صفحة جزء
قوله ( ومتى فسخ المظلوم منهما انفسخ العقد ، ظاهرا أو باطنا . وإن فسخ الظالم لم ينفسخ في حقه باطنا . وعليه إثم الغاصب ) .

قال المصنف في المغني : ويقوى عندي أنه إن فسخ المظلوم منهما : انفسخ ظاهرا وباطنا . وإن فسخه الكاذب عالما بكذبه لم ينفسخ بالنسبة إليه . فوافق اختياره في المغني ما جزم به هنا . ووافقه ابن عبدوس في تذكرته . فقال : وينفسخ ظاهرا فقط ، لفسخ أحدهما ظلما ، ومطلقا لفسخ المظلوم . وقدمه الناظم فقال : وإن فسخ المظلوم يفسخ مطلقا وينفذ فسخ المعتدي ظاهرا قد ثم ذكر الخلاف . وقال في الوجيز : وإذا فسخ العقد انفسخ ظاهرا وباطنا مطلقا . وينفذ فسخ المعتدي . فأدخل الظالم والمظلوم . وقدمه في الفروع . واختاره القاضي . ثم قال في الفروع ، وقيل : مع ظلم البائع وفسخه ينفسخ ظاهرا . وقيل : وباطنا في حق المظلوم . وقال في الرعايتين : ومع ظلم البائع وفسخه ينفسخ ظاهرا . وقيل : وباطنا . ومع ظلم المشتري وفسخه ينفسخ ظاهرا وباطنا . فيباع للبائع جميع التصرفات في المبيع . وقيل : لا ينفسخ باطنا . ومع فسخ المظلوم منهما ينفسخ ظاهرا وباطنا . انتهى .

وقال في الهداية : فإن انفسخ العقد . فقال شيخنا : ينفسخ ظاهرا وباطنا . فيباح للبائع جميع التصرفات في المبيع . [ ص: 451 ] وعندي : إن كان البائع ظالما انفسخ في الظاهر دون الباطن . لأنه كان يمكنه إمضاء العقد ، واستيفاء حقه . فإذا فسخ فقد تعدى . فلا ينفسخ العقد ، ولا يباح له التصرف . لأنه غاصب .

وإن كان المشتري هو الظالم : انفسخ العقد ظاهرا وباطنا . لأن البائع لا يمكنه استيفاء حقه بإمضاء العقد . فكان له الفسخ كما لو أفلس المشتري . انتهى .

وتابعه في المستوعب ، والكافي ، والتلخيص ، والحاوي الكبير ، والشرح . وقال في الخلاصة : وينفسخ في الباطن . وقيل : إن كان البائع ظالما لم ينفسخ في الباطن .

وقال في المذهب ، والبلغة : ومتى وقع الفسخ انفسخ ظاهرا وباطنا في حقهما في أحد الوجهين . وفي الآخر : إن كان البائع ظالما أنفسخ في الظاهر دون الباطن وهو كما قال في الخلاصة . إلا أنهما أطلقا . وقيد هو . وقال ابن منجا في شرحه ، عن كلام المصنف : وظاهر كلامه : الفرق بين الظالم والمظلوم ، سواء كان الظالم البائع أو المشتري . ولم أجد نقلا صريحا يوافق ذلك ، ولا دليلا يقتضيه . بل المنقول في مثل ذلك وذكر كلام القاضي وأبي الخطاب . انتهى . وهو عجيب منه . فإن المسألة ليس فيها منقول صريح عن الإمام أحمد رحمه الله حتى يخالفه . بل المنقول فيها عن الأصحاب . وهو من أعظمهم . وقد اختار ما قطع به هنا في المغني . فقال : ويقوى عندي ذلك . وجزم به ابن عبدوس في تذكرته . وقدمه في النظم . وذكره قولا في الفروع ، والرعايتين . وقوله " ولا وجدت دليلا يقتضيه " غير مسلم . فإن فسخ المظلوم ظاهرا وباطنا ظاهر الدليل . وهو ظاهر كلام الإمام أحمد . واختاره القاضي وغيره . وأما فسخ الظالم للعقد : فإنه لا يصح بالنسبة إليه . لأنه لا يحل له الفسخ . فلم يثبت حكمه بالنسبة إليه . [ ص: 452 ] وهذه عادة ابن منجا في شرحه مع المصنف ، إذا لم يطلع على منقول بما قاله المصنف اعترض عليه . وهذا ليس بجيد . فإن الاعتذار عنه أولى من ذلك . والمصنف إمام جليل ، له اختيار واطلاع على ما لم يطلع عليه .

إذا علمت ذلك : فالصحيح من المذهب في حكم المسألة : أن العقد ينفسخ ظاهرا وباطنا مطلقا . كما جزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الفروع ، والخلاصة . واختاره القاضي . وقال : هو ظاهر كلام الإمام أحمد .

واختار أبو الخطاب : إن كان البائع ظالما انفسخ في حقه ظاهرا لا باطنا . وإن كان المشتري ظالما انفسخ ظاهرا وباطنا . وقدمه في الرعايتين . وأطلقهما في المذهب ، والبلغة . واختيار المصنف قول ثالث . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية