صفحة جزء
قوله ( وكل هدي أو إطعام فهو لمساكين الحرم إن قدر على إيصاله إليهم ) . [ يعني : إذا كان متعلقا بالإحرام ، أو ] الحرم ، فالهدايا والضحايا مختصة بمساكين الحرم . كهدي التمتع والقران وغيرهما . كذا ما وجب لترك واجب كالإحرام من الميقات ، وطواف الوداع ونحوهما ، وكذا أجزاء المحظورات إذا فعلها في الحرم ، نص عليه ، فيجب نحره بالحرم ، ويجزئه في أي نواحي الحرم كان . قال الإمام أحمد " ومكة ومنى واحد " ، وقال مالك " لا ينحر في الحج إلا بمنى ، ولا في العمرة إلا بمكة " قال في الفروع : وهو متوجه . [ ص: 532 ] وأما الإطعام : فهو تبع للنحر ، ففي أي موضع قيل في النحر فالطعام كذلك .

فوائد . إحداها : الأفضل أن ينحر في الحج بمنى ، وفي العمرة بالمروة . جزم به في التلخيص ، والبلغة ، والرعايتين ، والحاويين ، وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم .

الثانية : اختصاص فقراء الحرم بهدي المحصر من مفردات المذهب . قال ناظمها : وهديه فعندنا يختص بفقراء الحرم قد نصوا . الثالثة : لو سلمه للفقراء فنحروه أجزأ ، فإن لم يفعلوا استرده ونحره ، فإن أبى أو عجز ضمنه ، وقال في الفروع : ويتوجه احتمال لا يضمن ، ويجب تفرقة لحمه بالحرم ، وإطلاقه لمساكينه . الرابعة : مساكين الحرم : من كان فيه من أهله ومن ورد إليه من الحاج وغيرهم ، وهم الذين تدفع إليهم الزكاة .

تنبيه : مفهوم قوله " إن قدر على إيصاله " أنه إذا لم يقدر على إيصاله إليهم : أنه يجوز ذبحه وتفرقته هو والطعام في غير الحرم ، وهو صحيح ، والصحيح من الروايتين . قال في الفروع : والجواز أظهر ، وجزم به الشارح ، وقدمه في الرعاية ، والرواية الثانية : لا يجوز ، وهو قول في الرعاية . قوله ( إلا فدية الأذى أو اللبس ونحوهما ) . كالطيب ونحوه ، وزاد في الرعايتين ، والحاويين : ودم المباشرة دون الفرج إذا لم ينزل . وقال في الفروع : وما وجب بفعل محظور فحيث فعله ولم يستثنى سوى جزاء الصيد ، وكذا قال الزركشي : إذا وجد سببها في الحل فيفرقها حيث وجد سببها ، وهذا المذهب مطلقا ، وعليه أكثر الأصحاب . [ ص: 533 ] وعنه يفرقها في الحرم ، وقاله الخرقي في غير الحلق . قال في الفصول ، والتبصرة : لأنه الأصل . خولف فيه لما سبق ، واعتبر في المجرد والفصول : العذر في المحظور ، وإلا فغير المعذور كسائر الهدي . قال الزركشي : وقال القاضي ، وابن عقيل ، وأبو البركات : ما فعله لعذر ينحر هديه حيث استباحه ، وما فعله لغير عذر اختص بالحرم .

تنبيهان : أحدهما : حيث قيل : النحر في الحل ، فذلك على سبيل الجواز ، على مقتضى كلام المصنف والمجد وغيرهما ، وظاهر كلام المصنف ، والخرقي ، والتلخيص : الوجوب . الثاني : مفهوم كلامه : أن فدية الأذى واللبس ونحوهما : إذا وجد سببها في الحرم يفرقها فيه ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، نص عليه ، وعليه الأصحاب ، وعنه يفرقه حيث فعله . كحلق الرأس . ذكرها القاضي . قال المصنف : وتقدم ذلك .

فوائد . الأولى : جزاء الصيد : لمساكين الحرم على الصحيح من المذهب . نص عليه ، وعليه الأصحاب والشارح ، وهذا يخالف نص الكتاب ، ومنصوص أحمد ، فلا يعول عليه . وقيل : يفرقه حيث قتله لعذر .

الثانية : دم الفوات كجزاء الصيد . الثالثة : وقت ذبح فدية الأذى واللبس ونحوهما ، وما ألحق به : حين فعله ، إلا أن يستبيحه لعذر ، فله الذبح قبله . قال في المحرر وغيره : كذلك ما وجب لترك واجب . الرابعة : لو أمسك صيدا أو جرحه . ثم أخرج جزاءه ، ثم تلف المجروح [ ص: 534 ] أو الممسك ، أو قدم من أبيح له الحلق فديته قبل الحلق ، ثم حلق : أجزأ ، نص عليه وقال في الرعاية : إن أخرج فداء صيد بيده قبل تلفه فتلف : أجزأ عنه ، وهو بعيد . قال في الفروع : كذا قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية