صفحة جزء
قوله ( وأي قربة فعلها وجعلها للميت المسلم نفعه ذلك ) . وهو المذهب مطلقا ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وهو [ ص: 559 ] من المفردات ، وقال القاضي في المجرد : من حج نفلا عن غيره وقع عمن حج لعدم إذنه .

فائدة : نقل المروذي : إذا دخلتم المقابر فاقرءوا آية الكرسي وثلاث مرات { قل هو الله أحد } ثم قولوا : اللهم إن فضله لأهل المقابر يعني ثوابه وقال القاضي : لا بد من قوله " اللهم إن كنت أثبتني على هذا ، فقد جعلت ثوابه أو ما تشاء منه لفلان " لأنه قد يتخلف فلا يتحكم على الله وقال المجد : من سأل الثواب ثم أهداه ، كقوله : اللهم أثبني على عملي هذا أحسن الثواب ، واجعله لفلان كان أحسن ، ولا يضر كونه مجهولا ; لأن الله يعلمه ، وقيل : يعتبر أن ينويه بذلك قبل فعل القربة [ وقال الحلواني في التبصرة : يعتبر أن ينويه بذلك قبل فعل القربة ] وقال ابن عقيل في مفرداته : يشترط أن تتقدم نية ذلك وتقارنه قال في الفروع : فإن أرادوا أنه يشترط للإهداء ونقل الثواب : أن ينوي الميت به ابتداء ، كما فهمه بعض المتأخرين وبعده فهو مع مخالفته لعموم كلام الإمام أحمد والأصحاب لا وجه له ، في أثر له ولا نظر ، وإن أرادوا أنه يصح أن تقع القربة عن الميت ابتداء بالنية له : فهذا متجه ، ولهذا قال ابن الجوزي : ثواب القرآن يصل إلى الميت إذا نواه قبل الفعل ، ولم يعتبر الإهداء فظاهره عدمه ، وهو ظاهر ما سبق في التبصرة ، وقال ابن عقيل في الفنون : قال حنبل : يشترط تقديم النية ; لأن ما تدخله النيابة من الأعمال لا يحصل للمستنيب إلا بالنية من النائب قبل الفراغ .

تنبيه : قوله " وأي قربة فعلها ، وجعلها للميت المسلم نفعه ذلك " وكذا لو أهدى بعضه كنصفه ، أو ثلثه ونحو ذلك كما تقدم عن القاضي وغيره . [ ص: 560 ]

وهذه قد يعايى بها فيقال : أين لنا موضع تصح فيه الهدية ، مع جهالة المهدى بها ؟ ذكرها في النكت ، وتقدم في أواخر باب الجمعة كراهة إيثار الإنسان بالمكان الفاضل ، وهو إيثار بفضيلة فيحتاج إلى تفرقة بينه وبين إهداء القرب .

تنبيه : شمل قوله ( وأي قربة فعلها ) الدعاء والاستغفار ، والواجب الذي تدخله النيابة ، وصدقة التطوع والعتق ، وحج التطوع فإذا فعلها المسلم وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إجماعا ، وكذا تصل إليه القراءة والصلاة والصيام .

فائدتان . إحداهما : قال المجد : يستحب إهداء القرب للنبي صلى الله عليه وسلم قال في الفنون : يستحب إهداء القرب ، حتى للنبي صلى الله عليه وسلم ومنع من ذلك الشيخ تقي الدين فلم يره لمن له ثواب بسبب ذلك ، كأجر العامل ، كالنبي صلى الله عليه وسلم ومعلم الخير ، بخلاف الوالد فإن له أجرا كأجر الولد .

الثانية : الحي في كل ما تقدم كالميت في انتفاعه بالدعاء ونحوه كذا القراءة ونحوها . قال القاضي : لا نعرف رواية بالفرق بين الحي والميت قال المجد : هذا أصح قال في الفائق : هذا أظهر الوجهين وقدمه في الفروع ، وقال : لا ينتفع بذلك الحي ، وهو ظاهر كلام المصنف هنا ، وأطلقهما ابن تميم ، والرعايتين ، والحاويين وجزم به المصنف وغيره في حج النفل عن الحي لا ينفعه ، ولم يستدل له . وقال ابن عقيل في المفردات : القراءة ونحوها لا تصل إلى الحي .

التالي السابق


الخدمات العلمية