الترجمة باب الصيد والذبح والذبائح ، أو باب الذبح : أي الشامل للصيد نظير ما صنع الشارح في الذبائح فتأمل ( قوله : لأنها ) أي الذبيحة : أي ذبحها ( قوله : لأن طلب الحلال فرض عين ) هذا كما يحسن مناسبة لذكرها هناك يحسن أيضا مناسبة لذكرها عقب الجهاد ، والذي يظهر أن صاحب الروضة إنما ذكرها هناك لمناسبة الأضحية للهدي لاشتراكهما في أكثر الأحكام ، ومن ثم ذكرها عقبه قبل الصيد والذبائح ( قوله : بالمعنى الحاصل بالمصدر ) أي الانذباح ، وإنما فسره بهذا ليفارق الذبح الآتي الذي هو أحد الأركان لئلا يلزم اتحاد الكل والجزء ( قوله : وروى الدارقطني والبيهقي ) أي بإسناد فيه ضعف كما نبه عليه [ ص: 112 ] الأذرعي ، لكن رواه الشافعي موقوفا على ابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم .

قال الأذرعي : ولا نعلم لهما مخالفا من الصحابة ( قوله : والكلام في الذبح استقلالا ) الأصوب والكلام في الزكاة إلخ ( قوله لأن ذبحه بذبح أمه ) عبارة التحفة : لأن الشارع جعل ذبح أمه زكاته

التالي السابق


الخدمات العلمية