صفحة جزء
قوله ( أو غمس فيه يده قائم من نوم الليل قبل غسلها ثلاثا ، فهل يسلب طهوريته ؟ على روايتين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والمذهب الأحمد ، والتلخيص ، والبلغة ، والخلاصة ، وابن منجا في شرحه ، وابن تميم ، والحاوي الكبير ، وابن عبيدان وغيرهم . إحداهما : يسلبه الطهورية . وهو المذهب ، قال أبو المعالي في شرح الهداية : عليه أكثر الأصحاب .

قال في مجمع البحرين : هذا المنصوص ، قال في الرعاية الكبرى : الأولى أن ما غمس فيه كفه طاهر ، وقدمه في الفروع ، وناظم المفردات ، والناظم ، وإدراك الغاية ، وهو من المفردات . والرواية الثانية : لا يسلبه الطهورية ، جزم به في الوجيز . ، وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والفائق ، والحاوي الصغير ، واختاره المصنف ، والشارح ، وابن رزين ، والناظم ، والشيخ تقي الدين ، وصححه في التصحيح . وعنه أنه نجس ، اختارها الخلال . وهي من مفردات المذهب أيضا . فعلى المذهب : لو كان الماء في إناء لا يقدر على الصب منه ، بل على الاغتراف ، وليس عنده ما يغترف به ، ويداه نجستان ، فإنه يأخذ الماء بفيه ويصب على يديه . قاله الإمام أحمد ، وإن لم يمكنه تيمم وتركه . قلت : فيعايى بها .

تنبيهات : الأول : محل الخلاف : إذا كان الماء الذي غمس يده فيه دون القلتين . أما إن كان قلتين فأكثر : فلا يؤثر فيه الغمس شيئا ، بل هو باق على طهوريته . قاله الأصحاب ، وهو واضح . [ ص: 39 ]

الثاني : يحتمل أن يكون مراده : أن الخلاف هنا مبني على الخلاف في وجوب غسلها إذا قام من نوم الليل ، على ما يأتي في آخر باب السواك . فإنه أطلق الخلاف هنا وهناك . فإن قلنا بوجوب الغسل : أثر في الماء منعا ، وإن قلنا بالاستحباب : فلا ، وقطع بهذا في الفصول ، والكافي ، وابن منجا في شرحه . قال الشارح : والذي يقتضيه القياس : أنا إن قلنا " غسلهما واجب " فهو كالمستعمل في رفع الحدث ، وإن قلنا باستحبابه : فهو كالمستعمل في طهارة مسنونة . وقال في المغني : فأما المستعمل في تعبد من غير حدث ، كغسل اليدين من نوم الليل ، فإن قلنا " ليس ذلك بواجب " لم يؤثر استعماله في الماء . وإن قلنا بوجوبه ، فقال القاضي : هو طاهر ، غير مطهر . وذكر أبو الخطاب فيه روايتين ، إحداهما : أنه كالمستعمل في رفع الحدث . والثانية : أنه يشبه المتبرد به . وقال في موضع آخر : فإن غمس يده في الإناء قبل غسلها ، فعلى قول من لم يوجب غسلها : لا يؤثر غمسها شيئا . ومن أوجبه ، قال : إن كان كثيرا لم يؤثر . وإن كان يسيرا ، فقال أحمد : أعجب إلي أن يهريقه . فيحتمل وجوب إراقته . ويحتمل أن لا تزول طهوريته . ومال إليه . وقال ابن الزاغوني : إن قلنا " غسلهما سنة " فهل يؤثر الغمس ؟ يخرج على روايتين ، وقال ابن تميم : وإن غمس قائم من نوم الليل يده في ماء قليل ، قبل غسلها ثلاثا ، وقلنا بوجوب غسلها : زالت طهوريته . فأناط الحكم على القول بوجوب غسلها .

وقال ابن رزين في شرحه : إذا غمس يده في الإناء قبل غسلها لم يؤثر شيئا . وكذا إن قلنا بوجوبه والماء كثير ، وإن كان يسيرا كره الوضوء .

لأن النهي يفيد منعا . وإلا فطهوريته باقية . وقيل : النهي تعبد ، فلا يؤثر فيه شيئا . وقيل : يسلب طهوريته به في إحدى الروايتين ، والأظهر ما قلنا . انتهى .

[ ص: 40 ] وقيل : الخلاف مبني على الخلاف في وجوب غسلها . وهو ظاهر ما جزم به في الفروع ، وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير . ويحتمله كلام المصنف . وقال في الرعاية الكبرى ، وقيل : إن وجب غسلهما : فطاهر بانفصاله ، لا بغمسه في الأقيس . ولا يحصل غسل يده في المذهب . فإن سن غسلهما فطهور . انتهى .

وقال في الحاوي الكبير . فأما المنفصل عن غسل اليد من نوم الليل : فهو كالمستعمل في رفع الحدث ، إن قلنا : هو واجب ، وإن قلنا : هو سنة ، خرج على الروايتين فيما استعمل في طهر مستحب . فأناط الحكم بالماء المنفصل من غسلهما .

الثالث : ظاهر قوله " أو غمس يده " أنه لو حصل في يده من غير غمس : أنه لا يؤثر ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد . قال في الرعاية الكبرى . الأولى أنه طهور . والرواية الثانية : أنه كغمس يده : وهو الصحيح ، اختاره القاضي ، وجزم به في الفصول ، والإفادات ، والرعاية الصغرى . وقدمه في الكبرى ، والحاوي الصغير . وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم ، ومجمع البحرين ، والحاوي الكبير ، وابن عبيدان . الرابع : مفهوم قوله " يده " أنه لو غمس عضوا غير يده : أنه لا يؤثر فيه . وهو صحيح ، صرح به ابن تميم ، وابن عبيدان ، وابن حمدان ، وصاحب الفائق ، وغيرهم ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب [ قال في الرعاية الكبرى وغسلهما تعبد ، فلا يؤثر فيه غمس غير كفيه شيئا ] .

الخامس : ظاهر قوله " يده " أنه لا يؤثر إلا غمس جميعها ، وهو المذهب ، وهو ظاهر كلامه في المحرر ، والوجيز وغيرهما . وصححه في مجمع البحرين ، وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، وابن تميم ، والحاوي الصغير . وقيل : غمس بعضها كغمسها كلها ، اختاره ابن حامد ، وابن رزين في شرحه ، وقدمه ، وجزم به في الكافي [ ص: 41 ] والإفادات . وصححه الناظم . وأطلقهما في الشرح ، والفصول ، والحاوي الكبير ، والفائق . السادس : ظاهر قوله " من نوم الليل " أنه سواء كان قليلا أو كثيرا ، قبل نصف الليل أو بعده . وهو صحيح ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . لكن بشرط أن يكون ناقضا للوضوء . وقال ابن عقيل : هو ما زاد على نصف الليل . قال في الرعاية وغيرها ، وقيل : بل من نوم أكثر من نصف الليل . وقدمه في الحاوي الصغير .

السابع : مفهوم قوله " من نوم الليل " أنه لا يؤثر غمسها إذا كان قائما من نوم النهار ، وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، وجزم به في المغني ، والشرح ، وابن عبيدان ، وصاحب المستوعب ، والمحرر ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، وابن تميم ، والفائق ، وغيرهم . وعنه حكم نوم النهار حكم نوم الليل .

الثامن : ظاهر كلامه : ولو كان الغامس صغيرا أو مجنونا أو كافرا : أنهم كغيرهم في الغمس ، وهو ظاهر كلامه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم ، وصححه الناظم ، وقدمه ابن رزين . والوجه الثاني : أنه لا تأثير لغمسهم ، وهو الصحيح . وإليه مال المصنف في المغني ، واختاره المجد في شرح الهداية . ، وصححه ابن تميم ، قال في مجمع البحرين : لا يؤثر غمسهم ، في أصح الوجهين ، وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، أطلقهما في الفروع ، والمغني ، والشرح ، وابن عبيدان ، والحاوي الكبير . التاسع : ظاهر كلام المصنف أيضا : ولو كانت يده في جراب أو مكتوفة ، وهو المذهب ، قطع به المصنف ، والشارح ، وابن رزين في شرحه ، وهو ظاهر ما جزم به في الفروع ، وابن تميم . قال في الرعاية الكبرى : فهو كغيره . وقيل : [ ص: 42 ] على رواية الوجوب ، وقدمه في الرعاية الصغرى . وقال ابن عقيل : لا يؤثر غمسها .

وأطلقهما في الحاويين ، والفائق . العاشر : ظاهر قوله " قبل غسلها ثلاثا " أنه يؤثر غمسها بعد غسلها مرة ، أو مرتين ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وهو ظاهر ما قطع به صاحب الفروع ، وابن تميم ، وابن عبيدان ، والرعاية الصغرى ، وغيرهم ; لاقتصارهم عليه .

وقدمه في الرعاية الكبرى ، وقال : وقيل يكفي غسلهما مرة واحدة ، فلا يؤثر الغمس بعد ذلك .

الحادي عشر : ظاهر كلامه أيضا : أنه سواء كان قبل نية غسلها أو بعده . وهو صحيح ، وهو المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . قال في الحاوي الكبير ، وابن عبيدان : قاله أصحابنا . وقال القاضي : ويحتمل أن لا يؤثر إلا بعد النية . وقال المجد في شرح الهداية : وعندي أن المؤثر الغمس بعد نية الوضوء فقط .

التالي السابق


الخدمات العلمية