صفحة جزء
باب فرض الوضوء وصفته قوله { ترتيبه على ما ذكر الله تعالى } ، الصحيح من المذهب : أن الترتيب فرض . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به أكثرهم متقدمهم ومتأخرهم . وعن أحمد رواية بعدم وجوب الترتيب بين المضمضة والاستنشاق ، وبين بقية أعضاء الوضوء ، كما تقدم قريبا . فأخذ منها أبو الخطاب في الانتصار ، وابن عقيل في الفصول : رواية بعدم وجوب الترتيب رأسا . وتبعهما بعض المتأخرين ، منهم صاحب التلخيص ، والمحرر ، والفروع فيه وغيرهم . قال الزركشي : وأبى ذلك عامة الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم . منهم أبو محمد يعني به المصنف والمجد في شرحه . قال المصنف في المغني : لم أر عنه فيه اختلافا ، قال في الحاوي الكبير : لا أعلم فيه خلافا في المذهب ، إلا أبا الخطاب حكى رواية أحمد : أنه غير واجب . انتهى .

واختار أبو الخطاب في الانتصار عدم وجوب الترتيب في نفل الوضوء ، ومعناه للقاضي في الخلاف .

فائدة : اعلم أن الواجب عند الإمام أحمد والأصحاب : الترتيب ، لا عدم التنكيس . فلو وضأه أربعة في حالة واحدة لم يجزئه . ولو انغمس في ماء جار ينوي [ ص: 139 ] رفع الحدث ، فمرت عليه أربع جريات أجزأه ، إن مسح رأسه . أو قيل بإجزاء الغسل عن المسح على ما يأتي . ولو لم يمر عليه إلا جرية واحدة لم يجزه . وهذا الصحيح من المذهب ، قال المصنف ، ومن تبعه : ونص أحمد في رجل أراد الوضوء فانغمس في الماء . ثم خرج . فعليه مسح رأسه وغسل قدميه . قال : وهذا يدل على أن الماء إذا كان جاريا ، فمرت عليه جرية واحدة : أنه يجزيه مسح رأسه وغسل رجليه . انتهى .

وإن كان انغماسه في ماء كثير راكد . فإن أخرج وجهه ، ثم يديه ، ثم مسح برأسه ، ثم خرج من الماء مراعيا للترتيب أجزأه ، على الصحيح من المذهب ، نص عليه ، وجزم به ابن عقيل ، وقدمه في المغني ، والشرح ومجمع البحرين ، والفروع ، وابن تميم والزركشي ، وابن رزين ، وابن عبيدان ، وغيرهم . وتقدمت الرواية التي ذكرها المصنف ، وقيل : إن مكث فيه قدرا يتسع للترتيب ، وقلنا : يجزيه غسل الرأس عن مسحه ، أو مسحه ، ثم مكث برجليه قدرا يسع غسلهما أجزأه . قال المجد في شرحه : وهو الأقوى عندي . وقال في الانتصار : لم يفرق أحمد بين الجاري والراكد ، وإن تحركه في الراكد يصير كالجاري . فلا بد من الترتيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية