صفحة جزء
[ ص: 60 ] قوله ( ومن باع نخلا مؤبرا وهو ما تشقق طلعه ) التأبير : هو التلقيح . وهو وضع الذكر في الأنثى . والمصنف رحمه الله فسره بالتشقق لأن الحكم عنده منوط به وإن لم يلقح . لصيرورته في حكم عين أخرى . وعلى هذا إنما نيط الحكم بالتأبير في الحديث لملازمته للتشقق غالبا . إذا علمت هذا ، فالذي قاله المصنف : هو المذهب . وعليه الأصحاب . وجزم به في الخرقي ، وصاحب المحرر ، والوجيز ، وغيره . وقدمه في الشرح ، والفروع ، والفائق ، والزركشي ، وغيرهم . وبالغ المصنف . فقال : لا خلاف فيه بين العلماء وعنه : رواية ثانية : الحكم منوط بالتأبير وهو التلقيح لا بالتشقق . ذكرها ابن أبي موسى وغيره . فعليها : لو تشقق ولم يؤبر : يكون للمشتري . ونصر هذه الرواية الشيخ تقي الدين رحمه الله واختارها في الفائق . وقال : قلت : وعلى قياسه كل مفتقر إلى صنع كثير لا يكون ظهوره الفصل ، بل إيقاع الفعل فيه . وأطلقهما في التلخيص ، والرعاية الكبرى . فتلخص : أن ما لم يكن تشقق طلعه : فغير مؤبر . وما تشقق ولقح : فمؤبر ، وما تشقق ولم يلقح : فمحل الروايتين .

فائدة " طلع الفحال " يراد للتلقيح ، كطلع الإناث . على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب . وذكر ابن عقيل ، وأبو الخطاب احتمال : أنه للبائع بكل حال . قوله ( فالتمر للبائع ، متروكا في رءوس النخل إلى الجذاذ ) وهذا إذا لم يشترط عليه قطعه .

فائدة : حكم سائر العقود في ذلك كالبيع في أن ما لم يؤبر : يلحق بأصله ، وما [ ص: 61 ] أبر : لا يلحق . وذلك مثل الصلح ، والصداق ، وعوض الخلع ، والأجر ، والهبة ، والرهن ، والشفعة ، إلا أن في الأخذ بالشفعة وجها آخر : أنه يتبع فيه المؤبر ، إذا كان في حالة البيع غير مؤبر . وأما الفسوخ : ففيها ثلاثة أوجه .

أحدهما : يتبع الطلع مطلقا ، بناء على أنه زيادة متصلة ، أو على أن الفسخ رفع للعقد من أصله . والثاني : لا يتبع بحال ، بناء على أنه زيادة منفصلة وإن لم يؤبر .

والثالث : أنه كالعقود المتقدمة . هذا كله على القول بأن النماء المنفصل لا يتبع في الفسوخ . أما على القول بأنه يتبع : فيتبع الطلع مطلقا . وأطلقهن في القواعد وصرح في الكافي بالثالث . وصرح في المغني بالثاني . وقاله ابن عقيل في الإفلاس ، والرجوع في الهبة . وأما الوصية والوقف ، فالمنصوص : أنه تدخل فيهما الثمرة الموجودة يوم الوصية إذا بقيت إلى يوم الموت ، سواء أبرت أو لم تؤبر .

تنبيه : محل قوله " متروكا في رءوس النخل إلى الجذاذ " إذا لم تجر العادة بأخذه بسرا ، أو يكون بسره خيرا من رطبه . فإن كان كذلك : فإنه يجذه حين استحكام حلاوة بسره . قاله الزركشي وغيره . وظاهر كلام المصنف وغيره : أنها تبقى إلى وقت الجذاذ . ولو أصابتها آفة ، بحيث إنه لا يبقى في بقائها فائدة ولا زيادة . وهذا أحد الاحتمالين ، والآخر : يقطع في الحال . قلت : وهو الصواب . وظاهر كلامه وكلام غيره : أنها لا تقطع قبل الجذاذ ، ولو تضرر الأصل بذلك ضررا كبيرا . وهو أحد الوجهين . [ ص: 62 ]

والوجه الثاني : يجبر على قطعها ، والحالة هذه . وأطلقهما الزركشي .

التالي السابق


الخدمات العلمية