صفحة جزء
قوله ( ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعله في غيره ) . هذا المذهب ، إلا ما استثناه المصنف ، وعليه الأصحاب ، وقال في الفائق : قال أبو الخطاب : القياس وجوبه ، وجزم به في تذكرة ابن عبدوس ، وقال في الفروع : ويتوجه ، إلا مسجد قباء إذا نذر الاعتكاف أو الصلاة فيه . لا يفعله في غيره .

تنبيهان : الأولى : ظاهر كلام المصنف هنا : أنه سواء نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد قريب أو بعيد ، عتيق أو جديد . امتاز بمزية شرعية ، كقدم وكثرة جمع أو لا ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب ومفهوم كلام المصنف في المغني : إذا كان المسجد بعيدا يحتاج إلى شد رحل يلزمه فيه ، وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الانتصار ، فإنه قال : القياس لزومه ، تركناه لقوله [ ص: 367 ] عليه أفضل الصلاة والسلام { لا تشد الرحال } الحديث وذكره أبو الحسين احتمالا في تعيين المسجد العتيق للصلاة ، وذكر المجد في شرحه : أن القاضي ذكر وجها يتعين المسجد العتيق في نذر الصلاة . قال المجد : ونذر الاعتكاف مثله ، وأطلق الشيخ تقي الدين في تعيين ما امتاز بمزية شرعية كقدم وكثرة جمع وجهين ، واختار في موضع آخر : يتعين ، وقال القاضي وابن عقيل : الاعتكاف والصلاة : لا يختصان بمكان ، بخلاف الصوم . قال في الفروع : كذا قالا ، فعلى المذهب : له أن يعتكف ويصلي في غير المسجد الذي عينه ، والصحيح من المذهب : أنه لا كفارة عليه . كما جزم به المصنف هنا ، وهو أحد الوجهين ، ولم يذكر عدم الكفارة في نسخة قرئت على المصنف ، وكذا في نسخ كثيرة . وقيل : عليه كفارة . قال في الرعايتين : وعليه كفارة يمين في وجه إن لم يفعل ، وجزم بالكفارة في تذكرة ابن عبدوس ، وأطلقهما في الفروع ، والفائق ، والحاويين ، والمحرر . ذكره في باب النذر .

الثاني : قال في الفروع : وفي الكفارة وجهان إن وجبت في غير المستحب . انتهى . فمحل الخلاف : إذا قلنا بوجوب الكفارة في غير المستحب . الثالث : جعل المصنف الصلاة والاعتكاف إذا نذرهما في غير المساجد الثلاثة على حد سواء ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب . وقال في الفروع : وظاهر كلام جماعة : يصلي في غير مسجد أيضا ، ولعله مراد غيرهم ، وهو متجه . انتهى .

الرابع : قوله " فله فعله في غيره " يعني : من المساجد . وهذا الصحيح من المذهب . قال في الفروع : وظاهر كلام جماعة : يصلي في غير مسجد أيضا ، ولعله مراد غيرهم ، وهو متجه . انتهى .

فائدة : لو أراد الذهاب إلى ما عينه بنذره ، فإن كان يحتاج إلى شد رحل : [ ص: 368 ] خير بين ذهابه وعدمه ، عند القاضي وغيره ، وجزم بعض الأصحاب بإباحته ، واختار المصنف والشارح : الإباحة في السفر القصير ، ولم يجوزه ابن عقيل والشيخ تقي الدين ، وقال في التلخيص : لا يترخص . قال في الفروع : ولعل مراده يكره ، وذكر ابن منجى في شرح المقنع : يكره إلى القبور والمشاهد . قال في الفروع : وهي المسألة بعينها ، وحكى الشيخ تقي الدين وجها : يجب السفر المنذور إلى المشاهد . قال في الفروع : مراده والله أعلم اختيار صاحب الرعاية . وإن كان لا يحتاج إلى شد رحل خير على الصحيح من المذهب بين الذهاب وغيره . ذكره القاضي ، وابن عقيل ، وقدمه في الفروع ، وقال في الواضح : الأفضل الوفاء . قال في الفروع : وهذا أظهر . قوله ( إلا المساجد الثلاثة ، وأفضلها : المسجد الحرام ، ثم مسجد المدينة ، ثم المسجد الأقصى ) ، الصحيح من المذهب : أن مكة أفضل من المدينة ، نصره القاضي وأصحابه ، وعليه جماهير الأصحاب ، وعنه المدينة أفضل ، اختاره ابن حامد وغيره . ويأتي ذلك أيضا في آخر باب صيد الحرم ونباته ، فعلى المذهب : إذا عين المسجد الحرام في نذره : لم يجزه في غيره ; لأنه أفضلها . احتج به أحمد والأصحاب . قال في الفروع : فدل إن قلنا المدينة أفضل أن مسجدها أفضل ، وهذا ظاهر كلام المجد في شرحه وغيره ، وصرح به في الرعاية وإن عين مسجد المدينة : لم يجزه في غيره ، إلا المسجد الحرام ، على ما تقدم [ ص: 369 ] وإن عين المسجد الأقصى أجزأه المسجدان فقط ، نص عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية