صفحة جزء
قوله ( الثاني : جزاء الصيد . ، يخير فيه بين المثل ، أو تقويمه بدراهم يشتري بها طعاما ، فيطعم كل مسكين مدا ، أو يصوم عن كل مد يوما ، وإن كان لا مثل له : خير بين الإطعام والصيام ) أي : تقويم المثل بدراهم يشتري بها طعاما ، فيطعم كل مسكين مدا ، أو يصوم عن كل مد يوما ، وإن كان مما لا مثل له خير بين الإطعام والصيام . اعلم أن الصحيح من المذهب : أن كفارة جزاء الصيد على التخيير ، نص عليه ، وعليه الأصحاب . قاله في الفروع وغيره . قال الزركشي : هو المنصوص ، والمختار للأصحاب ، وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع ، والمغني ، والشرح ، والمحرر وغيرهم ، وعنه أن جزاء الصيد على الترتيب فيجب المثل ، فإن لم يجد : لزمه الإطعام فإن لم يجد : صام . نقلها محمد بن الحكم ، فعلى المذهب : يخير بين الثلاثة الأشياء التي ذكرها المصنف ، وهي إخراج المثل ، أو التقويم بطعام ، أو الصيام عنه ، وهذا الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب ، وعنه الخيرة بين شيئين ، وهي إخراج المثل ، والصيام ، والإطعام فيها . وإنما ذكر في الآية ليعدل به الصيام ; لأن من قدر على الإطعام قدر على الذبح . نقلها الأثرم . وعلى المذهب أيضا : لو أراد الإطعام ، فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ، ونص عليه أن يقوم المثلي . كما قال المصنف " بدراهم . ويشتري بها طعاما " ، وعنه لا يقوم المثلي ، وإنما يقوم الصيد مكان إتلافه أو بقربه ، وأطلقهما [ ص: 510 ] في الإرشاد ، وحيث قوم المثلي أو الصيد : فإنه يشتري به طعاما للمساكين على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب ، وعنه له الصدقة بالدراهم . وليست القيمة مما خير الله [ فيه ] . ذكرها ابن أبي موسى ، وقال المصنف وتبعه الشارح وهل يجوز إخراج القيمة ؟ فيه احتمالان تنبيهات : الأول : التقويم : يكون بالموضع الذي أتلفه فيه وبقربه . نقلها ابن القاسم وسندي ، وجزم به القاضي وغيره ، وقدمه في الفروع ، وجزم غير واحد يقومه بالحرم ; لأنه محل ذبحه . وتقدم رواية أنه يقوم الصيد مكان إتلافه أو بقربه .

الثاني : الطعام هنا : هو الذي يخرج في الفطرة ، وفدية الأدنى على الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع وغيرهم ، وقيل : يجزئ أيضا كل ما يسمى طعاما ، وهو احتمال في المغني وغيره ، وجزم به القاضي في الخلاف .

الثالث : ظاهر قوله " فيطعم كل مسكين مدا " أنه سواء كان من البر ، أو من غيره ، وكذا هو ظاهر الخرقي ، وأجراه ابن منجى على ظاهره ، وشرح عليه ولم يتعرض إلى غيره ، وقال الشارح : والأولى أنه لا يجزئ من غير البر أقل من نصف صاع ; لأنه لم يرد في الشرع في موضع بأقل من ذلك في طعمة المساكين . قال الزركشي : هذا المنصوص والمشهور ، وجزم به في الرعاية الصغرى ، والحاويين ، والمحرر . قلت : وهو المذهب المنصوص . [ ص: 511 ]

الرابع : ظاهر قوله أيضا " أو يصوم عن كل مد يوما " أنه سواء كان من البر أو من غيره ، وهو ظاهر كلام الخرقي أيضا ، وتابعه في الإرشاد ، والجامع الصغير ، وعقود ابن البنا ، والإيضاح ، وقدمه في التلخيص ، والشرح ، وهو رواية أثبتها بعض الأصحاب ، والصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب : أنه يصوم عن طعام كل مسكين يوما . قدمه في الفروع ، وجزم به في المحرر ، والرعاية الصغرى ، والحاويين .

فوائد . الأولى : أطلق الإمام أحمد في رواية عنه ، فقال " يصوم عن كل مد يوما " وأطلق في رواية أخرى ، فقال " يصوم عن كل مدين يوما " ، فنقل المصنف في المغني ، والشارح ، وصاحب التلخيص عن القاضي ، أنه قال : المسألة رواية واحدة ، وحمل رواية المد على البر ، ورواية المدين على غيره . قال الزركشي : والذي رأيته في روايتي القاضي : أن حنبلا وابن منصور نقلا عنه " أنه يصوم عن كل نصف صاع يوما " وأن الأثرم نقل في فدية الأذى " عن كل مد يوما ، وعن نصف صاع تمرا أو شعيرا يوما " قال : وهو اختيار الخرقي وأبي بكر . قال : ويمكن أن يحمل قوله " عن كل نصف صاع يوما " على أن نصف الصاع من التمر والشعير ، لا من البر . انتهى . قال الزركشي : وعلى هذا : فإحدى الروايتين مطلقة ، والأخرى مقيدة . لا أن الروايتين مطلقتين ، وإذا يسهل الحمل ، ولذلك قطع أبو البركات وغيره إلى أن عزا ذلك إلى الخرقي ، وفيه نظر . انتهى . وقال في الفروع : فأقر بعض الأصحاب النصين على ظاهرهما ، وحمل بعض الأصحاب ذلك على ما سبق يعني حمل رواية المد على البر ، ورواية المدين على غيره قال : وهو أظهر . انتهى . [ ص: 512 ]

الثانية : لو بقي من الطعام ما لا يعدل يوما : صام عنه يوما ، نص عليه ; لأنه لا يتبعض . الثالثة : لا يجب التتابع في هذا الصيام بلا نزاع أعلمه للآية . الرابعة : لا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ، ويطعم عن بعضه ، نص عليه ولا أعلم فيه خلافا .

التالي السابق


الخدمات العلمية