صفحة جزء
قوله { ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء ، ولا تسقط بتلف المال } هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، وعنه أنها تسقط إذا لم يفرط ، فيعتبر التمكن من الأداء مطلقا ، اختاره المصنف ، واختار الشيخ تقي الدين أن النصاب إذا تلف بغير تفريط من المالك لم يضمن الزكاة على الروايتين ، قال : واختاره طائفة من أصحابنا ، وذكر القاضي ، وابن عقيل رواية باعتبار إمكان الأداء في غير المال الظاهر ، وذكر أبو الحسين [ ص: 40 ] رواية : لا يسقط بتلف النصاب غير الماشية ، وقال المجد على الرواية الثانية تسقط في الأموال الظاهرة دون الباطنة ، نص عليه في رواية أبي عبد الله النيسابوري وغيره ، قال في الفروع : كذا قال ، وقال أبو حفص العكبري : روى أبو عبد الله النيسابوري : الفرق بين الماشية والمال ، والعمل على ما روى الجماعة : أنها كالمال . ذكره القاضي وغيره ، وقال في القواعد الفقهية : وعنه رواية ثانية تسقط الزكاة إذا تلف النصاب أو بعضه قبل التمكن من أداء الزكاة ، وبعد تمام الحول ، فمنهم من قال : هي عامة في جميع الأموال . ومنهم من خصها بالمال الباطن دون الظاهر ، ومنهم من عكس ذلك ، ومنهم من خصها بالمواشي .

تنبيه : يستثنى من عموم كلام المصنف وغيره : زكاة الزروع إذا تلفت بجائحة قبل القطع ، كأنها تسقط . وقد صرح به المصنف في باب زكاة الخارج من الأرض عند قوله " فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة " قال القواعد : اتفاقا ، قال : وخرج ابن عقيل [ وجها بوجوب زكاتها أيضا ، قال : وهو ضعيف مخالف للإجماع الذي حكاه ابن المنذر وغيره ، قلت : قد قاله ابن عقيل ، وذكره ابن عقيل ] في عمد الأدلة رواية ، ذكره ابن تميم ، قال في الفروع : وأظن في المغني أنه قال : قياس من جعل وقت الوجوب بدو الصلاح ، واشتداد الحب : أنه كنقص نصاب بعد الوجوب قبل التمكن . انتهى . ويأتي ذلك في باب زكاة الخارج من الأرض ، فعلى المذهب : لو النصاب بعد الحول وقبل التمكن من الأداء ضمنها ، وعلى الرواية الثانية : لا يضمنها ، وجزم في الكافي ، ونهاية أبي المعالي ، بالضمان وعلى المذهب أيضا : لو تلف النصاب ضمنها ، وعلى الرواية الثانية : لا يضمنها وظاهر كلام الخرقي : أنه لا يضمنها مطلقا ، واختاره في النصيحة ، وصاحب [ ص: 41 ] المستوعب ، والمصنف في المغني ، والشيخ تقي الدين . وذكره جماعة رواية عن الإمام أحمد ، ولو أمكنه إخراجها ، لكن خاف رجوع الساعي ، فهو كمن لم يمكنه إخراجها ، فلو نتجت السائمة لم تضم في حكم الحول الأول على المذهب ، وتضم على الثانية .

تنبيه : اختلف الأصحاب في مأخذ الخلاف في أصل المسألة ، فقيل : الخلاف هنا مبني على الخلاف في محل الزكاة ، فإن قيل في الذمة لم تسقط وإلا سقطت ، وهو قول الحلواني في التبصرة ، والسامري ، وقيل : إنه ظاهر كلام الخرقي ، وفي كلام الإمام أحمد إيماء إليه أيضا ، فتكون من جملة فوائد الخلاف . والصحيح من المذهب : أن هذه المسألة ليست مبنية على الخلاف في محل الزكاة : هل هي في الذمة أو في العين ؟ قال في القواعد : وهو قول القاضي والأكثرين ، وقدمه في الفروع ، ومن الفوائد قول المصنف { وإن كان أكثر من نصاب . فعليه زكاة جميعه لكل حول ، إن قلنا : تجب في الذمة ، وإن قلنا : تجب في العين ، نقص من زكاته لكل حول بقدر نقصه منها } .

التالي السابق


الخدمات العلمية