صفحة جزء
قوله : في صفة الغسل ( وهو ضربان . كامل يأتي فيه بعشرة أشياء : النية ، والتسمية ، وغسل يديه ثلاثا قبل الغسل ، وغسل ما به من أذى ، والوضوء ) . الصحيح من المذهب : أنه يتوضأ وضوءا كاملا قبل الغسل ، وعليه الأصحاب ، وهو ظاهر كلام المصنف هنا . وعنه الأفضل : أن يؤخر غسل رجليه حتى يغتسل . وعنه غسل رجليه مع الوضوء ، وتأخير غسلهما حتى يغتسل سواء في الأفضلية ، وأطلقهن ابن تميم . وعنه الوضوء بعد الغسل أفضل . وعنه الوضوء قبله وبعده سواء .

تنبيه : يحتمل قوله ( ويحثي على رأسه ثلاثا يروي بها أصول الشعر ) : أنه يروي بمجموع الغرفات ، وهو ظاهر كلامه هنا . وظاهر كلام الخرقي ، وابن تميم ، وابن حمدان ، وغيرهم . ويحتمل أن يروي بكل مرة ، وهو الصحيح من المذهب ، قال في المستوعب : بكل مرة . قال في الفروع : ويروي رأسه . والأصح ثلاثا ، وجزم به في الفائق . [ ص: 253 ] واستحب المصنف وغيره تخليل أصول شعر رأسه ولحيته قبل إفاضة الماء . قوله ( ويفيض الماء على سائر جسده ثلاثا ) ، وهو المذهب . وعليه الجمهور ، وقطع به في الهداية ، والإيضاح ، والفصول ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والمحرر ، والنظم ، وابن تميم ، والرعايتين ، والحاويين ، والوجيز ، والفائق ، وإدراك الغاية ، وغيرهم . قال الزركشي : وعليه عامة الأصحاب . وقيل : مرة . وهو ظاهر كلام الخرقي ، والعمدة ، والتلخيص ، والخلاصة ، وجماعة . واختاره الشيخ تقي الدين . قال الزركشي : وهو ظاهر الأحاديث . وأطلقهما في الفروع .

فائدة : قوله ( ويبدأ بشقه الأيمن ) بلا نزاع ( ويدلك بدنه بيديه ) بلا نزاع أيضا . قال الأصحاب : يتعاهد معاطف بدنه وسرته وتحت إبطيه ، وما ينوء عنه الماء . وقال الزركشي . كلام أحمد قد يحتمل وجوب الدلك . قوله ( وينتقل من موضعه ) ، هذا المذهب . وعليه الأصحاب ، وقطع به أكثرهم . قال في التسهيل وغيره : وغسل رجليه ناحية ، لا في حمام ونحوه . وقال في الفائق : ثم ينتقل عن موضعه . وعنه : لا . وعنه : إن خاف التلوث . قوله ( فيغسل قدميه ) ، هذا المذهب مطلقا . وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : لا يعيد غسلهما إلا لطين ونحوه ، كالوضوء .

تنبيه : يحتمل أن يريد بقوله ( ومجزى ) وهو أن يغسل ما به من أذى يصيبه من فرج المرأة . فإن كان مراده : فهو على القول بنجاسته على ما يأتي ، وإلا فلا فائدة فيه . ويحتمل أن يريد به أعم من ذلك . فيكون مراده النجاسة مطلقا ، وهو أولى . وحمل ابن عبيدان كلامه على ما إذا كان عليه نجاسة [ ص: 254 ] أو أذى ، ثم قال : وكذلك إن كانت على سائر بدنه ، أو على شيء من أعضاء الحدث . وقال ابن منجا في شرحه : والمراد به ما على فرجه من نجاسة أو مني ، أو نحو ذلك . وقال في مجمع البحرين : والمراد ما عليه من نجاسة . قال : وهو أجود من قول أبي الخطاب : أن يغسل فرجه . انتهى .

قال الزركشي : مراده النجاسة . واعلم أن النجاسة إذا كانت على موضع من البدن ، فتارة تمنع وصول الماء إلى البشرة ، وتارة لا تمنع . فإن منعت وصول الماء إلى البدن : فلا إشكال في توقف صحة الغسل على زوالها ، وإن كانت لا تمنع . فقدم المجد في شرحه ، وابن عبيدان ، وصاحب مجمع البحرين ، والحاوي الكبير وصححوه أن الحدث لا يرتفع إلا مع آخر غسلة طهر عندها . قال الزركشي : وهو المنصوص عن أحمد . وقال في النظم : هو الأقوى ، والصحيح من المذهب : أن الغسل يصح قبل زوال النجاسة ، كالطاهرات ، وهو ظاهر كلام الخرقي . قال الزركشي : وهو ظاهر كلام طائفة من الأصحاب . واختاره ابن عقيل ، وقدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى . وأطلقهما ابن تميم . وقيل : لا يرتفع الحدث إلا بغسلة مفردة بعد طهارته . ذكره ابن تميم . حكاه عنه ابن عبيدان . فعلى القول الأول : تتوقف صحة الغسل على الحكم بزوال النجاسة . قال الزركشي : وهو ظاهر كلام أبي محمد في المقنع . ثم قال : لكن لفظه يوهم زوال ما به من أذى أولا . وهذا الإيهام ظاهر ما في المستوعب . فإنه قال في المجزئ : يزيل ما به من أذى ، ثم ينوي . وتبعا في ذلك والله أعلم أبا الخطاب في الهداية لكن لفظه في ذلك أبين من لفظهما ، وأجرى على المذهب . فإنه قال : يغسل فرجه ثم ينوي . وكذلك قال ابن عبدوس في المجزئ : ينوي بعد كمال الاستنجاء ، وزوال نجاسته إن كانت . ثم قال الزركشي : وقد يحمل كلام أبي محمد والسامري على ما قال أبو الخطاب . ويكون المراد بذلك : الاستنجاء بشرط تقدمه على الغسل كالمذهب في الوضوء . [ ص: 255 ]

لكن هذا قد يشكل على أبي محمد ، فإن مختاره في الوضوء : أنه لا يجب تقديم الاستنجاء عليه . قال : ويتلخص لي : أنه يشترط لصحة الغسل تقديم الاستنجاء عليه ، إن قلنا يشترط تقدمه على الوضوء ، وإن لم نقل ذلك وكانت النجاسة على غير السبيلين ، أو عليهما غير خارجة منهما يشترط التقديم . ثم هل يرتفع الحدث مع بقاء النجاسة ، أو لا يرتفع إلا مع الحكم بزوالها ؟ فيه قولان . انتهى كلام الزركشي . وذكر صاحب الحاوي ما وافق عليه المجد كما تقدم ، وهو أن الحدث لا يرتفع إلا مع آخر غسلة طهر عندها ، ولم يذكر في المجزئ غسل ما به من أذى . فظاهره : أنه لا يشترط . فظاهره التناقض .

تنبيه : حكى أكثر الأصحاب الخلاف في أصل المسألة وجهين ، أو ثلاثا ، وحكاه في الفروع روايتين . قوله ( ويعم بدنه بالغسل ) . فشمل الشعر وما تحته من البشرة وغيره ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال في المغني : وهو ظاهر قول الأصحاب . قلت : وصرح به كثير منهم . وقيل : لا يجب غسل الشعر ، ذكره في الفروع . وأطلقهما في القواعد . فظاهره : إدخال الظفر في الخلاف . ونصر في المغني : أنه لا يجب غسل الشعر المسترسل . وقال هو وصاحب الحاوي الكبير : ويحتمله كلام الخرقي ، لكن قال الزركشي : لا يظهر لي وجه احتمال كلام الخرقي لذلك . وقيل : لا يجب غسل باطن شعر اللحية الكثيفة . اختاره الدينوري . فقال : باطن شعر اللحية الكثيفة في الجنابة كالوضوء . وقيل : يجب غسل الشعر في الحيض دون الجنابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية