صفحة جزء
قوله ( ووقت الذبح : يوم العيد ، بعد الصلاة أو قدرها ) ظاهر هذا : أنه إذا دخل وقت صلاة العيد ، ومضى قدر الصلاة : فقد دخل وقت الذبح ولا يعتبر فعل ذلك ولا فرق في هذا بين أهل الأمصار والقرى ممن يصلي العيد وغيرهم قاله الشارح [ ص: 84 ] وقال ابن منجا في شرحه : أما وقت الذبح ، فظاهر كلام المصنف هنا : إذا مضى أحد أمرين : من صلاة العيد ، أو قدرها لأنه ذكر ذلك بلفظ " أو " وهي للتخيير ولم يفرق بين من تقام صلاة العيد في موضع ذبحه ، أو لم تقم انتهى

واعلم أن الصحيح من المذهب : أن وقت الذبح بعد صلاة العيد فقط في حق أهل الأمصار والقرى ممن يصلي وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي ، وعامة أصحابه ، كالشريف أبي جعفر ، وأبي الخطاب في خلافيهما ، وابن عقيل في التذكرة ، والشيرازي ، وابن البنا في الخصال ، والمصنف ، والشارح ، وابن عبدوس في تذكرته ، وغيرهم وقدمه في المستوعب ، والتلخيص ، والبلغة ، والمحرر ، والفروع ، والرعايتين ، والحاويين ، والنظم والفائق وغيرهم فلو سبقت صلاة إمام في البلد : جاز الذبح وعنه وقته : بعد صلاة العيد والخطبة اختاره المصنف في الكافي وقال الخرقي وغيره : وقته قدر صلاة العيد والخطبة فلم يشترط الفعل وجزم به في الإيضاح وهو رواية عن أحمد ذكرها في الروضة وقيل : لا يجزئ الذبح قبل الإمام اختاره ابن أبي موسى وقيل : ذلك مخصوص ببلد الإمام وجزم به في عيون المسائل وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية فقال : وعنه إذا ضحى الإمام في بلده ضحوا انتهى قلت : وهذا متعين

تنبيه :

تابع المصنف رحمه الله تعالى هنا : أبا الخطاب في الهداية وعبارته في المذهب ، والخلاصة ، والوجيز ، وتجريد العناية ، وغيرهم : كذلك فالذي يظهر : أن كلام المصنف هنا ومن تابعه المصنف وتابع المصنف موافق المذهب وأن قوله " بعد الصلاة " يعني : في حق من يصليها وقوله " أو قدرها " في حق من لم يصل وتكون " أو " في كلامه للتقسيم لا للتخيير ولهذا والله أعلم لم يحك صاحب الفروع هذا القول ولم يعرج عليه [ ص: 85 ] وقد قال في النظم : وبعد صلاة العيد أو بعد قدرها لمن لم يصل وكذا قال في الرعاية الكبرى ، والحاوي ، وغيرهما فغاية كلام المصنف : أن يكون فيه إضمار معلوم و هو كثير مستعمل إذ يبعد جدا : أن يأتي المصنف ومن وافقه بما يخالف كلام الأصحاب لكن صاحب الرعاية حكاه قولا والظاهر : أنه توهم ذلك فحكاه قولا فائدة :

حكم أهل القرى الذين لا صلاة عليهم ومن في حكمهم ، كأصحاب الطنب الخركاوات ونحوهم في وقت الذبح : حكم أهل القرى ، والأمصار الذين يصلون على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب فإن قلنا " وقته بعد صلاة العيد في حقهم " فقدرها في حق من لا تجب عليه كذلك وإن قلنا " بعد الصلاة والخطبة " فقدرها كذلك في حقهم وإن قلنا مع ذلك " ذبح الإمام " اعتبر قدر ذلك أيضا وقد علمت المذكور ذلك فكذا المذهب هنا هذا الصحيح من المذهب وجزم به كثير من الأصحاب منهم صاحب المستوعب ، والحاوي الكبير وقدمه في الفروع قال الزركشي : عامة أصحاب القاضي على ذلك وقال في الترغيب : هو كغيره في الأصح وقال في التلخيص ، والبلغة : فأما أهل القرى الذين لا صلاة عليهم ، لقلتهم ، ومن في حكمهم فأول وقتهم : ذلك الوقت في أحد الوجهين وفي الآخر : أن يمضي من يوم العيد مقدار ذلك وقال في الفائق بعد أن حكى الخلاف في أهل الأمصار ومن في حكمهم من أهل القرى وهو وقت لأهل البر في أحد الوجهين والثاني : مقداره وقال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : وقت الذبح بعد صلاة العيد وقيل : أو قدرها لأهل البر [ ص: 86 ] وقال في الرعاية الكبرى : وقته بعد الصلاة ، أو قدرها لأهل البر وقيل : وغيرهم وقال في الجامع الصغير : لا يجوز إلا بعد صلاة الإمام وخطبته قال الزركشي : وهو ظاهر كلام أبي محمد يعني به المصنف في المغني قلت : قطع به في الكافي

تنبيه :

أطلق المصنف ، وأكثر الأصحاب : قدر الصلاة والخطبة فقال الزركشي : يحتمل أن يعتبر ذلك بمتوسط الناس وأبو محمد اعتبر قدر صلاة وخطبتين تامتين في أخف ما يكون

فوائد

منها : إذا لم يصل الإمام في المصر : لم يجز الذبح حتى تزول الشمس عند من اعتبر نفس الصلاة فإذا زالت جاز على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به في المغني ، والشرح وقدمه في الفروع وغيره وقال ابن عقيل : الذبح يتبع الصلاة قضاء ، كما يتبعها أداء ، ما لم يؤخر عن أيام الذبح ، فيتبع الوقت ضرورة ومنها : حكم الهدي المنذور في وقت الذبح : حكم الأضحية فيما تقدم وتقدم وقت ذبح فدية الأذى واللبس ونحوها في أواخر باب الفدية وتقدم وقت ذبح دم التمتع والقران في باب الإحرام بعد قوله " ويجب على المتمتع والقارن دم نسك " ومنها : لو ذبح قبل وقت الذبح لم يجز وله أن يفعل به ما شاء على الصحيح من المذهب وقيل : هو كالأضحية وعليه بدل الواجب قوله ( إلى آخر يومين من أيام التشريق ) هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم [ ص: 87 ] وقال في الإيضاح : آخره آخر يوم من أيام التشريق واختار ابن عبدوس في تذكرته : أن آخره آخر اليوم الثالث من أيام التشريق واختاره الشيخ تقي الدين قاله في الاختيارات وجزم به ابن رزين في نهايته ، والظاهر : أنه مراد صاحب الإيضاح فإن كلامه محتمل فائدة :

أفضل وقت الذبح : أول يوم من وقته ، ثم ما يليه قلت : والأفضل اليوم الأول عقيب الصلاة والخطبة وذبح الإمام إن كان قوله ( ولا يجزئ في ليلتهما في قول الخرقي ) وهو رواية عن أحمد نص عليه في رواية الأثرم واختارها جماعة منهم الخلال قال : وهي رواية الجماعة وجزم به في الإيضاح ، والوجيز وقدمه في المغني

وقال غيره : يجزئ وهو الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منه القاضي وأصحابه

قال المصنف والشارح : اختاره أصحابنا المتأخرون وصححه في التلخيص وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وأطلقهما في الحاويين والرعايتين ، والفائق فائدة

: قال ابن البنا في خصاله : يكره ذبح الهدايا والضحايا ليلا في أول يوم ولا يكره ذلك في اليومين الأخيرين قلت : الأولى الكراهة ليلا مطلقا قوله ( فإن فات الوقت : ذبح الواجب قضاء وسقط التطوع ) فإذا ذبح الواجب كان حكمه حكم أصله على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال في التبصرة : يكون لحما يتصدق به ، لا أضحية في الأصح

التالي السابق


الخدمات العلمية