صفحة جزء
قوله ( ويحرم الصبي المميز بإذن وليه ) ، الصحيح من المذهب : أن الصبي المميز لا يصح إحرامه إلا بإذن وليه ، وعليه أكثر الأصحاب ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره . قال في القواعد الأصولية : اختاره الأكثر ، وقال الزركشي : هذا أصح الوجهين ، وقيل : يصح إحرامه بدون إذن وليه ، اختاره المجد ، وابن عبدوس في تذكرته ، وأطلقهما في المحرر ، والرعاية الصغرى ، والفائق والحاويين ، وشرح المجد ، فعلى الثاني : يحلله الولي إذا كان فيه ضرر على الصحيح ، وقيل : ليس له تحليله .

تنبيه : ظاهر قوله ( وغير المميز يحرم عنه وليه ) . أنه لا يصح أن يحرم عنه غير الولي ، وهو صحيح ، وهو ظاهر ما جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والمحرر ، والوجيز ، [ ص: 391 ] وغيرهم ، وجزم به في المستوعب وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، واختاره القاضي وغيره ، وقال : هو ظاهر كلام الإمام أحمد ، وقيل : يصح من الأم أيضا ، وهو ظاهر رواية حنبل ، واختاره جماعة من الأصحاب ، منهم ابن عقيل ، وجزم به في المنور ، وقدمه في الكافي ، والشرح ، والنظم ، وابن رزين في شرحه . قال الزركشي : وإليه ميل أبي محمد ، واختار بعض الأصحاب الصحة في العصبة والأم . قال في الفائق : وكذا الأم والعصبة سواء على أصح الوجهين . قال في الرعاية : يصح في الأظهر ، وجزم به ابن عبدوس في تذكرته ، وألحق المصنف ، والشارح ، وغيرهما : العصبة غير الولي بالأم ، وقال في الحاويين : وفي أمه وعصبته غير وليه وجهان .

فائدة : الولي هنا : من يلي ما له ، فيصح إحرامه عنه ، ولو كان محرما ، ولو كان لم يحج عن نفسه ; لأن معنى الإحرام عنه : عقده له .

تنبيه : ظاهر قوله ( ويفعل عنه ما يعجز عن عمله ) . أنه لا يفعل ما لا يعجز عنه . وهو صحيح ، فيفعل الصغير كل ما يقدر عليه ، كالوقوف والمبيت ، وسواء أحضره الولي أو غيره ، وما يعجز عنه يفعله الولي ، كما قال المصنف . لكن لا يجوز أن يرمي عنه إلا من رمى عن نفسه . كالنيابة في الحج ، فإن قلنا بالإجزاء هناك : فكذا هنا ، وإن قلنا : لا يجزئ هناك وقع عن نفسه هنا إن كان محرما بفرضه ، وإن كان حلالا لم يعتد به ، وإن قلنا : يقع الإحرام باطلا فكذا الرمي هنا ، وإن أمكن الصبي أن يناول النائب الحصاة : ناوله ، وإن لم يمكنه : استحب أن توضع الحصاة في كفه ، ثم تؤخذ منه فيرمي عنه ، فإن وضعها النائب في يده ورمى بها ، فجعل يده كالآلة : فحسن ، وإن أمكنه أن يطوف فعله ، فإن لم يمكنه طيف به محمولا أو راكبا . وتعتبر النية من الطائف به ، وكونه ممن يصح أن يعقد له الإحرام [ ص: 392 ] فإن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي : وقع عن الصبي . كالكبير يطاف به محمولا لعذر ، ويجوز أن يطوف عنه الحلال والمحرم ، وسواء كان طاف عن نفسه أو لا ، وهذا الصحيح من المذهب في ذلك كله ، وذكر القاضي وجها : لا يجزئ عن الصبي كالرمي عن الغير ، فعلى هذا : يقع عن الحامل ; لأن النية هنا شرط ، فهي كجزء منه شرعا ، وقيل : يقع هنا عن نفسه . كما لو نوى الحج عن نفسه وعن غيره ، والمحمول المعذور وجدت النية منه وهو أهل ، ويحتمل أن تلغو نيته هنا ; لعدم التعيين لكون الطواف لا يقع عن غير معين .

التالي السابق


الخدمات العلمية