صفحة جزء
قوله ( وليس للعبد الإحرام إلا بإذن سيده ) . بلا نزاع ، فلو خالف وأحرم من غير إذنه انعقد إحرامه على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب . كالصلاة والصوم ، وقال ابن عقيل : يتخرج بطلان إحرامه بغصبه لنفسه ، فيكون قد حج في بدن غصب ، فهو آكد من الحج بمال [ ص: 395 ] غصب . قال في الفروع : وهذا متوجه . ليس بينهما فرق مؤثر . قال : فيكون هذا المذهب ، ونصره . وسبق مثله في الاعتكاف عن جماعة . قال : ودل اعتبار المسألة بالغصب على تخريج رواية إن أجيز صح وإلا فلا . انتهى . قوله ( فإن فعلا فلهما تحليلهما ) . يعني العبد والمرأة ، فذكر المصنف هنا حكم العبد والمرأة . أما حكم العبد إذا أحرم : فلا يخلو ، إما أن يكون بواجب كالنذر ، أو بتطوع ، فإن كان بواجب : فتارة يحرم بإذنه ، وتارة يحرم بغير إذنه ، وإن كان بتطوع : فتارة أيضا يحرم بإذنه ، وتارة يحرم بغير إذنه ، فإن أحرم بتطوع بغير إذنه : فله تحليله ، إذا قلنا يصح ، وهذا المذهب ، كما هو ظاهر ما جزم به المصنف هنا ، وجزم به في الوجيز ، والمنور ، وابن منجى في شرحه وغيرهم ، واختاره ابن حامد ، والمصنف ، والشارح وغيرهم ، وقدمه ابن رزين ، وابن حمدان ، وغيرهما ، وصححه الناظم وغيره ، وعنه رواية أخرى : ليس له تحليله . نقلها الجماعة عن الإمام أحمد ، واختارها أبو بكر ، والقاضي ، وابنه . قال ناظم المفردات : هذا الأشهر ، وهو منها ، وقدمه في المحرر . وذكر ابن عقيل قول أحمد : لا يعجبني منع السيد عبده من المضي في الإحرام زمن الإحرام والصلاة والصيام ، وقال : إن لم يخرج منه وجوب النوافل بالشروع كان بلاهة ، وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والفروع ، فإن أحرم بنفل بإذنه ، فالصحيح من المذهب : أنه لا يجوز له تحليله ، وعليه الأصحاب ، وقطع به المصنف هنا ، وعنه له تحليله .

فائدة : لو باعه سيده وهو محرم : فمشتريه كبائعه في تحليله وعدمه ، وله الفسخ إن لم يعلم ، إلا أن يملك بائعه تحليله فيحلله [ ص: 396 ] وإن علم العبد برجوع السيد عن إذنه فهو كما لو لم يأذن ، وإن لم يعلم ففيه الخلاف في عزل الوكيل قبل علمه على ما يأتي إن شاء الله تعالى في باب الوكالة ، وأما إن كان إحرامه بواجب ، مثل : إن نذر الحج فإنه يلزمه . قال المجد : لا نعلم فيه خلافا ، وهل لسيده تحليله ؟ لا يخلو : إما أن يكون النذر بإذنه ، أو بغير إذنه ، فإن كان بإذنه : لم يجز له تحليله ، وإن كان بغير إذنه : فهل له منعه أم لا ؟ لوجوبه عليه كواجب صلاة وصوم ؟ قال في الفروع : ولعل المراد بأصل الشرع فيه روايتان . وأطلقهما في الفروع ، والمجد في شرحه . إحداهما : له منعه منه ، وهو الصحيح من المذهب ، اختاره ابن حامد ، والقاضي ، والمصنف ، والشارح [ وقدمه في الرعاية الكبرى والنظم ] . قلت : وهو الصواب ، والرواية الثانية : ليس له منعه منه ، وقدمه في المحرر ، وقال بعض الأصحاب : إن كان النذر معينا بوقت : لم يملك منعه منه ; لأنه قد لزمه على الفور ، وإن كان مطلقا فله منعه منه . قال في الفروع : وعنه ما يدل على خلافه ، وهو ظاهر كلامهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية