صفحة جزء
قوله ( إلا القمل في رواية إذا قتله المحرم ) . اعلم أن في جواز قتل القمل وصئبانه للمحرم روايتين ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والهادي ، والمغني ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق ، وشرح ابن منجى . إحداهما : يباح قتلها . كالبراغيث ، جزم به في الوجيز ، والإفادات ، والمنور والمنتخب ، وصححه في التصحيح ، والخلاصة ، والنظم ، فلا تفريع عليها ، والرواية الثانية : لا يباح قتلها . كالبراغيث ، وهي صحيحة من المذهب ، وهي ظاهر كلام الخرقي . قال الزركشي : هي أنصر الروايتين . واختيار الخرقي ، وجزم به في الإفادات وقدمه في الفروع ، وشرح ابن رزين ، والزركشي ، والمحرر ، فعلى المذهب : هل يجب عليه في قتلها جزاء ؟ فيه روايتان . وأطلقهما في الفروع ، والزركشي ، والكافي . إحداهما : لا جزاء عليه ، وهي المذهب . قال في العمدة : لا شيء فيما حرم أكله إلا المتولد ، وقدمه في المغني ، والشرح ، وابن رزين ، وصححه في النظم ، فلا تفريع عليها . والثانية : عليه جزاء ، وقال في المحرر : إن حرم قتله : ففيه الفدية ، وإلا فلا [ وهو ظاهر ما جزم به في الهداية ، والمستوعب ، والرعايتين ، والحاويين وغيرهم ] فعليها : أي شيء تصدق به كان خيرا منه ، جزم به المصنف ، وجزم به [ ص: 487 ] في المغني ، والشرح ، والفائق ، والفروع ، والزركشي ، والمحرر ، والرعاية وغيرهم . [ وقال في المذهب : إذا قلنا : لا يباح قتله وكان قد جعل في رأسه زئبقا قبل الإحرام ثم يقع ، فيها بعد الإحرام صيد على ما تقدم ] .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أن الروايتين في تحريم قتل القمل لا فرق فيهما بين قتله ورميه ، أو قتله بالزئبق ونحوه من رأسه وبدنه ، وثوبه ظاهره وباطنه ، وهو اختيار المصنف ، والشارح [ وجزم به ابن رزين وغيره ، وقدمه في الرعاية الكبرى وغيره ، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب ] ، وقيل : رميه من غير ظاهر ثوبه كقتله ، وقال في المذهب : إذا قلنا : لا يباح قتله وكان قد جعل في رأسه زئبقا قبل الإحرام ، فتلف الإحرام : لم يضمن . انتهى .

قلت : هذا يفتي من نصب الأحبولة قبل الإحرام ، ثم يقع فيها بعد الإحرام صيد ، ما تقدم [ وأطلقهما في الفروع ] ، وقال القاضي وابن عقيل : إنما الروايتان فيما إذا أزاله من شعره وبدنه وباطن ثوبه ، ويجوز من ظاهره . نقله عنهما في الفروع ، وحكى المصنف والشارح : أن الروايتين فيما أزاله من شعره . أما ما ألقاه من ظاهر بدنه وثوبه فلا شيء فيه ، رواية واحدة . انتهيا .

قال الزركشي : قال القاضي في الروايتين : وموضع الروايتين : إذا ألقاها من شعر رأسه أو بدنه أو لحمه . أما إن ألقاها من ظاهر بدنه ، أو ثيابه ، أو بدن محل ، أو محرم غيره : فهو جائز ، ولا شيء عليه رواية واحدة .

فائدة : يجوز قتل البراغيث مطلقا على الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به أكثرهم ، وهو ظاهر كلام المصنف هنا ، وقال في الفروع : ظاهر تعليق القاضي : أن البراغيث كالقمل . قال : وهو متوجه ، وجزم في الرعاية في موضع : لا يقتل البراغيث ، ولا البعوض . وذكره [ ص: 488 ] في موضع آخر قولا ، وزاد : ولا قرادا . وقال الشيخ تقي الدين : إن قرصه ذلك . قتله مجانا ، وإلا فلا يقتله .

تنبيه : مفهوم قوله " إلا القمل إذا قتله المحرم " أنه لا يحرم قتله في الحرم ، وهو صحيح ، فيباح بلا نزاع بين الأصحاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية