صفحة جزء
قوله ( وإن باعه الصبرة كل قفيز بدرهم ، والقطيع كل شاة بدرهم ، والثوب كل ذراع بدرهم : صح البيع ) وهذا المذهب . وعليه الجمهور . قال في الفروع : ويصح في الأصح . وجزم به في المغني ، والشرح ، والهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والوجيز ، والفائق وغيرهم . وقيل : لا يصح . وفي الرعاية الصغرى والحاوي الصغير هنا سهو ، لكونهما قالا " وإن باعه صبرة كل قفيز بدرهم : صح ، إن جهلا ذلك عند العقد ، وإن علما فوجهان . وإن جهله المشتري ، وجهل علم بائعه به : صح وخير . وقيل : يبطل " انتهيا . وهذا الحكم إنما هو في بيع الصبرة جزافا . على ما يأتي . فلعل في النسخ غلطا . فوائد

إحداها : يصح بيع الصبرة جزافا إذا جهلها البائع والمشتري نص عليه . ولو علم قدرها البائع وحده حرم بيعها . على الصحيح من المذهب . نص عليه . واختاره الخرقي ، وأبو بكر في التنبيه ، وابن أبي موسى ، وغيرهم . قال الزركشي : هذا منصوص أحمد . وعليه الأصحاب . وقدمه في المستوعب ، والمغني ، والشرح ، وغيرهم . [ ص: 313 ] وعنه مكروه . اختاره القاضي في المجرد ، وصاحب الفائق فيه . وأطلقهما في الفروع . فعلى القول بالكراهة : يقع العقد لازما . نص عليه . وعلى القول بالتحريم : لا يبطل العقد . وله الرد ، على الصحيح من المذهب . وقدمه في الفروع ، والمغني ، والشرح . وهو ظاهر كلامه في رواية ابن الحكم . وقال القاضي وأصحابه : هذا بمنزلة التدليس والغش ، له الرد . ما لم يعلم أن البائع يعلم قدره . جزم به في المحرر ، والنظم ، والزركشي ، وابن رزين ، وغيرهم . وقال في الرعاية الكبرى : إن جهله المشتري وحده ، وجهل علم بائعه به : صح . وخير فيه . وقيل : لا يصح ، وإن علم البائع به صح ولزم . انتهى . وقال أبو بكر ، وابن أبي موسى : يبطل البيع . وقدمه في الترغيب ، والحاوي الكبير ، وغيرهم . قال الزركشي : قطع به طائفة من الأصحاب .

الفائدة الثانية :

علم المشتري وحده مثل علم البائع وحده . وقدمه في الفروع . وقال : كما لم يفرقوا في الغبن بين البائع والمشتري . وقدمه الزركشي . وقدم ابن عقيل في مفرداته : أن المغلب في العلم البائع ، بدليل العيب لو علمه المشتري وحده جاز ، ومع علمهما يصح . وفي الرعاية وجهان . قال في الفروع : وهو ظاهر الترغيب وغيره . وذكرهما جماعة في المكيل . الفائدة الثالثة :

لو علم قدر الصبرة البائع والمشتري . فقيل : حكمهما حكم علم البائع وحده . على ما تقدم . وقدمه في الحاوي الكبير . قال الزركشي : فعموم كلام الخرقي يقتضي المنع من ذلك . وجزم أبو بكر في التنبيه بالبطلان [ ص: 314 ] وقال القاضي : البيع صحيح لازم [ وهذا الصحيح من المذهب . قطع به المغني ، والشرح . وشرح ابن رزين وغيرهم ، وقدمه في الفروع وغيره ] . وقال في الرعاية الكبرى : وإن علماه إذن فوجهان .

فائدة :

يصح بيع دهن في ظرف معه ، موازنة ، كل رطل بكذا . إذا علما قدر كل واحد منهما . وإن جهلا زنة كل واحد منهما أو أحدهما فوجهان . وأطلقهما في الفروع . وصحح المجد الصحة إن علما زنة الظرف فقط . وجزم في الرعاية الكبرى بعدم الصحة فيهما . واختاره القاضي . وصحح المصنف والشارح الصحة مطلقا . وهو الصحيح من المذهب . وإن احتسب بزنة الظرف على المشتري ، وليس مبيعا ، وعلما مبلغ كل منهما : صح ، وإلا فلا . لجهالة الثمن . وإن باعه جزافا بظرفه أو دونه صح . وإن باعه إياه في ظرفه كل رطل بكذا على أن يطرح منه وزن الظرف صح . قال المجد : لا نعلم فيه خلافا . وذكر قول حرب لأحمد : الرجل يبيع الشيء في ظرفه مثل قطن في جواليق فيزنه ويلقي للظرف كذا وكذا ؟ قال : أرجو أن لا بأس به . لا بد للناس من ذلك . ثم قال المجد : وحكينا عن القاضي خلاف ذلك . قال في الفروع : ولم أجده ذكر الأقوال إلا قول القاضي الذي ذكره الشيخ ، إذا باعه معه . انتهى . وإذا اشترى سمنا أو زيتا في ظرف ، فوجد فيه ربا : صح في الباقي بقسطه . وله الخيار . ولم يلزمه بدل الرب . جزم به المصنف ، والشارح ، وصاحب الفروع وغيرهم . [ ص: 315 ] قوله ( وإن باعه من الصبرة كل قفيز بدرهم ) وكذا من الثوب كل ذراع بدرهم : لم يصح . وهو الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به المستوعب ، والرعايتين ، والحاويين ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، وغيرهم . وقيل : يصح . قال ابن عقيل : وهو الأشبه . كبيع الصبرة كل قفيز بدرهم ، لأن " من " و " إن " أعطت البعض . فما هو بعض مجهول ، بل قد جعل لكل جزء معلوم منها ثمنا معلوما . فهو كما لو قال : قفيزا منها . انتهى . وهو احتمال في المغني ، والشرح ، وقالا : بناء على قوله في الإجارة " إذا أجره كل شهر بدرهم " واختاره في الفائق . وقال في عيون المسائل : إذا باعه من الصبرة كل قفيز بدرهم صح ، لتساوي أجزائها . بخلاف بيعه من الدار كل ذراع بدرهم . لاختلاف أجزائها ، ثم قال بعد ذلك : إذا باعه من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم لم يصح . لأنه لم يبعه كلها ولا قدرا معلوما منها . بخلاف قوله " أجرتك هذه الدار كل شهر بدرهم " فإنه يصح هنا في الشهر الأول فقط للعلم به وبقسطه من الأجرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية