صفحة جزء
[ ص: 11 ] باب الربا والصرف قوله ( فأما ربا الفضل : فيحرم في الجنس الواحد ، من كل مكيل أو موزون ) . هذا الصحيح من المذهب بلا ريب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وقال : هذا المذهب . قال الشارح : هذا أشهر الروايات . وذكره الخرقي ، وابن أبي موسى ، وأكثر الأصحاب . قال القاضي : اختارها الخرقي ، وشيوخ أصحابنا . قال الزركشي : هي الأشهر عنه . ومختار عامة أصحابه . قال في الفائق : اختاره الأكثرون . فعليها : علة الربا في الذهب والفضة : كونهما موزون جنس . وعلة الأربعة الباقية المنصوص عليها في الحديث : كونهن مكيلات جنس ، على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وقال بعض الأصحاب : الكيل بمجرده علة ، والجنس شرط . وقال : أو اتصافه بكونه مكيل جنس هو العلة . وفعل الكيال شرط ، أو نقول : الكيل أمارة . فالحكم على المذهب : إيجاب المماثلة ، مع أن الأصل إباحة بيع الأموال الربوية بعضها ببعض مطلقا . والتحريم لعارض . وعلى المذهب : يجوز إسلام النقدي في الموزون . وبه بطلت العلة . لأن [ ص: 12 ] كل شيئين شملهما إحدى علتي ربا الفضل يحرم النساء فيهما . وفي طريقة بعض الأصحاب : يحرم سلمهما فيه ولا يصح ، وإن صح فللحاجة .

تنبيه :

فعلى هذه الرواية : يجري الربا في كل مكيل أو موزون بجنسه ، مطعوما كان أو غير مطعوم ، كالحبوب والأشنان والنورة والقطن والصوف ، والحناء والكتان والحديد والنحاس والرصاص ونحو ذلك . ولا يجري في مطعوم لا يكال ولا يوزن كالمعدودات ونحوها . وعنه لا يحرم إلا في الجنس الواحد من الذهب والفضة . ( وكل مطعوم ) مراده مطعوم للآدمي . وهو واضح . قال أبو بكر : روى ذلك عن أحمد جماعة . فتكون العلة في الأثمان : الثمنية . وفيما عداها : كونه مطعوم جنس . فتختص بالمطعومات ، ويخرج ما عداها . وعنه لا يحرم إلا في ذلك إذا كان مكيلا أو موزونا . اختارها المصنف ، والشيخ تقي الدين رحمه الله . وقواها الشارح . وجزم به في العمدة . فتكون العلة في الأثمان الثمنية ، وفي الأربعة الباقية : كونهن مطعوم جنس إذا كان مكيلا أو موزونا . فلا يجري الربا في مطعوم لا يكال ولا يوزن ، كالتفاح والرمان والبطيخ والجوز والبيض ونحوه ، ولا فيما ليس بمطعوم كالزعفران والأشنان والحديد ونحوه . وأطلقهن على المذهب .

فوائد

الأولى : قولنا في الروايتين الأخيرتين " العلة في الأثمان : الثمنية " هي علة قاصرة . قال في الفروع : لا يصح التعليل بها في اختيار الأكثر . ونقضت طردا بالفلوس ، لأنها أثمان ، وعكسا بالحلي . وأجيب بعدم النقدية الغالبة . قال في الانتصار : ثم يجب أن يقولوا : إذا نفقت حتى لا يتعامل إلا بها أن فيها الربا ، لكونها ثمنا غالبا . [ ص: 13 ] قال في التمهيد : من فوائدها ربما حدث جنس آخر يجعل ثمنا ، فتكون تلك علة .

الثانية : رجح ابن عقيل أخيرا في عمد الأدلة : أن الأعيان الستة المنصوص عليها لا تعرف علتها لخفائها . فاقتصر عليها ولم يتعداها ; لتعارض الأدلة عنده في المغني . وهو مذهب طاوس ، وقتادة ، وداود وجماعة .

الثالثة : القاعدة على غير قول ابن عقيل : أن كل شيء اجتمع فيه الكيل والوزن والطعم من جنس واحد فيه الربا ، رواية واحدة كالأرز والدخن والذرة والقطنيات والدهن واللبن ، ونحو ذلك . وما عدم فيه الكيل والوزن والطعم ، أو اختلف جنسه : فلا ربا فيه . رواية واحدة ، كالتين والنوى والقت والطين ، إلا الأرمني ، فإنه يؤكل دواء . فيكون موزونا مأكولا . فهو من القسم الأول . وما وجد فيه الطعم وحده ، أو الكيل أو الوزن من جنس واحد : ففيه الخلاف . قال الشارح : والأولى إن شاء الله حله .

التالي السابق


الخدمات العلمية