صفحة جزء
( التاسع والعاشر والحادي عشر ) من أركانها ( التشهد ) سمي به لاشتماله على الشهادتين من باب تسمية الشيء باسم جزئه ( وقعوده ) إذ كل من أوجبه أوجب القعود له ( والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) في آخره والقعود لها ( فالتشهد وقعوده إن عقبهما سلام ) فهما ( ركنان ) فشمل نحو الصبح .

والأصل في وجوب التشهد ما صح عن ابن مسعود [ ص: 520 ] { كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد : السلام على الله قبل عباده ، السلام على جبريل ، السلام على ميكائيل ، السلام على فلان فقال صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام ، ولكن قولوا التحيات لله } إلى آخره فالتعبير بالفرض والأمر ظاهران في الوجوب ، وأما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم والجلوس لها فسيأتي الكلام عليهما ( وإلا ) أي وإن لم يعقبهما سلام ( فسنتان ) للأخبار الصحيحة في ذلك ، والصارف عن وجوبهما خبر الصحيحين { أنه عليه الصلاة والسلام قام من ركعتين من الظهر ولم يجلس ، فلما قضى صلاته كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل السلام ثم سلم } فدل عدم تداركهما على عدم وجوبهما ( وكيف قعد ) في جلسات صلاته ( جاز ) ولكن ( يسن في ) جلوس تشهده ( الأول الافتراش فيجلس على كعب يسراه ) بحيث يلي ظهرها الأرض ( وينصب يمناه ) أي قدمها ( ويضع أطراف أصابعه ) أي بطونها على الأرض ورءوسها ( للقبلة ) لما صح من فعله صلى الله عليه وسلم وتربعه عليه الصلاة والسلام بيان للجواز .


حاشية الشبراملسي

( قوله : إذ كل من أوجبه ) أي التشهد ( قوله : عقبهما ) بابه قتل كما في المصباح ( قوله : فهما ركنان ) أشار به إلى أن في كلام المصنف [ ص: 520 ] حذف الفاء من جواب الشرط الأسمى وهو قليل كما صرح به الأشموني عن ابن الناظم وبأن المبرد أجازه في الاختيار .

وقد يقال : إن في كلام المصنف تقديما وتأخيرا .

والأصل فالتشهد وقعوده ركنان إن عقبهما سلام وعلى هذا لا تجوز الفاء ، وفي بعض النسخ فركنان وهي ظاهرة ( قوله : كنا نقول ) انظر هل كانوا يقولون ذلك على سبيل الندب أو الوجوب ، وهل كان ذلك على سبيل التبرع من عند أنفسهم أو بأمر منه صلى الله عليه وسلم ، وهل الجلوس الذي كانوا يفعلونه في الآخر واجب أو مندوب ( قوله : قبل أن يفرض علينا ) استفيد منه أن فرض التشهد متأخرا عن فرض الصلاة ، وحينئذ فصلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم كان الجلوس فيها مستحبا أو واجبا بغير ذكر رملي ا هـ زيادي .

وانظر في أي سنة فرض .

ثم رأيت في حاشية الشيخ شهاب الدين القليوبي عن المحلي ما نصه : قوله كنا نقول قبل إلخ : أي قبل السنة الثانية من الهجرة في الجلوس الأخير كما هو الظاهر أو المتعين ا هـ .

أقول : وهذا بحث منه ولا دخل للبحث في مثله ، وقول شيخنا الزيادي بغير ذكر قد يقال ليس في الحديث ما يدل على عدم وجوب ذكر ألبتة ، وإنما يدل على عدم خصوص التشهد وهو لا ينافي أن ثم ذكرا غيره واجبا ( قوله قبل عباده ) انظر هل كانت من جمعة صيغتهم التي يأتون بها أو المراد منها أنهم كانوا يقولون السلام على الله فقط ثم يسلمون على غيره ، والأقرب هو الثاني ( قوله : فالتعبير بالفرض ) أي في قوله قبل أن يفرض والأمر في قوله ولكن قولوا إلخ ( قوله : والجلوس لها ) لم يجعل المصنف لجلوس الصلاة حكما مستقلا ، فلعله أدرجه في قعود التشهد لعدم تميزه عنه خارجا ولاتصاله به ( قوله : فلما قضى صلاته ) أي فرغ مما يطلب قبل السلام بدليل قوله بعد قبل السلام ( قوله : وكيف قعد جاز ) قال الشيخ عميرة بالإجماع ( قوله فيجلس ) الفاء للتفسير فهي بمنزلة أن يقول بأن يجلس على إلخ ( قوله : ويضع أطراف أصابعه ) هذه المسنونات هل تسن لمن لا يحسن التشهد أيضا ؟ الوجه نعم ، وهل تسن للمصلي مضطجعا إن أمكن ؟ الوجه نعم أيضا لأن الميسور لا يسقط بالمعسور وللتشبه بالقادرين ا هـ سم على منهج .

وفيه على حج : هل يطلب ما يمكن من هذه الأمور في حق من صلى مضطجعا أو مستلقيا أو أجرى الأركان على قلبه ؟ فيه نظر ، والمتجه طلب ذلك والمتجه أيضا طلب وضع يمينه على يساره

[ ص: 521 ] تحت صدره حال قراءته في حالتي الاضطجاع والاستلقاء أيضا ا هـ .

والمراد بقوله هذه المسنونات ما يشمل ما يأتي من قوله ويقبض من يسراه إلخ .

حاشية المغربي

( قوله فهما ) لا يخفى أن تقدير هذا في كلام المصنف يفيد أن قوله ركنان خبر مبتدأ محذوف ، والجملة [ ص: 520 ] منهما جواب الشرط ، وهو وجوابه خبر قوله والتشهد وقعوده ، وظاهر أنه غير متعين بل المتبادر أن قوله ركنان هو خبر قوله والتشهد وقعوده وجواب الشرط محذوف دل عليه الخبر ( قوله : والأمر ) بالرفع عطف على قوله والتعبير كما يدل عليه التثنية في قوله ظاهران ، وأيضا ، فإنه لم يقع التعبير في الخبر بمادة الأمر

التالي السابق


الخدمات العلمية