صفحة جزء
قوله ( وإن قضى الضامن الدين متبرعا : لم يرجع بشيء ، وإن نوى الرجوع وكان الضمان والقضاء بغير إذن المضمون عنه . فهل يرجع به ؟ على روايتين . وإن أذن في أحدهما ، فله الرجوع بأقل الأمرين : مما قضى ، أو قدر الدين ) . إن قضى الضامن الدين ، فلا يخلو : إما أن يقضيه متبرعا أو لا . فإن قضاه متبرعا : لم يرجع بلا نزاع . قال في الرعاية : هذه هبة ، تحتاج قبولا وقبضا ورضى ، والحوالة بما وجب قضاء . وإن قضاه غير متبرع ، فلا يخلو : إما أن ينوي الرجوع ، أو يذهل عن ذلك . فإن نوى الرجوع : ففيه أربع مسائل ، شملها كلام المصنف :

إحداهما : أن يضمن بإذنه ، ويقضي بإذنه . فيرجع أيضا بلا نزاع .

الثانية : أن يضمن بإذنه ، ويقضي بغير إذنه . فيرجع أيضا بلا نزاع .

الثالثة : أن يضمن بغير إذنه ، ويقضي بإذنه . فيرجع ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . واختار في الرعاية الكبرى : أنه لا يرجع . الرابعة : أن يضمن بغير إذنه ، ويقضي بغير إذنه . فهذه فيها الروايتان . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والتلخيص ، والشرح ، وشرح ابن منجى ، والرعايتين ، والحاويين . إحداهما : يرجع . وهو المذهب ، بلا ريب . ونص عليه . [ ص: 205 ] قال ابن رجب في القاعدة الخامسة والتسعين : يرجع على أصح الروايتين . وهي المذهب عند الخرقي ، وأبي بكر ، والقاضي ، والأكثرين . انتهى .

قال الزركشي : وهي اختيار الخرقي ، والقاضي ، وأبي الخطاب ، والشريف ، وابن عقيل ، والشيرازي ، وابن البنا ، وغيرهم . قال في الفائق : اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله . وجزم به في الوجيز وغيره . وصححه في التصحيح . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والفروع . وقال : نص عليه ، واختاره الأصحاب . انتهى .

قال في القواعد : واشترط القاضي أن ينوي الرجوع . ويشهد على نيته عند الأداء . فلو نوى التبرع ، أو أطلق النية ، فلا رجوع له . واشترط أيضا أن يكون المديون ممتنعا من الأداء . وهو يرجع إلى أن لا رجوع إلا عند تعذر إذنه . وخالف في ذلك صاحب المغني ، والمحرر . وهو ظاهر إطلاق القاضي في المجرد ، والأكثرين . انتهى .

والرواية الثانية : لا يرجع . اختاره أبو محمد الجوزي . وقدمه في الفائق . وقال ابن عقيل : يظهر فيها كذبح أضحية غيره بلا إذنه في منع الضمان والرجوع . لأن القضاء هنا إبراء ، كتحصيل الأجر بالذبح . انتهى .

وإن قضاه ، ولم ينو الرجوع ولا التبرع ، بل ذهل عن قصد الرجوع وعدمه ، فالمذهب : أنه لا يرجع . اختاره القاضي كما تقدم . وقدمه في الفروع . وهو ظاهر ما جزم به في القواعد . فإنه جعل النية في قضاء الدين أصلا لأحد الوجهين فيما إذا اشترى أسيرا حرا مسلما . وقيل : يرجع . وهو ظاهر نقل ابن منصور وهو ظاهر الخرقي . وجزم به في الوجيز .

[ ص: 206 ] فائدة : وكذا الحكم في كل من أدى عن غيره دينا واجبا بإذنه وبغير إذنه على ما تقدم من التفصيل في ذلك والخلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية