صفحة جزء
[ ص: 178 ] قوله ( وإذا جنى الرهن جناية موجبة للمال ، تعلق أرشه برقبته ولسيده فداؤه بالأقل من قيمته أو أرش جنايته ، أو بيعه في الجناية أو تسليمه إلى ولي الجناية . فيملكه ) . يعني إذا كانت الجناية تستغرقه ، إذا اختار السيد فداءه ، فله أن يفديه بأقل الأمرين : من قيمته أو أرش جنايته ، على الصحيح من المذهب . قال الزركشي : هذا المشهور من الروايتين . قال الشارح : هذا أصح الروايتين . وصححه في النظم وغيره . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق وغيرهم . قال ابن منجى وغيره : هذا المذهب . وعنه إن اختار فداءه لزمه جميع الأرش . وهما وجهان مطلقان في الكافي .

تنبيه :

خير المصنف السيد بين الفداء والبيع والتسليم . [ وهو المذهب هنا . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والبلغة ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، والفروع ، والوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمنور ، والمغني ، وتجريد العناية ، وإدراك الغاية ، وغيرهم . وقال في المغني ، والشرح : يخير السيد بين فدائه وبين تسليمه للبيع . فاقتصر عليهما . وأما الزركشي فقال : الخيرة بين الثلاثة : إحدى الروايات . والرواية الثانية : يخير بين فدائه وبيعه . والرواية الثالثة : يخير بين فدائه ، أو دفعه بالجناية . وهذه الروايات ذكرهن في المحرر . والفروع ، وغيرهما في مقادير الديات . ويأتي ذلك في باب مقادير ديات النفس في كلام المصنف . ويأتي هناك : إذا جنى العبد عمدا وأحكامه . [ ص: 179 ] ولم نر من ذكرهن هنا إلا الزركشي . وهو قياس ما في مقادير الديات . بل هذه المسألة هنا فرد من أفراده هناك . لكن اقتصارهم هنا على الخيرة بين الثلاثة وهنا بين شيئين على الصحيح على ما يأتي يدل على الفرق . ولا نعلمه . لكن ذكر في الرعاية الصغرى ، والحاويين ، وتذكرة ابن عبدوس بعد أن قطعوا بما تقدم أن غير المرهون كالمرهون . وهو أظهر . إذ لا فرق بينهما . والله أعلم ] . [ قال الزركشي : هذا إحدى الروايات في الرعايتين . والحاويين وجزم به ابن منجى في شرحه . وهو ظاهر ما جزم به الشارح . والثانية : يخير بين البيع والفداء . وقدمه في الرعايتين ، والحاويين . والثالثة : يخير بين التسليم والفداء . وأطلقهن الزركشي . ويأتي ذلك في باب مقادير ديات النفس في كلام المصنف . ويأتي هناك : إذا جنى العبد عمدا وأحكامه ] . قوله ( فإن لم يستغرق الأرش قيمته : بيع منه بقدره . وباقيه رهن ) . هذا المذهب . قال ابن منجى في شرحه : هذا المذهب . وجزم به في الوجيز ، والكافي . وقدمه في المغني ، والشرح ، والرعايتين ، والحاويين ، والخلاصة . وقيل : يباع جميعه . ويكون باقي ثمنه رهنا . وهو احتمال في الحاويين . وجزم به في المنور . وقدمه في المحرر . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والتلخيص ، والفروع ، والفائق ، والزركشي . وقال ابن عبدوس في تذكرته : ويباع بقدر الجناية . فإن نقصت قيمته بالتشقيص : بيع كله . [ ص: 180 ] قلت : وهو الصواب .

تنبيه :

محل الخلاف عند المصنف ، والمجد ، والشارح ، وغيرهم : إذا لم يتعذر بيع بعضه . أما إن تعذر بيع بعضه : فإنه يباع جميعه قولا واحدا .

فائدة : قوله ( وإن اختار المرتهن فداءه ، ففداه بإذن الراهن : رجع به ) . بلا نزاع . ويأتي قريبا : لو شرط المرتهن جعله رهنا بالفداء مع الدين الأول : هل يصلح أم لا ؟ وقوله ( وإن فداه بغير إذنه ، فهل يرجع به ؟ على روايتين ) . وتحرير ذلك : أن المرتهن إذا اختار فداءه ففداه ، فلا يخلو : إما أن يكون بإذن الراهن أو لا . فإن فداه بإذن الراهن : رجع بلا نزاع . لكن هل يفديه بالأقل من قيمته ، أو أرش جنايته ؟ أو يفديه بجميع الأرش ؟ فيه الروايتان المتقدمتان . وإن فداه بغير إذنه ، فلا يخلو : إما أن ينوي الرجوع أو لا . فإن لم ينو الرجوع : لم يرجع . وإن نوى الرجوع ، فهل يرجع به ؟ على روايتين ويحمل كلام المصنف على ذلك . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والمغني ، والشرح ، والفائق ، والرعايتين ، والحاويين ، والفروع ، والزركشي . قال أبو الخطاب ، والمصنف ، والشارح ، وصاحب التلخيص ، والحاويين ، والزركشي ، وغيرهم : بناء على من قضى دين غيره بغير إذنه . ويأتي في باب الضمان : أنه يرجع . على الصحيح من المذهب . فكذا هنا عند هؤلاء .

إحداهما : لا يرجع . جزم به في المحرر ، وتذكرة ابن عبدوس ، والوجيز . وصححه في التصحيح . والنظم . [ ص: 181 ] قلت : وهو أصح ; لأن الفداء ليس بواجب على الراهن . قال في القواعد : قال أكثر الأصحاب : القاضي وابن عقيل ، وأبو الخطاب إن لم يتعذر استئذانه فلا رجوع . وقال الزركشي . وقيل : لا يرجع هنا . وإن رجع من أدى حقا واجبا عن غيره . اختاره أبو البركات . والرواية الثانية : يرجع . قال الزركشي : وبه قطع القاضي ، والشريف ، وأبو الخطاب في خلافيهما . وهذا المذهب عند من بناه على قضاء دين غيره بغير إذنه .

فوائد

إحداها : لو تعذر استئذانه ، فقال ابن رجب : خرج على الخلاف في نفقة الحيوان المرهون ، على ما تقدم . وقال صاحب المحرر : لا يرجع بشيء . وأطلق . لأن المالك لم يجب عليه الافتداء هنا . وكذلك لو سلمه لم يلزمه قيمته ليكون رهنا . وقد وافق الأصحاب على ذلك . وإنما خالف فيه ابن أبي موسى . انتهى .

الثانية : لو شرط المرتهن كونه رهنا بفدائه ، مع دينه الأول : لم يصح . وقدمه في الكافي ، والرعاية الكبرى . وفيه وجه آخر : يصح . اختاره القاضي . وقدمه الزركشي . قال في الفائق : جاز في أصح الوجهين . قلت : فيعايى بها . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والفروع [ والمصنف في هذا الكتاب ، في مقادير الديات ] .

الثالثة : لو سلمه لولي الجناية فرده ، وقال بعه وأحضر الثمن : لزم السيد ذلك . على إحدى الروايات . قدمه في الرعايتين ، والحاويين ، والفائق . [ ص: 182 ] وعنه لا يلزمه . وقيل : يبيعه الحاكم . قلت : وهو الصواب . صححه في الخلاصة ، والتصحيح . قال في الرعاية من عنده هذا إذا لم يفده المرتهن . وتأتي هذه المسألة في كلام المصنف في آخر باب مقادير ديات النفس محررة مستوفاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية