صفحة جزء
قوله ( ويبطل التيمم بخروج الوقت ) هذا المذهب مطلقا . وعليه الجمهور ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره . وقيل : لا يبطل إلا بدخول الوقت ، اختاره المجد . قاله في الفائق ، وهو ظاهر كلام الخرقي . وحمله المصنف على الأول . وقال ابن تميم : وهو ظاهر كلام أحمد . وأطلقهما في المحرر ، فقال : وهل يبطل التيمم للفجر بطلوع الشمس أو بزوالها ؟ على وجهين . وأطلقهما ابن تميم ، والزركشي . وقيل : لا يبطل التيمم عن الحدث الأكبر والنجاسة بخروج الوقت ، لتجدد الحدث الأصغر بتجدد الوقت في طهارة الماء عند بعض العلماء .

تنبيهات منها : أن التيمم على القولين يبطل به مطلقا على الصحيح من المذهب ، نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . فلا يباح له فعل شيء من العبادات المشترط لها التيمم . وقيل : يبطل تيممه بالنسبة إلى الصلاة التي دخل وقتها . فيباح له قضاء التي [ ص: 295 ] تيمم في وقتها ، إن لم يكن صلاها . وفعل الفوائت ، والتنفل ، ومس المصحف ، والطواف ، وقراءة القرآن ، واللبث في المسجد ، ونحو ذلك ، اختاره المجد في شرح الهداية [ وصاحب الحاوي ، وصاحب مجمع البحرين ] وقال : وعكسه لو تيمم للحاضرة ، ثم نذر في الوقت صلاة : لم يجز فعل المنذورة به عندي ; لأنه سبق وجوبها . وظاهر قول الأصحاب : الجواز . انتهى كلام المجد ومن تابعه . ومنها : دخل في كلام المصنف : أنه إذا تيمم الجنب لقراءة القرآن ، واللبث في المسجد ، أو تيممت الحائض للوطء ، أو استباحا ذلك بالتيمم للصلاة . ثم خرج الوقت . بطل تيممه على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب . وقال المجد في شرحه ، وصاحب مجمع البحرين : لا يبطل كما لا تبطل بالحدث . ورد ما علل به الأصحاب ، واختار في الفائق في الحائض : استمرار تيممها إلى الحيض الآتي . وأطلقهما ابن تميم . ومنها : ظاهر كلام المصنف : أنه لو خرج الوقت وهو في الصلاة أنها تبطل . قال الزركشي : ظاهر كلام الأصحاب تبطل بخروج الوقت ، ولو كان في الصلاة . وصرح به في المغني ، والشرح ، والكافي ، وقدمهابن عبيدان ، والرعاية ، وابن تميم . وقيل : لا تبطل ، وإن كان الوقت شرطا . وقاله ابن عقيل في التذكرة . وقيل : حكمه حكم من وجد الماء وهو في الصلاة . وخرجه في المستوعب على رواية وجود الماء في الصلاة . وأطلقهن في الفروع . قال ابن تميم : وكذا يخرج في المستحاضة إذا خرج الوقت وهي في الصلاة ، أو انقضت مدة المسح . قاله في الرعاية . وكذا الخلاف عن المستحاضة إذا خرج الوقت ، وهي تصلي ، وانقطاع دم الاستحاضة فيها منوط بشرطه ، وفراغ مدة المسح فيها ، وزوال الملبوس عن محله عمدا قبل السلام فيها .

تنبيه : محل الخلاف في هذه المسألة : إذا كان في غير صلاة الجمعة . أما إذا [ ص: 296 ] خرج وقت الجمعة ، وهو فيها : لم يبطل . ذكره الأصحاب ، وجزم به في الفروع ، والزركشي ، وغيرهما . قلت : فيعايى بها . ومنها : يبطل التيمم لطواف ، وجنازة ، ونافلة بخروج الوقت كالفريضة على الصحيح من المذهب . وعنه إن تيمم لجنازة ، ثم جيء بأخرى ، فإن كان بينهما وقت يمكنه التيمم فيه : لم يصل عليها حتى يتيمم لها . قال القاضي : هذا للاستحباب وقال ابن عقيل : للإيجاب ; لأن التيمم إذا تقدر للوقت ، فوقت كل صلاة جنازة : قدر فعلها ، وكذا قال الشيخ تقي الدين . . لأن الفعل المتواصل هنا كتواصل الوقت للمكتوبة . قال وعلى قياسه : ما ليس له وقت محدود ، كمس المصحف ، والطواف قال في الفروع : فعلى هذا : النوافل المؤقتة ، كالوتر والسنن الراتبة ، والكسوف يبطل التيمم لها بخروج وقت تلك النافلة ، والنوافل المطلقة يحتمل أن يعتبر فيها تواصل الفعل كالجنازة . ويحتمل أن يمتد وقتها إلى وقت النهي عن تلك النافلة . والنوافل المطلقة يحتمل أن يعتبر فيها تواصل الفعل : كالجنازة وتقدم كلام ابن الجوزي في المذهب .

تنبيه : ظاهر قوله ( ويبطل التيمم بخروج الوقت ) أن التيمم مبيح لا رافع ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، نص عليه . وعليه الأصحاب . قال الزركشي : وهو المختار للإمام والأصحاب . وقال أبو الخطاب في الانتصار : يرفعه رفعا مؤقتا على رواية الوقف . وعنه أنه رافع . فيصلي به إلى حدثه ، اختاره أبو محمد بن الجوزي ، والشيخ تقي الدين ، وابن رزين ، وصاحب الفائق . فيرفع الحدث إلى القدرة على الماء . ويتيمم لفرض ونفل قبل وقته ، ولنفل غير معين ، لا سبب له وقت نهي . وقال الشيخ تقي الدين أيضا في الفتاوى المصرية : التيمم لوقت كل صلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى : أعدل الأقوال . وعلى المذهب : لا يصح ذلك ، كما تقدم أول الباب . وعلى المذهب : يتيمم [ ص: 297 ] للفائتة إذا أراد فعلها . ذكره أبو المعالي ، والأزجي . وقال في الفروع : وظاهر كلام جماعة : إذا ذكرها . قال : وهو أولى . ويتيمم للكسوف عند وجوده . وللاستسقاء إذا اجتمعوا . وللجنازة إذا غسل الميت أو يمم لعدم الماء . فيعايى بها . فيقال : شخص لا يصح تيممه حتى يتيمم غيره . وقال في الرعاية : ووقت التيمم لصلاة الجنازة إذا طهر الميت ، وقيل : بل إنجاز غسله . ووقته لصلاة العيد : ارتفاع الشمس . وقال الزركشي : وقت المنذورة كل وقت على المذهب . ووقت جميع التطوعات : وقت جواز فعلها . وقال في الرعاية : وعنه يصلي به ما لم يحدث . وقيل : أو يجد الماء . قلت : ظاهر هذا مشكل . فإنه يقتضي : أنه على النص يصلي ، وإن وجد الماء ، وهو خلاف الإجماع .

فائدة : وقال في الرعاية الكبرى : لو نوى الجمع في وقت الثانية ، ثم تيمم لها ، أو الثانية في وقت الأولى : لم يبطل بخروج وقت الأولى في الأشهر . وجزم به ابن تميم ، والزركشي . ومجمع البحرين ، وابن عبيدان . وقيل : يبطل . قلت : ويحتملها كلام المصنف .

التالي السابق


الخدمات العلمية