صفحة جزء
قوله ( وهل يشرط التراب ؟ على وجهين ) وهما في الفروع وغيره روايتان . وقاله ابن أبي موسى . يعني على الرواية الأولى ذكرها أبو بكر ومن تابعه ، أعني الوجهين . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والكافي ، والمغني ، والتلخيص ، والبلغة ، والمحرر ، والنظم ، وابن تميم ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق ، وابن عبيدان ، والزركشي ، وشرح ابن منجا ، والفروع . أحدهما : يشترط التراب ، وهو المذهب ، اختاره الخرقي ، والمصنف ، والشارح ، وقدمه ابن رزين في شرحه . والوجه الثاني : لا يشترط ، اختاره المجد في شرحه . قال في مجمع البحرين : لا يشترط بالتراب في أصح الوجهان . وصححه في تصحيح المحرر . قال الشيخ تقي الدين : هذا المشهور . تنبيهان

أحدهما : ظاهر كلام المصنف : عدم اشتراط التراب ، قولا واحدا ، على الرواية الثانية . وهي وجوب الغسل ثلاثا ، وهو صحيح : وهو المذهب . وعليه الجمهور . وفيه وجه آخر : أن حكم التراب في الغسل ثلاثا حكمه في الغسل سبعا . وأطلقهما في التلخيص والبلغة ، وابن تميم ، والرعاية الكبرى . وصرح بأن الخلاف حيث قلنا بالعدد .

الثاني : محل الخلاف في التراب : إنما هو في غير محل السبيلين . فأما محل السبيلين : فلا يشترط فيه تراب ، قولا واحدا عند الجمهور ، ونص عليه . وحكى عن الحلواني : أنه أوجب التراب في محل الاستنجاء أيضا . وصرح بوجوبه في الفائق عنه . [ ص: 315 ] فوائد منها : حيث قلنا : يغسل ثلاثا وغسل سبعا : لم تزل طهورية ما بعد الغسلة الثالثة ، على الصحيح من المذهب ، قال ابن عقيل واحدا واحدا . وقيل : تزول طهوريته . ذكره القاضي . قلت : فيعايى بها على هذا القول . ومنها : قال في الفروع : يحسب العدد في إزالة النجاسة العينية قبل زوالها في ظاهر كلامهم . وفي ظاهر كلام صاحب المحرر : لا يحسب إلا بعد زوالها . ومنها : يغسل ما نجس ببعض الغسلات بعدد ما بقي بعد تلك الغسلة على الصحيح من المذهب . وقيل : بعد ما بقي مع تلك الغسلة . وقيل : يغسل سبعا إن اشترطنا السبع في أصله ، اختاره ابن حامد ، وهو ظاهر كلام الخرقي . أطلق الأول والأخير ابن عبيدان . فعلى القولين الأولين : يغسل بتراب إن لم يكن غسل به واشترطناه . وعلى الثالث : يغسل بتراب أيضا إن اشترطناه في أصله . قوله ( كالنجاسات كلها ، إذا كانت على الأرض ) ، الصحيح من المذهب : أن النجاسة إذا كانت على الأرض تطهر بالمكاثرة ، سواء كانت من كلب ، أو خنزير ، أو غيرهما وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به كثير منهم .

وعنه لا تطهر الأرض ونحوها حتى ينفصل الماء . وقيل : يجب العدد من نجاسة الكلب والخنزير ، معها ذكره القاضي في مقنعه ، والنص خلافه .

وعنه يجب العدد في غير البول . نقله ابن حامد . وحكى الآمدي رواية في الأرض : يجب لكل بولة ذنوب . وعنه في بركة وقع فيها بول تنزح ، ويقلع الطين . ثم تغسل . فوائد

الأولى : الصخر ، والأجربة من الحمام ، والأحواض ونحو ذلك : حكمها حكم [ ص: 316 ] الأرض على الصحيح من المذهب ، نص عليه . وقيل : لا . الثانية : يعتبر العصر في كل غسلة ، مع إمكانه فيما يتشرب النجاسة ، أو دقه ، أو تقليبه إن كان ثقيلا ، على الصحيح من المذهب مطلقا . قال ابن عبيدان : قاله الأصحاب . وقيل : لا يعتبر مطلقا . وقيل : يعتبر ذلك في غير الغسلة الأخيرة ، واختاره المجد في شرحه . وقال : الصحيح لا يجزئ تجفيف الثوب عن عصره ، وصححه في مجمع البحرين . وقيل : يجزئ . قال في الرعايتين ، والحاويين : وجفافه كعصره في أصح الوجهين . وأطلقهما في إجزاء التجفيف عن العصر في الفروع ، والتلخيص ، وابن عبيدان ، وابن تميم ، والفائق ، وإن أصابت النجاسة محلا لا يتشرب بها ، كالآنية ونحوها ، طهر بمرور الماء عليه ، وانفصاله عنه ، وإن لصقت به النجاسة وجب مع ذلك إزالتها . ويجب الحث والقرض . قال في التلخيص وغيره : إن لم يتضرر المحل بها . وقال في الرعاية : إن تعذرت الإزالة بدونها ، أو لعله مرادهم .

الثالثة : ولو كاثر ماء نجسا في إناء بماء كثير : لم يطهر الإناء بدون إراقته ، على الصحيح من المذهب ، نص عليه . وقيل : يطهر ، وإن لم يرق . ولو طهر ماء كثير نجس في إناء بمكثه : لم يطهر الإناء معه على الصحيح من المذهب . فإن انفصل الماء عنه حسب غسلة واحدة ، ثم يكمل . وقيل : يطهر الإناء تبعا ، كالمحتفر من الأرض . وقيل : إن مكث بقدر العدد طهر وإلا فلا . وكذا الحكم في الثوب إذا لم يعتبر عصره ، والإناء إذا غمس في ماء كثير . وأما اعتبار تكرار غمسه : فمبني على اعتبار العدد . ولا يكفي تحريكه وخضخضته في الماء ، على الصحيح من المذهب . وقيل : يكفي . وقال المصنف في المغني : إن مر عليه أجزاء ثلاثة . قيل كفى ، وإلا فلا . انتهى .

فلو وضع ثوبا في الماء ثم غمره بماء وعصره ، فغسلة واحدة يبني عليها ، ويطهر [ ص: 317 ] على الصحيح من المذهب ، نص عليه ، لأنه وارد كصبه في غير إناء . وعنه لا يطهر ; لأن ما ينفصل بعصره لا يفارقه عقيبه . وعنه يطهر إن تعذر بدونه . ولو عصر الثوب في الماء ، ولم يرفعه منه : لم يطهر حتى يخرجه ثم يعيده ، قدمه ابن عبيدان ، ومجمع البحرين . وقيل : يطهر بذلك . وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم الرابعة : لو غسل بعض الثوب النجس طهر ما غسل منه . قال المصنف : ويكون المنفصل نجسا لملاقاته غير المغسول . قال ابن حمدان ، وابن تميم : وفيه نظر . انتهى .

فإن أراد غسل بقيته غسل ما لاقاه . الخامسة : لا يضر بقاء لون أو ريح أو هما ، على الصحيح من المذهب ، قال جماعة من الأصحاب : أو يشق . وذكر المصنف وغيره : أو يتضرر المحل ، وقيل : يكتفى بالعدد ، وقيل : يضر بقاؤهما أو أحدهما . وقال بعض الأصحاب : يعفى عن اللون دون الريح ; لأن قلع أثره أعسر فعلى المذهب : يطهر مع بقائهما ، أو بقاء أحدهما ، على الصحيح من المذهب وقال جماعة : يعفى عنه . منهم : القاضي في شرحه . وقيل : في زوال لونها فقط وجهان . ويضر بقاء الطعم على الصحيح من المذهب ، وقيل : لا يضر .

السادسة : لو لم تزل النجاسة إلا بملح أو غيره مع الماء : لم يجب في ظاهر كلامهم . قاله في الفروع . قال : ويتوجه احتمال يجب ، ويحتمله كلام أحمد . وذكره ابن الزاغوني في التراب تقوية للماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية