صفحة جزء
قوله ( وغسل الكفين ثلاثا ، إلا أن يكون قائما من نوم الليل ) غسل اليدين عند ابتداء الوضوء ، لا يخلو : إما أن يكون عن نوم ، أو عن غير نوم . فإن كان عن غير نوم : فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب . ونص [ ص: 130 ] عليه أحمد استحباب غسلهما مطلقا ، وقيل : لا يغسلهما إذا تيقن طهارتهما ، بل يكره ، ذكره في الرعاية . وقال القاضي : إن شك فيهما سن غسلهما ، وإن تحقق طهارتهما خير ، وإن كان عن نوم ، فلا يخلو : إما أن يكون عن نوم الليل ، أو عن نوم النهار فإن كان عن نوم النهار ، فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم استحباب غسلهما . وعنه : يجب غسلهما ، واختاره بعض الأصحاب وهو من المفردات ، وحكاها في الفروع هنا قولا ، وإن كان عن نوم الليل فأطلق المصنف في وجوب غسلهما روايتين ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والتلخيص ، والبلغة ، والفائق ، وابن تميم ، وابن رزين ، وابن عبيدان ، والزركشي في شروحهم . إحداهما : يجب غسلهما ، وهو المذهب جزم به في مسبوك الذهب ، والإفادات ، ونظم المفردات ، وغيرهم . قال في الفروع والخلاصة : ويجب على الأصح واختاره أبو بكر ، وأكثر الأصحاب . قاله ابن عبيدان : قال الزركشي : اختاره أبو بكر ، والقاضي ، وعامة أصحابه ، بل وأكثر الأصحاب ، واختاره أيضا ابن حامد ، وأحمد بن جعفر المنادي ، وهو من مفردات المذهب . والرواية الثانية : لا يجب غسلهما ، بل يستحب ، وجزم به الخرقي ، والعمدة ، والوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم ، واختاره المصنف ، والشارح ، وابن عبدوس في تذكرته وصححه المجد في شرحه ، ومجمع البحرين ، والنظم ، وصححه في التصحيح . قال الشيخ تقي الدين : اختاره الخرقي ، وجماعة . انتهى . فعلى المذهب : قال ابن تميم ، قال صاحب النكت : وحيث وجب الغسل . فإنه شرط للصلاة . قلت : وقاله ابن عبدوس المتقدم وغيره . واقتصر عليه الزركشي . [ ص: 131 ] وقدم في الرعاية سقوط غسلهما بالنسيان مطلقا ; لأنها طهارة مفردة على ما يأتي وهو الصحيح .

فوائد

إحداها : يتعلق الوجوب بالنوم الناقض للوضوء ، على الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب . وقيل : يتعلق بالنوم الزائد على النصف ، اختاره ابن عقيل ، كما تقدم . الثانية : غسلهما تعبد لا يعقل معناه ، على الصحيح من المذهب ، كغسل الميت . فعلى هذا : تعتبر النية والتسمية في أصح الأوجه ، والوجه الثاني : لا يعتبران والوجه الثالث : يعتبران إن وجب غسلهما ، وإلا فلا . والوجه الرابع : تعتبر النية دون التسمية . ذكره الزركشي ، وعلى الصحيح : لا تجزئ نية الوضوء عن نية غسلهما على المذهب المشهور . وأنها طهارة مفردة . لا من الوضوء . وقيل : تجزئ . وقيل : غسلهما معلل بوهم النجاسة ، كجعل العلة في النوم استطلاق الوكاء بالحدث ، وهو مشكوك فيه . وقيل : غسلهما معلل بمبيت يده ملابسة للشيطان . الثالثة : إنما يغسلان لمعنى فيهما على الصحيح من المذهب ، قدمه في الفروع . فلو استعمل الماء ، ولم يدخل يده في الإناء : لم يصح وضوءه . وفسد الماء . وذكر القاضي وجها إنما يغسلان لأجل إدخالهما الإناء : ذكره أبو الحسين رواية . فيصح وضوءه ، ولم يفسد الماء إذا استعمله من غير إدخال .

التالي السابق


الخدمات العلمية