صفحة جزء
قوله ( الرابع : لبس المخيط والخفين ، إلا أن لا يجد إزارا . فيلبس سراويل ، أو نعلين ، فيلبس خفين . ولا يقطعهما ، ولا فدية عليه ) هذا المذهب ، نص عليه الإمام أحمد في رواية الجماعة ، وعليه الأصحاب ، وهو من المفردات ، وعنه إن لم يقطع الخفين إلى دون الكعبين : فعليه الفدية . قال الخطابي : العجب من الإمام أحمد في هذا يعني في قوله " بعدم القطع " فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه ، وقلت : سنة لم تبلغه . قال الزركشي : قلت : والعجب كل العجب من الخطابي في توهمه عن أحمد مخالفة السنة ، أو خفائها . وقد قال المروذي : احتججت على أبي عبد الله بقول ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقلت : هو زيادة في الخبر ، فقال : هذا حديث ، وذاك حديث ، فقد اطلع على السنة ، وإنما نظر نظرا لا ينظره إلا الفقهاء المتبصرون . وهذا يدل على غايته في الفقه والنظر . انتهى . [ ص: 465 ] وفي الانتصار احتمال : يلبس سراويل للعورة فقط . ويأتي في أول جزاء الصيد : إذا لبس مكرها .

تنبيه : ظاهر قوله ( ولا يقطعهما ) . أنه لا يجوز قطعهما ، وهو صحيح . قال الإمام أحمد : هو إفساد . واحتج المصنف ، والشارح ، وغيرهما بالنهي عن إضاعة المال ، وقدمه في الفروع . وجوز القطع أبو الخطاب وغيره . وقاله القاضي ، وابن عقيل ، وأن فائدة التخصيص : كراهته لغير إحرام . قال المصنف : والأولى قطعهما ، عملا بالحديث الصحيح ، وخروجا عن حالهما من غير قطع .

فوائد . الأولى : الران . كالخف فيما تقدم . الثانية : لو لبس مقطوعا ، دون الكعبين ، مع وجود نعل : لم يجز ، وعليه الفدية ، على الصحيح من المذهب ، نص عليه ، وقدمه في الفروع ، والفائق ، والمغني ، والشرح . وقال القاضي ، وابن عقيل في مفرداته ، والمجد ، والشيخ تقي الدين : يجوز له لبسه . ولا فدية عليه ; لأنه ليس بخف ، فلبس اللالكة والجمجم ونحوهما : يجوز ، على الثاني لا الأول ، وقال [ ص: 466 ] المصنف ، والشارح : وقياس قول الإمام أحمد في اللالكة والجمجم : عدم لبسهما . لا مع عدم النعلين .

الثالثة : لو وجد نعلا لا يمكنه لبسها : لبس الخف ، ولا فدية ، وقدمه في الفروع . اختاره المصنف ، والشارح . قلت : وهو الصواب ، والمنصوص عن الإمام أحمد : أن عليه الفدية بلبس الخف ، وقدمه في الرعايتين ، والحاويين . قلت : هذا المذهب .

الرابعة : يباح النعل كيفما كانت على الصحيح من المذهب . لإطلاق إباحتها ، وقدمه في الفروع . وعنه تجب الفدية في عقب النعل أو قيدها . وهو السير المعترض على الزمام ، وذكره في الإرشاد ، وقال القاضي : مراده العريضين ، وصححه بعضهم ; لأنه معتاد فيها .

تنبيه : شمل قوله " لبس المخيط " ما عمل على قدر العضو ، وهذا إجماع ، ولو كان درعا منسوجا ، أو لبدا معقودا ونحو ذلك . قال جماعة : بما عمل على قدره وقصد به . وقال القاضي وغيره : ولو كان غير معتاد ، كجورب في كف ، وخف في رأس ، فعليه الفدية .

فائدتان . الأولى : لا يشترط في اللبس أن يكون كثيرا ، بل الكثير والقليل سواء . قوله ( ولا يعقد عليه منطقة ، ولا رداء ، ولا غيره ) ، نص عليه ، وليس له أن يحكمه بشوكة ، أو إبرة ، أو خيط ، ولا يزره في عروته ولا يغرزه في إزاره ، فإن فعل أثم وفدى . [ ص: 467 ]

الثانية : يجوز شد وسطه بمنديل وحبل ونحوهما إذا لم يعقده . قال الإمام أحمد في محرم حزم عمامته على وسطه لا يعقدها ، ويدخل بعضها في بعض . جزم به في المغني ، والشرح ، وقال الشيخ تقي الدين : يجوز له شد وسطه بحبل وعمامة ونحوهما . وبرداء لحاجة .

قوله ( ولا يعقد عليه منطقة ) . اعلم أن المنطقة لا تخلو : إما أن تكون فيها نفقته أو لا ، فإن كان فيها نفقته فحكمها حكم الهميان ، على ما يأتي في كلام المصنف ، وإن لم يكن فيها نفقته ، فلا يخلو إما أن يلبسها لوجع أو لحاجة أو غيرهما ، فإن لبسها لوجع أو لحاجة ، فالصحيح أنه يفدي ، وكذا لو لبسها لغير حاجة بطريق أولى ، وفي المستوعب ، والترغيب رواية : أن المنطقة كالهميان ، اختاره الآجري ، وابن أبي موسى ، وابن حامد ، وذكر المصنف وغيره : أن الفرق بينهما النفقة وعدمها ، وإلا فهما سواء . قال في الفروع : وهو أظهر . قوله ( إلا إزاره وهميانه الذي فيه نفقته إذا لم يثبت إلا بالعقد ) أما الإزار إذا لم يثبت إلا بالعقد : فله أن يعقده بلا نزاع ، وأما الهميان : فله أيضا أن يعقده إذا لم يثبت إلا بالعقد إذا كانت نفقته فيه . هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، وفي روضة الفقه لبعض الأصحاب ولم يعلم من هو مصنفها : لا يعقد سيور الهميان . وقيل : لا بأس ، احتياطا على النفقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية