صفحة جزء
قوله { الخامس مضي الحول : شرط ، إلا في الخارج من الأرض } فيشترط مضي الحول في الأثمان والماشية . وعروض التجارة ، وظاهر كلام المصنف : اشتراط مضي الحول كاملا ، وهو أحد الوجوه ، وهو ظاهر كلام الخرقي والقاضي ، لكن ذكره إذا كان النقص في أثناء الحول .

والوجه الثاني : يعفى عن ساعتين ، وهو المذهب ، قال في الفروع : وهو الأشهر ، قلت : عليه أكثر الأصحاب ، وقدمه ابن تميم ، واختاره أبو بكر ، وقدم المجد في شرحه : أنه لا يؤثر أقل من معظم اليوم . وقال في المحرر ، والفائق : ولا يؤثر نقص دون اليوم ، وقيل : يعفى عن نصف يوم ، وقال أبو بكر : يعفى عن يوم ، اختاره القاضي ، وصححه ابن تميم ، قال في الفروع : وجزم به في المحرر وغيره ، وليس كما قال .

وقد تقدم لفظه ، وقيل : يعفى عن يومين ، وقيل : الخمسة والسبعة يحتمل وجهين . [ ص: 30 ] وقال في الروضة : يعفى عن أيام ، قال في الفروع : فإما أن مراده ثلاثة أيام لقلتها ، واعتبارها في مواضع ، أو ما لم يعد كثيرا عرفا ، وقيل : يعتبر طرفا الحول خاصة في العروض خاصة .

قوله { فإذا استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يتم عليه الحول } ، وهذا المذهب ، إلا ما استثنى ، وسواء كان المستفاد من جنس ما يملكه أو لا ، وعليه الأصحاب ، وحكي عنه رواية في الأجرة : أنها تتبع المال الذي من جنسها .

فائدة : يضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو في حكمه ، ويزكى كل مال إذا تم حوله ، وهذا الصحيح من المذهب ، وقيل : ويعتبر النصاب في المستفاد أيضا . قوله { إلا نتاج السائمة وربح التجارة ، فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصابا ، وإن لم يكن نصابا فحوله من حين كمل النصاب } هذا المذهب ، وعليه الأصحاب . وعنه حوله من حين ملك الأمات نقلها حنبل وقيل : حول النتاج منذ كمل أمهاته نصابا ، وحول أمهاته منذ ملكهن ، ذكره في الرعاية .

ووجه في الفروع تخريجا واحتمالا في ربح التجارة : أن حوله حول أصله . قلت : قال الزركشي ، وقيل عنه : إذا كمل النصاب بالربح ، فحوله من حين ملك الأصل كالماشية في رواية ، فعلى رواية حنبل : لو أبدل بعض نصاب بنصاب من جنسه ، كعشرين شاة بأربعين : احتمل أن ينبني على حول الأولى ، ويحتمل أن يبتدئ الحول . وأطلقهما في الفروع ، وهما وجهان مطلقان في مختصر ابن تميم ، وروايتان مطلقتان في الرعاية الكبرى ، قلت : الصواب الثاني من الاحتمالين . [ ص: 31 ]

قوله { وإن ملك نصابا صغارا : انعقد عليه الحول من حين ملكه } وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، وعنه لا ينعقد ، حتى يبلغ سنا يجزئ مثله في الواجب ، وحكى ابن تميم : أن القاضي قال في شرحه الصغير : تجب الزكاة في الحقاق ، وفي بنات المخاض [ واللبون ، بناء على أصل السخال . ونقل حرب : لا زكاة في بنات المخاض ] حتى يكون فيها كبيرة ، قال في الفروع : كذا قال ، فعلى المذهب : لو تغذت باللبن فقط لم تجب لعدم السوم المعتبر ، اختاره المجد في شرحه ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، وقيل : تجب لوجوبها فيه تبعا للأمات . كما تتبعها في الحول .

وأطلقهما في الفروع ، والزركشي ، وابن تميم ، وهما احتمالان ذكرهما ابن عقيل ، وعلى الرواية الثانية : ينقطع ما لم يبق واحدة من الأمات ، نص عليه ، وهو الصحيح عليها . وقيل : ينقطع ، ما لم يبق نصاب من الأمات . قوله { ومتى نقص النصاب في بعض الحول } انقطع الحول هذا المذهب ، وعليه الجمهور ، وتقدم قول : بأنه لو انقطع في أثناء حول عروض التجارة كان كاملا في أوله وآخره : أنه لا يضر .

قوله { أو باعه ، أو أبدله بغير جنسه : انقطع الحول } هذا المذهب بشرطه ، وعليه الأصحاب ، وقال ابن تميم : وإن أبدله لا بمثله مما فيه الزكاة : انقطع على الأصح قال في القواعد : وخرج أبو الخطاب في الانتصار رواية بالبناء في الإبدال من غير الجنس مطلقا .

فائدتان : إحداهما : لا ينقطع الحول بإبدال نصاب ذهب بفضة ، أو بالعكس ، على الصحيح من المذهب ، فيكون ذلك مستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق ، وفيه رواية مخرجة من عدم ضم أحدهما إلى الآخر ، وإخراجه عنه ، قال ابن تميم : [ ص: 32 ] إبدال أحد النقدين بالآخر ينبني على الضم ، قال في القواعد : فيه روايتان .

قال الزركشي : طريقة أبي محمد ، وطائفة وصححها أبو العباس : مبنية على الضم . وطريقة القاضي وجماعة منهم المجد أن الحول لا ينقطع مطلقا ، وإن لم نقل بالضم .

تنبيه : حيث قلنا " لا ينقطع الحول " فالصحيح : أنه يخرج مما ملكه عند وجوب الزكاة ، قدمه في الفروع ، وقال القاضي وتبعه في شرح المذهب يخرج مما ملكه أكثر الحول ، قال ابن تميم : ونص أحمد على مثله .

الثانية : لا ينقطع الحول في أموال الصيارفة لئلا يفضي إلى سقوطها فيما ينمو ، أو وجوبها في غيره ، قال في الفروع : والأصول تقتضي العكس ، وهذا أيضا يكون مستثنى من كلام المصنف وغيره . قوله { إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة } ، الصحيح من المذهب : أنه إذا قصد بالبيع أو الهبة أو الإتلاف أو نحوه الفرار من الزكاة لم تسقط ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به أكثرهم ، وقال أبو يعلى الصغير في مفرداته ، عن بعض الأصحاب : تسقط الزكاة بالتحيل . وفاقا لأبي حنيفة والشافعي كما في بعد الحول الأول ، قلت : وقواعد المذهب وأصوله تأبى ذلك ، فعلى المذهب : اشترط المصنف أن يكون ذلك عند قرب وجوبها ، وجزم به جماعة من الأصحاب ، منهم أبو الخطاب في الهداية ، وقدم في الرعايتين ، والحاويين ، والفائق وغيرهم : عدم السقوط إذا فعله فارا قبل الحول بيومين أو يوم فأكثر ، وفي كلام القاضي : بيومين أو يوم ، وقيل : بشهرين ، حكاه في الرعاية وغيرها ، وقدم في الفروع : أنه متى قصد بذلك الفرار من الزكاة مطلقا لم تسقط .

وسواء كان في أول الحول أو وسطه أو آخره ، قال : وأطلقه الإمام أحمد ، فلهذا [ ص: 33 ] قال ابن عقيل : هو ظاهر كلامه ، وهو ظاهر ما جزم به في الخلاصة ، وقدمه في المحرر ، وقال الزركشي : وهو ظاهر كلام الخرقي ، وهو الغالب على كلام كثير من المتقدمين ، واختيار طائفة من المتأخرين ، كابن عقيل ، والمجد وغيرهما ، وذكره بعضهم قولا ، وقال في الفائق : نص أحمد على وجوبها فيمن باع قبل الحول بنصف عام ، قال ابن تميم : والصحيح تأثير ذلك بعد مضي أكثر الحول ، وقال المجد في شرحه وغيره : لا أول الحول ، لندرته ، وفي كلام القاضي : في أول الحول نظر ، وقال أيضا : في أوله ووسطه لم يوجد لرب المال الغرض ، وهو الترفه بأكثر الحول والنصاب ، وحصول النماء فيه .

فائدتان : إحداهما : يزكى من جنس المبيع لذلك الحول فقط . إذا قصد الفرار ، على الصحيح من المذهب ، وقيل : إن أبدله بعقار ونحوه وجبت زكاة كل حول ، وسأله ابن هانئ فيمن ملك نصاب غنم ستة أشهر ، ثم باعها ، فمكثت عنده ستة أشهر ؟ قال : إذا فر بها من الزكاة زكى ثمنها إذا حال عليها الحول ، وقيل : يعتبر الأحظ للفقراء .

الثانية : له ادعى أنه لم يقصد بما فعل الفرار من الزكاة ، قبل فيما بينه وبين الله تعالى وفي الحكم وجهان ، وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم ، قلت : الأولى أنه إن عرف بقرائن أنه قصد الفرار : لم يقبل قوله وإلا قبل . قوله { وإن أبدله بنصاب من جنسه بنى على حوله } ، وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، ويتخرج أن ينقطع ، وهو لأبي الخطاب ، كالجنسين ، قال ابن تميم : لم ينقطع على الأصح . وقاسه جماعة من الأصحاب منهم القاضي [ ص: 34 ] وأصحابه ، والمصنف ، والمجد ، وغيرهم البناء على الحول الأول في هذه المسألة على عروض التجارة تباع بنقد أو تشترى به ، فإنه يبني ، وحكى الخلاف .

تنبيه : اعلم أن بعض الأصحاب عبر في هذه المسألة بالبيع ، كما قاله المصنف هنا ، وعبر بعضهم بالإبدال ، قال في الفروع : ودليلهم يقتضي التسوية ، وعبر القاضي بالإبدال ، ثم قال : نص عليه في رواية أحمد بن سعيد ، في الرجل يكون عنده غنم سائمة ، فيبيعها بضعفها من الغنم ، هل يزكيها أم يزكي الأصل ؟ فقال : بل يعطي زكاتها ; لأن نماءها منها . وقال أبو المعالي : المبادلة ، هل هي بيع ؟ فيه روايتان ثم ذكر نصه بجواز إبدال المصحف ، لا بيعه ، وقول أحمد : المعاطاة بيع ، والمبادلة معاطاة ، وأن هذا أشبه .

قال : فإن قلنا : هي بيع انقطع الحول ، كلفظ المبيع ، لأنه ابتداء ملك نعم المبادلة تدل على وضع شيء مماثل له كالتيمم عن الوضوء ، فكل بيع مبادلة ولا عكس . انتهى . وقال أبو بكر في المبادلة : هل هي بيع أم لا ؟ على روايتين ، وأنكر القاضي ذلك ، وقال : هي بيع بلا خلاف ، ذكره ابن رجب في القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة ، ويأتي هذا في أوائل كتاب البيع عند حكم بيع المصحف .

فائدة : لو زاد بالاستبدال ، تبع الأصول في الحول أيضا ، نص عليه كنتاج ، فلو أبدل مائة شاة بمائتين لزمه زكاة مائتين إذا حال حول المائة ، نص عليه ، وقال أبو المعالي : يستأنف للزائد حولا ، وقال في الانتصار : إن أبدله بغير جنسه بنى ، أومأ إليه ثم سلمه وفرق ، وقال ابن تميم ، وابن حمدان : لا يبني في الأصح .

فائدة : لو أبدله بغير جنسه ، ثم رد عليه بعيب ونحوه : استأنف الحول ، على الصحيح من المذهب ، وذكر أبو بكر : إذا أبدل نصابا بغير جنسه ، ثم رد عليه بعيب ونحوه . ينبني على الحول الأول إذا لم تحصل المبادلة بيعا وفي نسخة إذا لم نقل المبادلة بيع ولو أبدل نصاب سائمة بمثله ثم ظهر فيه على عيب ، بعد أن [ ص: 35 ] وجبت الزكاة ، فله الرد ، ولا تسقط الزكاة عنه ، على الصحيح من المذهب ، وقال ابن حامد : إذا دلس البائع العيب فرد عليه . فزكاته عليه ، فإن خرج من النصاب فله رد ما بقي في أحد الوجهين ، وفي الآخر : يتعين له الأرش ، قلت : هذا المذهب ، على ما يأتي في خيار العيب ، وأطلقهما ابن تميم ، فعلى الأول : لو اختلفا في قيمة المخرج كان القول قول المخرج قلت : وهو الصواب ، وقيل : القول قول صاحبه ، وأطلقهما ابن تميم ، والفروع على ما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية