صفحة جزء
ويسن فتح عينيه في السجود ليسجد البصر ، قاله صاحب [ ص: 547 ] العوارف وأقره الزركشي وغيره ( و ) يسن ( الخشوع ) قال تعالى { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون } فيستحب ذلك في جميع صلاته بقلبه بأن لا يحضر فيه غير ما هو فيه وإن تعلق بالآخرة وبجوارحه بأن لا يعبث بأحدها ، وظاهر أن هذا مراده لأنه سيذكر الأول بقوله : وفراغ قلب ، وفي الآية المراد كل منهما كما هو ظاهر أيضا ، وذلك لثناء الله تعالى على فاعليه ولانتفاء ثواب الصلاة بانتفائه كما دلت عليه الأخبار الصحيحة ، ولأن لنا وجها اختاره جمع أنه شرط للصحة لكن في البعض . وقد اختلفوا هل الخشوع من أعمال الجوارح كالسكون ؟ أو من أعمال القلوب كالخوف ؟ أو هو عبارة عن المجموع على أقوال العلماء .

وقال صلى الله عليه وسلم { ما من عبد يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيركع ركعتين يقبل عليها بقلبه ووجهه إلا وقد أوجب الله له الجنة } رواه أبو داود { ورأى صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه } فلو سقط نحو ردائه أو طرف عمامته كره له تسويته إلا لضرورة كما في الإحياء .


حاشية الشبراملسي

( قوله : ليسجد البصر ) أقول : وقد يقال قياسه سن فتحهما في الركوع ليركع البصر فليتأمل ا هـ سم على منهج .

وما ذكر ظاهر في البصير .

أما الأعمى فينبغي عدم سن ذلك في حقه لأنه لا فائدة فيه ، ويمكن الفرق بينه وبين تصويره بصورة البصير في النظر لموضع [ ص: 547 ] السجود بأن ذلك أقرب للخشوع ، لأنه إذا صور نفسه بصورة من ينظر لموضع سجوده كان أدعى لقلة الحركة في حقه ، بخلاف ما هنا فإن تصويره بصورة البصير يستدعي تحريك الأجفان ليحصل فتح عينيه والاشتغال به مناف للخشوع ( قوله : غير ما هو فيه ) أي وهو الصلاة ( قوله وإن تعلق بالآخرة ) هذا قد يشكل عليه استحباب كثرة الدعاء في السجود والركوع والاستغفار وطلب الرحمة إذا مر بآية استغفار أو رحمة ، والاستجارة من العذاب إذا مر بآية عذاب إلى غير ذلك مما يحمل على طلب الدعاء في صلاته ، فإن ذلك قرع عن التفكر في غير ما هو فيه ، ولا سيما إذا كان الدعاء بطلب أمر دنيوي ، اللهم إلا أن يقال : إن هذا نشأ من التسبيح والدعاء المطلوبين في صلاته أو القراءة فليس أجنبيا عما هو فيه ( قوله : على فاعليه ) أي الخشوع ( قوله : كالسكون ) أفاد أنه من أعمال الجوارح ، ووجهه أن السكون الذي يخاطب به هو الكف عن الحركة والكف لا شك أنه فعل ( قوله : أو هو عبارة عن المجموع ) الذي قدمه هو الثالث فهو الراجح ( قوله ووجهه ) أي جملته بأن لا يشغل شيئا من جوارحه بغير المطلوب منه في صلاته ( قوله : إلا وقد أوجب الله له الجنة ) أي أثبتها له ، وفي سم على منهج : وفيه أيضا في آخر حديث { إن قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو أهل له وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه } ا هـ ( قوله : إلا لضرورة ) ومنها خوف الاستهزاء به .

حاشية المغربي

( قوله : ويسن فتح عينيه في السجود ليسجد البصر ) لا يخفى أن المراد هنا بالبصر محله بأن لا يكون بينه وبين محل السجود حيلولة بالجفن ، وإلا فالبصر معنى من المعاني لا يتصف بالسجود ، وإذا كان كذلك ، فلا فرق في ذلك بين الأعمى ، والبصير ، بل إلحاق الأعمى بالبصير هنا أولى من إلحاقه به في النظر إلى محل السجود في القيام ونحوه ، إذ الحكمة في نظر محل السجود كما قالوه منع البصر من الانتشار ، وهو منتف في الأعمى ، فإذا ألحقوه به [ ص: 547 ] ثم فهنا أولى فما في الحاشية للشيخ من نفي إلحاقه به هنا ، والفرق بينه وبين ما مر في غاية البعد ( قوله : أن هذا ) أي خشوع الجوارح ( قوله : وذلك لثناء الله تعالى على فاعليه ) لا يخفى أن هذا وجه الدلالة من الآية المتقدمة فليس دليلا مستقلا وإن أوهمه سياقه ، فقوله ولانتفاء كمال ثواب الصلاة بانتفائه معطوف في المعنى على قوله قال تعالى إلخ لا على قوله ، وذلك كما هو ظاهر ( قوله : في البعض ) أي بعض الصلاة ، فيشترط في هذا الوجه حصوله في بعضها فقط وإن انتفى في الباقي

التالي السابق


الخدمات العلمية