صفحة جزء
قوله ( ولا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الزوال ) مراده : إذا لم يخف فوت رفقته . فإن خاف فوتهم جاز ، قاله المصنف ، والشارح ، والمجد ، وأبو الخطاب ، وغيرهم من الأصحاب . وقد تقدم ما يعذر فيه في ترك الجمعة والجماعة . [ ص: 374 ] فإذا لم يكن عذر لم يجز السفر بعد الزوال ، حتى يصلي ، على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب ، بناء على استقرارها بأول وقت وجوبها . قال في الفروع : فلهذا خرج الجواز مع الكراهة ما لم يحرم ; لعدم الاستقرار . قوله ( ويجوز قبله ) يعني وبعد الفجر ; لأنه ليس بوقت للزوم على الصحيح ، على ما يأتي . وهذا المذهب ، قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب ، قال في مجمع البحرين : هذا أصح الروايات ، واختاره المصنف ، وابن عبدوس في تذكرته . وقدمه في المستوعب ، والفائق ، والنظم ، وعنه لا يجوز . جزم به في الوجيز ، والمنور . وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، وشرح ابن رزين ، وإدراك الغاية . وصححه ابن عقيل . وعنه يجوز للجهاد خاصة . جزم به في الإفادات ، والكافي وقدمه في الشرح . قال في المغني : وهو الذي ذكره القاضي . وهذا يكون المذهب على ما أسلفناه في الخطبة ، وأطلقهن في الهداية ، والمذهب . ومسبوك المذهب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والبلغة ، وابن تميم ، والحاويين ، وشرح الطوفي ، والفروع . وأطلق في الكافي في غير الجهاد الروايتين ، وقال الطوفي في شرحه : قلت ينبغي أن يقال : لا يجوز له السفر بعد الزوال أو حين يشرع في الأذان لها ، لجواز أن يشرع في ذلك في وقت صلاة العيد ، على الصحيح من المذهب ، ولا نزاع في تحريم السفر حينئذ . لتعلق حق الله بالإقامة وليس ذلك بعد الزوال . انتهى .

تنبيهات الأول : هذا الذي قلنا من ذكر الروايات هو أصح الطريقتين ، أعني أن محل الروايات : فيما إذا سافر قبل الزوال وبعد طلوع الفجر . وعليه أكثر [ ص: 375 ] الأصحاب . وهو ظاهر ما قطع به المصنف هنا ; لأنه ليس وقت وجوبها ، على ما يأتي قريبا . قال المجد : الروايات الثلاث مبنية على أن الجمعة بالزوال ، وما قبله وقت رخصة وجواز ، لا وقت وجوب ، وهو أصح الروايتين ، وعنه تجب بدخول وقت جوازها . فلا يجوز السفر فيه قولا واحدا . انتهى وقدمه في الفروع ، وابن تميم ، وقال : وذكر القاضي في موضوع : منع السفر بدخول وقت فعل الجمعة ، وجعل الاختلاف فيما قبل ذلك . انتهى . الثاني : محل الخلاف في أصل المسألة : إذا لم يأت بها في طريقه . فأما إن أتى بها في طريقه : فإنه يجوز له السفر من غير كراهة . الثالث : إذا قلنا برواية الجواز ، فالصحيح : أنه يكره . قدمه في الفروع وغيره . قال بعض الأصحاب : يكره رواية واحدة . قال الإمام أحمد : قل من يفعله إلا رأى ما يكره . وقال في الفروع : وظاهر كلام جماعة لا يكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية