صفحة جزء
قوله ( وإن حال دون منظره غيم ، أو قتر ليلة الثلاثين : وجب صيامه بنية رمضان ، في ظاهر المذهب ) وهو المذهب عند الأصحاب . ونصروه ، وصنفوا فيه التصانيف ، وردوا حجج المخالف وقالوا : نصوص أحمد تدل عليه ، وهو من مفردات المذهب ، وعنه لا يجب صومه قبل رؤية هلاله ، أو إكمال شعبان ثلاثين . قال الشيخ تقي الدين : هذا مذهب أحمد المنصوص الصريح عنه ، وقال : لا أصل للوجوب في كلام الإمام أحمد ، ولا في كلام أحد من الصحابة . ورد صاحب الفروع جميع ما احتج به الأصحاب للوجوب . وقال : لم أجد عن أحمد قولا صريحا بالوجوب ، ولا أمر به ، فلا يتوجه إضافته إليه ، واختار هذه الرواية أبو الخطاب ، وابن عقيل . ذكره في الفائق ، واختارها صاحب التبصرة . قاله في الفروع ، واختارها الشيخ تقي الدين وأصحابه . منهم : صاحب التنقيح ، والفروع ، والفائق وغيرهم ، وصححه ابن رزين في شرحه . [ ص: 270 ] فعلى هذه الرواية : يباح صومه . قال في الفائق : اختاره الشيخ تقي الدين وقيل : بل يستحب . قال الزركشي : اختاره أبو العباس .

انتهى ، قال في الاختيارات : وحكى عن أبي العباس أنه كان يميل أخيرا إلى أنه لا يستحب صومه . انتهى . وعنه الناس تبع للإمام ، إن صام صاموا ، وإلا فيتحرى في كثرة كمال الشهور ونقصها ، وإجباره بمن لا يكتفى به ، وغير ذلك من القرائن ، ويعمل بظنه ، وقيل : إلا المنفرد برؤيته ، فإنه يصومه على الأصح ، وقيل : الناس تبع للإمام في الصوم والفطر إلا المنفرد برؤيته ، فإنه يصومه . حكى هذين القولين صاحب الرعاية . قلت : المذهب وجوب صوم المنفرد برؤيته ، على ما يأتي في كلام المصنف رحمه الله قريبا . وعنه صومه منهي عنه . قاله في الفروع ، وقال : اختاره أبو القاسم بن منده الأصفهاني وأبو الخطاب ، وابن عقيل وغيرهم . قال الزركشي ، وقد قيل : إن هذا اختيار ابن عقيل ، وأبي الخطاب في خلافيهما . قال : والذي نصره أبو الخطاب في الخلاف الصغير : كالأول ، وأصل هذا في الكثير . انتهى ، فعلى هذه الرواية ، قيل : يكره صومه ، وذكره ابن عقيل رواية ، وقيل : النهي للتحريم ، ونقله حنبل . ذكره القاضي ، وأطلقهما في الفروع ، والزركشي ، والفائق ، فقال : وإذا لم يجب ، فهل هو مباح أو مندوب ، أو مكروه ، أو محرم ؟ على أربعة أوجه ، اختار شيخنا الأول . انتهى .

قال بعض الأصحاب : يجيء في صيامه الأحكام الخمسة . قال الزركشي : وقول سادس بالتبعية ، وعمل ابن عقيل في موضع من الفنون بعادة غالبة ، كمضي شهرين كاملين ، فالثالث ناقص ، وقال : هو معنى التقدير ، وقال أيضا : البعد مانع كالغيم ، فيجب على كل حنبلي يصوم مع الغيم أن يصوم مع البعد لاحتماله . [ ص: 271 ] وقال أيضا : الشهور كلها مع رمضان في حق المطمور : كاليوم الذي يشك فيه من الشهر في التحرز ، وطلب التحقق . ولا أحد قال بوجوب الصوم ، بل بالتأخير ليقع أداء أو قضاء . كذا لا يجوز تقديم صوم لا يتحقق من رمضان ، وقال في مكان آخر : أو يظنه ، لقبولنا شهادة واحد .

تنبيه : فعلى قول الأصحاب : يجوز صومه بنية رمضان ، حكما ظنيا بوجوبه احتياطا يجزئ على الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وعنه ينويه حكما جازما بوجوبه . وذكره ابن أبي موسى عن بعض الأصحاب ، وجزم به في الوجيز . قال الزركشي : حكي عن التميمي ، فعلى المقدم وهو الصحيح يصلى التراويح . على أصح الوجهين ، اختاره ابن حامد ، والقاضي ، وجماعة . منهم ولده القاضي أبو الحسين . قال في المستوعب في صلاة التطوع ، وصاحب الحاوي الكبير : هذا الأقوى عندي . قال المجد في شرحه : هو أشبه بكلام أحمد في رواية الفضل : القيام قبل الصيام احتياط لسنة قيامه ، ولا يتضمن محذورا ، والصوم نهي عن تقديمه . قال في تجريد العناية : وتصلى التراويح ليلتئذ في الأظهر . قال ابن تميم : فعلت في أصح الوجهين . قال ابن الجوزي : هو ظاهر كلام الإمام أحمد ، واختيار مشايخنا المتقدمين . ذكره في كتاب " درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم " ، والوجه الثاني : لا تصلى التراويح . اقتصارا على النص ، اختاره أبو حفص والتميميون وغيرهم ، وجزم به ابن عبدوس في تذكرته ، وصاحب المنور ، وصححه في تصحيح المحرر . قال في التلخيص : وهو أظهر . قال الناظم : هو أشهر القولين ، وأطلقهما في المحرر ، وشرح الهداية ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفائق ، والزركشي ، والقواعد الفقهية ، وهو ظاهر الفروع ، وأما بقية الأحكام : من حلول الآجال ، ووقوع المتعلقات ، وانقضاء العدد ، ومدة الإيلاء وغير ذلك : فلا يثبت منها شيء على الصحيح عندهم ، وقدمه في [ ص: 272 ] الفروع ، وقال : هو أشهر ، وذكر القاضي احتمالا : تثبت هذه الأحكام كما يثبت الصوم وتوابعه ، وتبييت النية ، ووجوب الكفارة بالوطء فيه ، ونحو ذلك . قال في القواعد : وهو ضعيف . قال الزركشي : هما احتمالان للقاضي في التعليق ، وأطلقهما . وعلى رواية أنه ينويه حكما : بوجوبه جاز ما يصلي التراويح أيضا على الصحيح ، وجزم به أكثر الأصحاب . وقيل : لا يصلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية