صفحة جزء
قوله ( والمرأة إحرامها في وجهها ) . هذا بلا نزاع ، فيحرم عليها تغطيته ببرقع ، أو نقاب ، أو غيرهما . ويجوز لها أن تسدل على وجهها لحاجة على الصحيح من المذهب ، وأطلق جماعة من الأصحاب جواز السدل . وقال الإمام أحمد : إنما لها أن تسدل على وجهها من فوق ، وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل . [ ص: 503 ] قال المصنف : كأن أحمد يقصد أن النقاب من أسفل على وجهها ، وقال القاضي ، ومن تبعه : تسدل ولا يصيب البشرة ، فإن أصابها ، فلم ترفعه مع القدرة : فدت ، لاستدامة الستر . قال المصنف : ليس هذا الشرط عن أحمد ، ولا في الخبر ، والظاهر خلافه ، فإن المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة ، فلو كان شرطا لبينه قال في الفروع : وما قاله صحيح . قال الشيخ تقي الدين : ولو مس وجهها : فالصحيح جوازه ; لأن وجهها كيد الرجل .

تنبيه : مفهوم كلام المصنف وغيره : أن غير الوجه لا يحرم تغطيته ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقال أبو الفرج الشيرازي في الإيضاح : والمرأة إحرامها في وجهها ، وكفيها . قال في المبهج : وفي الكفين روايتان ، وقال في الانتصار : المرأة أبيح لها كشف الوجه في الصلاة والإحرام .

فائدة : يجتمع في حق المحرمة : وجوب تغطية الرأس ، وتحريم تغطية الوجه ، ولا يمكنها تغطية كل الرأس إلا بتغطية جزء من الوجه ، ولا كشف جميع الوجه إلا بكشف جزء من الرأس ، والمحافظة على ستر الرأس كله أولى ; لأنه آكد ; لأنه عورة ، ولا يختص بالإحرام . قاله المصنف ، والشارح ، وصاحب الفروع ، والزركشي ، وغيرهم . قلت : لعلهم أرادوا بذلك الاستحباب ، وإلا حيث قلنا : يجب كشف الوجه ، فإنه يعفى عن الشيء اليسير منه ، وحيث قلنا : يجب ستر الرأس ، فيعفى عن الشيء اليسير . كما قلنا في مسح الرأس في الوضوء على ما تقدم . قوله ( ولا تلبس القفازين ) . يعني أنه يحرم عليها لبسهما ، نص عليه ، وهما شيء يعمل لليدين . كما يعمل [ ص: 504 ] للبزاة ، وفيه الفدية كالرجل ، فإنه أيضا يمنع من لبسهما ، ولا يلزم من تغطيتهما بكمها لمشقة التحرز : جوازه بهما . بدليل تغطية الرجل قدميه بإزاره لا بخف ، وإنما جاز تغطية قدمها بكل شيء ; لأنها عورة في الصلاة ، ولنا في الكفين روايتان . أو الكفان يتعلق بهما حكم التيمم كالوجه .

فائدة : لو لفت على يديها خرقا أو خرقة ، وشدتها على حناء أولا . كشده على جسده شيئا . ذكره في الفصول عن أحمد ، فقال في الفروع : ظاهر كلام الأكثر : لا يحرم عليها ذلك ، واختاره في الفائق ، وقال القاضي وغيره : هما : كالقفازين ، واقتصر عليه في المستوعب .

التالي السابق


الخدمات العلمية