صفحة جزء
قوله ( ولا يصح بيع ما فتح عنوة ولم يقسم ) هذا المذهب بلا ريب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وعنه يصح . ذكرها الحلواني . واختارها الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى . وذكره قولا عندنا . قلت : والعمل عليه في زماننا . وقد جوز الإمام أحمد رحمه الله إصداقها . وقاله المجد . وتأوله القاضي على نفعها فقط . وعنه يصح الشراء دون البيع . وعنه يصح لحاجته . قوله ( كأرض الشام ، والعراق ، ومصر ، ونحوها ) الصحيح من المذهب : أن مصر مما فتح عنوة ، ولم يقسم . جزم به صاحب الفروع وغيره من الأصحاب . وقال في الرعاية : وكمصر في الأشهر فيها . [ ص: 287 ]

فائدة :

لو حكم بصحة البيع حاكم [ أو رأى الإمام المصلحة فيه فباعه ] صح لأنه مختلف فيه . قاله المصنف والشارح . وإن أقطع الإمام هذه الأرض ، أو وقفها فقيل : يصح . وقيل في النوادر : لا يصح . قلت : الصواب أن حكم الوقف حكم البيع . وأطلقهما في الفروع . وقال الشيخ تقي الدين : لو جعلها الإمام فيئا ، صار ذلك حكما باقيا فيها دائما ، وأنها لا تعود إلى الغانمين .

تنبيه :

يحتمل قوله ( إلا المساكن ) . أنها سواء كانت محدثة بعد الفتح ، أو من جملة الفتح . وهو اختيار جماعة من الأصحاب . قاله في الفروع . ويحتمله كلامه في المغني ، والشرح ، والمحرر ، والرعايتين والحاويين ، والوجيز ، وغيرهم . نقل ابن الحكم فيمن أوصى بثلث ملكه ، وله عقار في أرض السواد قال : لا تباع أرض السواد ، إلا أن تباع آلتها . ونقل المروذي المنع . قال في الفروع : وظاهر كلام القاضي ، والمنتخب ، وغيرهما : التسوية . وجزم به صاحب المحرر . انتهى . والذي قدمه في الفروع : التفرقة . فقال : وبيع بناء ليس منها ، وغرس محدث : يجوز . قلت : وهو ظاهر كلام المصنف هنا ، وكلام أكثر الأصحاب . لأن الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل . والمصنف لم يذكر إلا ما فتح عنوة . فأما المحدث فما دخل ليستثنى . ونقل المروذي ويعقوب المنع . لأنه بيع . وهو ذريعة . وذكر ابن عقيل الروايتين في البناء . وجوزه في غرس . وما قدمه في الفروع : هو ظاهر كلامه في الكافي . فإنه قال : فأما المساكن [ ص: 288 ] في المدائن : فيجوز بيعها . لأن الصحابة رضي الله عنهم اقتطعوا الخطط في الكوفة والبصرة في زمن عمر رضي الله عنه . وبنوها مساكن وتبايعوها من غير نكير فكانت إجماعا . انتهى . واقتصر على هذا الدليل . قلت : وهذا هو الصواب .

الثاني : قوله ( وأرض من العراق فتحت صلحا ) يعني أنه يجوز بيع هذه الأرض . لكن بشرط أن يكون لأهلها ، كما مثله المصنف . ولا يصح بيع ما فتح عنوة ونحوه . وكذلك كل أرض أسلم أهلها عليها كالمدينة وشبهها . لأنها ملكهم . وقول المصنف " ولا يصح بيع ما فتح عنوة " لكون عمر وقفها . وكذا حكم كل مكان وقف . كما تقدم . وليس كل ما فتح صلحا يصح بيعه ، بل لا بد أن تكون موقوفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية