صفحة جزء
قوله ( فمن اشترى معيبا لم يعلم عيبه ) هكذا عبارة غالب الأصحاب . وقال أبو الخطاب في الانتصار : فمن اشترى معيبا لم يعلم عيبه ، أو كان عالما به ولم يرض به . قوله ( فله الخيار بين الرد والإمساك مع الأرش ) هذا المذهب مطلقا . أعني سواء تعذر رده أو لا . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وهو من مفردات المذهب . وعنه : ليس له الأرش إلا إذا تعذر رده . اختاره صاحب الفائق . والشيخ تقي الدين رحمه الله . قال : وكذلك يقال في نظائره ، كالصفقة إذا تفرقت . قال الزركشي : وهو الأصح . واختار شيخنا في حواشي الفروع : أنه إذا دلس العيب خير بين الرد والإمساك مع الأرش . وإن لم يدلس العيب خير بين الرد والإمساك بلا أرش وعنه : لا رد ولا أرش لمشتر وهبه بائع ثمنا ، أو أبرأه منه . كمهر في رواية . وأطلقهما في القاعدة السابعة والستين . قال : واختار القاضي خلافه : أنه إذا رده لم يرجع عليه بشيء مما أبرأه منه ويتخرج التفريق بين الهبة والإبراء . فيرجع في الهبة دون الإبراء . لو ظهر هذا المبيع معيبا بعد أن تعيب عنده . فهل له المطالبة بأرش العيب ؟ فيه وجهان . أحدهما : تخريجه على الخلاف في رده . والطريق الآخر : تمتنع المطالبة وجها واحدا . وهو اختيار ابن عقيل . ويأتي في كتاب الصداق ما يشابه هذا . [ ص: 411 ] فائدتان

إحداهما : لو ظهر بالمأجور عيب . فقال المصنف ، والمجد ، الشارح ، وغيرهم : قياس المذهب أن حكمه حكم المبيع . جزم به ناظم المفردات . وهو منها . والصحيح من المذهب : أنه لا أرش له . ويأتي ذلك في الإجارة عند قوله " وإن وجد العين معيبة " بأتم من هذا . الثانية

إذا اختار الإمساك مع الأرش . فيحتمل أن يأخذه من غير الثمن مع بقائه . لأنه فسخ أو إسقاط . وقاله القاضي في موضع من خلافه . ويحتمل أن يأخذه من حيث شاء البائع ، لأنه معاوضة . وقاله القاضي أيضا في موضع من خلافه . قلت : وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب . وأطلقهما في التلخيص ، والرعاية والفروع ، والزركشي . قال ابن رجب في القاعدة التاسعة والخمسين : واختلف الأصحاب يعني : في أخذ أرش العيب فمنهم من يقول : هو فسخ العقد في مقدار العيب ، ورجوع بقسطه من الثمن . ومنهم من يقول : هو عوض عن الجزء الفائت . ومنهم من قال : هو إسقاط لجزء من الثمن في مقابلة الجزء الفائت الذي تعذر تسليمه . وكل من هذه الأقوال الثلاثة : قاله القاضي في موضع من خلافه . وينبني على الخلاف في أن الأرش فسخ ، أو إسقاط لجزء من الثمن ، أو معاوضة : أنه إن كان فسخا . أو إسقاطا : لم يرجع إلا بقدره من الثمن ، ويستحق جزءا من غير الثمن مع بقائه . بخلاف ما إذا قلنا : إنه معاوضة . انتهى . وقد صرح المصنف الشارح ، وغيرهما : أن الأرش عوض عن الجزء الفائت في المبيع . وقال في القاعدة المذكورة أعلاه : إذا قلنا هو عوض عن الفائت . فهل هو [ ص: 412 ] عوض عن الجزء نفسه ، أو عن قيمته ؟ ذهب القاضي في خلافه : إلى أنه عوض عن القيمة . وذهب ابن عقيل في فنونه ، وابن المنى : إلى أنه عوض عن العين الفائتة وينبني على ذلك : جواز المصالحة عنه بأكثر من قيمته . فإن قلنا : المضمون العين : فله المصالحة عنها بما شاء . وإن قلنا القيمة : لما يجز أن يصالح عنها بأكثر من جنسها . انتهى .

فائدة

: لو أسقط المشتري خيار الرد بعوض بذله له البائع وقبله : جاز على حسب ما يتفقان عليه . وليس من الأرش في شيء . ذكره القاضي وابن عقيل في الشفعة . ونص الإمام أحمد رحمه الله على مثله في خيار المعتقة تحت عبد . قاله في القاعدة التاسعة والخمسين . قوله ( وهو قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن ) وهذا المذهب . وعليه الأصحاب . وقطعوا به . وقال في الرعاية بعد أن ذكر الأول وقيل : قدره من الثمن كنسبة ما ينقص العيب من القيمة إلى تمامها لو كان سليما يوم العقد .

التالي السابق


الخدمات العلمية