صفحة جزء
الثالثة :

لو باع سلعة بنقد أو غيره معين حال العقد . وقبضه البائع ، ثم أحضره وبه عيب ، وادعى أنه الذي دفعه إليه المشتري ، وأنكر المشتري كونه الذي اشترى به ، ولا بينة لواحد منهما : فالقول قول المشتري مع يمينه . لأن الأصل براءة ذمته ، وعدم وقوع العقد على هذا العيب .

ولو كان الثمن في الذمة . ثم نقده المشتري ، أو قبضه من قرض أو سلم أو غير ذلك مما هو في ذمته ، ثم اختلفا كذلك ، ولا بينة : فالقول قول البائع . وهو القابض مع يمينه ، على الصحيح من المذهب . لأن القول في الدعاوى قول من الظاهر معه ، والظاهر مع البائع . لأنه يثبت له في ذمة المشتري ما انعقد عليه العقد غير معيب ، فلم يغفل .

قوله ( في براءة ذمته ) .

وجزم به في الفروق الزريرانية . وصححه في الحاوي الكبير في باب القبض في أثناء الفصل الرابع . وصححه في الحاوي الصغير في باب السلم .

وقال في الرعاية الكبرى قبل القرض بفصل ولو قال المسلم : هذا الذي أقبضتني وهو معيب . فأنكر أنه هذا : قدم قول القابض . وقيل : القول قول المشتري ، وهو المقبوض منه . لأنه قد أقبض في الظاهر ما عليه . وأطلقهما في الفروع ، والرعاية الكبرى ، في آخر باب القبض . ومحل الخلاف : إذا لم يخرجه عن يده . كما تقدم في التي قبلها .

تنبيه :

هذه طريقة صاحب الفروق ، والرعاية ، والحاويين ، والفروع ، وغيرهم في هذه المسألة . وقال في القواعد في الفائدة السادسة : لو باعه سلعة بنقد معين ثم أتاه به ، [ ص: 434 ] فقال : هذا الثمن وقد خرج معيبا . وأنكر المشتري : ففيه طريقان .

أحدهما :

إن قلنا النقود تتعين بالتعيين : فالقول قول المشتري . لأنه يدعي عليه استحقاق الرد . والأصل عدمه . وإن قلنا لا يتعين : فوجهان .

أحدهما : القول قول المشتري أيضا . لأنه أقبض في الظاهر ما عليه .

والثاني : قول القابض . لأن الثمن في ذمته . والأصل اشتغالها به إلا أن يثبت براءتها منه . وهي طريقته في المستوعب .

الطريق الثانية :

إن قلنا النقود لا تتعين : فالقول قول البائع وجها واحدا . لأنه قد ثبت اشتغال ذمة المشتري بالثمن . ولم يثبت براءتها منه . وإن قلنا تتعين : فوجهان مخرجان من الروايتين . فيما إذا ادعى كل [ واحد ] من المتبايعين أن العيب حدث عنده في السلعة . أحدهما : القول قول البائع . لأنه يدعي سلامة العقد . والأصل ، عدمه . ويدعي عليه الفسخ . والأصل عدمه .

والثاني : قول القابض . لأنه منكر التسليم ، والأصل عدمه . وجزم صاحب المغني ، والمحرر ، بأن القول قول البائع ، إذا أنكر أن يكون المردود بالعيب هو المبيع . ولم يحكيا خلافا ، ولا فصلا بين أن يكون المبيع في الذمة أو معينا . نظرا إلى أنه يدعي عليه استحقاق الرد ، والأصل عدمه . وذكر الأصحاب مثل ذلك في مسائل الصرف . وفرق السامري في فروقه بين أن يكون المردود بعيب وقع عليه معينا . فيكون القول قول البائع ، وبين أن يكون في الذمة ، فيكون القول قول المشتري لما تقدم . وهذا فيما إذا أنكر المدعى عليه العيب أن ماله كان معيبا . أما إن اعترف بالعيب ، وقد فسخ صاحبه ، وأنكر أن يكون هو هذا المعين : فالقول قول من هو في يده . صرح به في التفليس في المغني . معللا بأنه [ ص: 435 ] قبل استحقاق ما ادعى عليه الآخر . والأصل معه . ويشهد له : أن المبيع في مدة الخيار إذا رده المشتري بالخيار ، فأنكر البائع أن يكون هو المبيع ، فالقول قول المشتري . حكاه ابن المنذر عن الإمام أحمد . لاتفاقهما على استحقاق الفسخ بالخيار . وقد ينبني على ذلك : أن المبيع بعد الفسخ بعيب ونحوه : هل هو أمانة في يد المشتري ، أو مضمون عليه ؟ فيه خلاف . وقد يكون ما أخذه أمانة عنده .

ومن الأصحاب من علل بأن الأصل براءة ذمة البائع مما يدعى عليه . فهو كما لو أقر بعين ثم أحضرها ، فأنكر المقر له أن تكون هي المقر بها . فإن القول قول المقر مع يمينه . انتهى كلامه في القواعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية