صفحة جزء
قوله ( النوع الثالث : فدية الوطء : تجب بدنة ، فإن لم يجدها صام عشرة أيام ، ثلاثة في الحج ، وسبعة إذا رجع كدم المتعة لقضاء الصحابة رضي الله عنهم ) هذا المذهب . يعني أنه ينتقل من الهدي إلى الصيام . قال المصنف ، والشارح : هذا الصحيح من المذهب ، وجزم به في الوجيز ، والمنتخب ، وقدمه في الفروع ، والكافي ، وتجريد العناية . ( وقال القاضي : إن لم يجد البدنة أخرج بقرة ، فإن لم يجد فسبعا من الغنم ، فإن لم يجد أخرج بقيمتها أي البدنة طعاما فإن لم يجد صام عن كل مد يوما ) ، وقدمه في الهداية . والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب . والخلاصة ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق ، وغيرهم ، وقالوا : فإن لم يجد صام عن كل مد بر ، أو نصف صاع تمر ، أو شعير يوما ، وقال في الفروع : وقال القاضي : تصدق بقيمة البدنة طعاما ، فإن لم يجد صام عن طعام كل مسكين يوما كجزاء الصيد . لا ينتقل في إحدى الروايتين إلا إلى الإطعام مع وجود المثل . ولا إلى الصيام مع القدرة على الإطعام ، ونقله أيضا المصنف ، والشارح عن القاضي ويأتي في كلام المصنف " من وجبت عليه بدنة : أجزأته بقرة ويجزئه أيضا سبع من الغنم " على ما يأتي هناك . [ ص: 519 ] قال المصنف هنا : وظاهر كلام الخرقي : أنه مخير في هذه الخمسة ، فبأيها كفر أجزأه . وكذا نقله عنه في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والتلخيص ، والحاويين ، وغيرهم . قال الشارح : إنما صرح الخرقي بإجزاء سبع من الغنم مع وجود البدنة . هكذا ذكر في كتابه ، ولعل ذلك قد نقله بعض الأصحاب عنه في غير كتابه المختصر . انتهى .

فائدة : قال ابن منجى في شرحه : قال صاحب النهاية فيها يعني : بعد هذا منشأ الخلاف بين الخرقي والقاضي : أن الوطء هل هو من قبيل الاستمتاعات أو من قبيل الاستهلاكات ؟ فعلى هذا ، إن قيل : هو من قبيل الاستمتاعات : وجب أن تكون كفارته على التخيير ; لأن الطيب واللبس استمتاع ، وهما على التخيير على الصحيح ، وإن قيل : هو من قبيل الاستهلاك : وجب أن يكون على الترتيب ; لأن قتل الصيد استهلاك . وكفارته على الترتيب على الصحيح . انتهى .

فائدة : قال ابن منجى في شرحه : واعلم أن الانتقال من البدنة إلى الصيام لم أجد به قولا لأحمد ، ولا لأحد من الأصحاب ، وكأنه والله أعلم اختاره لما فيه من موافقة العبادلة ، إلا أن فيه نظرا نقلا وأثرا . أما النقل : فقال في المغني : يجب على المجامع بدنة ، فإن لم يجد فشاة . وأيضا فإنه شبه هنا فدية الوطء بفدية المتعة . والشبه إنما يكون في ذات الواجب ، أو في نفس الانتقال . ويرد على الأول : أنه لا يجب فيها بدنة بل شاة ، وعلى الثاني : أنه لا يجوز الانتقال في المتعة مع القدرة على الشاة . قلت : في كلام ابن منجى شيء ، وهو أنه نقل عن المصنف في المغني أنه قال : يجب على المجامع بدنة ، فإن لم يجد فشاة ، وهذا لم ينقله المصنف في المغني عن أصحاب [ ص: 520 ] المذهب ، وإنما نقله عن الثوري وإسحاق ، فلعله كان في النسخة التي عنده نقص ، فسقط هذا النقل والاعتراض ، وقوله " والشبه إنما يكون في ذات الواجب ، أو في نفس الانتقال " فيرد على الأول : أنه لا يجب فيها بدنة ، بل شاة . قلت : هذا غير وارد ، والجامع بينهما : أن هذا هدي وهذا هدي ، ولا يلزم المساواة من كل وجه . بل يكتفى بجامع ما . وقوله " ويرد على الثاني : أنه لا يجوز الانتقال في المتعة مع القدرة على الشاة " قلت : وهذا مسلم ، فإنا نقول : لا يجوز الانتقال من الهدي الواجب بالوطء مع القدرة عليه ، وهكذا قال المصنف ، فلا يرد عليه ، وقوله " وأما الأثر " فإن المروي عن العبادلة : أن من أفسد حجه : أفتوه إذا لم يجد الهدي انتقل إلى صيام عشرة أيام ، ولا يلزم في حق من لم يجد بدنة أن يقال عنه : لم يجد الهدي ; لأنه قد لا يجد بدنة ويجد بقرة أو شاة . قلنا : هذا مسلم . والمصنف رحمه الله . قد نبه على هذا بعد ذلك بقوله " ومن وجبت عليه بدنة : أجزأته بقرة ، ويجزئه أيضا سبع من الغنم على ما يأتي " فلم يمنع ذلك المصنف . غايته : أن ذلك ظاهر كلامه ، فيرد بصريح كلامه الآتي ، ونقيده به . وكلام المصنف يقيد بعضه بعضا ، وهذا عجب منه إذ هو شارح كلامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية