صفحة جزء
قوله ( فإن غرس الأرض ، أو بنى فيها . فله الرجوع ، ودفع قيمة الغراس والبناء . فيملكه ، إلا أن يختار المفلس والغرماء القلع ومشاركته بالنقص ) . إذا اتفقا على قلع الغرس والبناء فلهم ذلك . فإذا فعلوه فللبائع الرجوع في أرضه . فإذا أراد الرجوع قبل القلع فله ذلك . على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : والأصح له الرجوع قبل قلع غرس وبناء . وقدمه في المغني ، والشرح . وهو ظاهر ما جزم به كثير من الأصحاب . ويحتمل أن لا يستحقه إلا بعد القلع . [ ص: 298 ] فعلى المذهب : يلزمهم تسوية الأرض ، وأرش نقصها الحاصل به . ويضرب بالنقص مع الغرماء . وعلى الثاني : لا يلزمهم ذلك . فلو امتنع المفلس والغرماء من القلع : لم يجبروا عليه . وإن أبى المفلس القلع ، فالصحيح من المذهب : أن للبائع أخذه وقلعه وضمان نقصه . وقيل : ليس له ذلك . وعلى المذهب : لو بذل البائع قيمة الغراس والبناء ليملكه ، أو قال : أنا أقلع وأضمن النقص : فله ذلك . وعلى الثاني : ليس له ذلك . قوله ( فإن أبوا القلع ، وأبى دفع القيمة : سقط الرجوع ) . وهو المذهب . اختاره ابن حامد . ونصره المصنف ، والشارح . وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، والحاويين ، والخلاصة . وصححه في النظم . وقال القاضي : له الرجوع في الأرض . ويكون ما فيها للمفلس . وأطلقهما في الهداية والمذهب ، والمستوعب ، والتلخيص . فعلى المذهب : لا تفريع . وعلى الثاني : إن اتفقا على البيع بيعا لهما . وإن أبى أحدهما ، فقال المصنف ، والشارح : يحتمل أن يجبر ، فيباع الجميع . واحتمل : لا فيبيع المفلس غرسه وبناءه مفردا . قال في الفروع : وهل يباع الفرس مفردا ، أو الجميع ، ويقسم الثمن على القيمة ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والتلخيص ، والفائق ، والحاويين ، وغيرهم . [ ص: 299 ]

أحدهما : يباع الجميع . قدمه في الخلاصة ، والرعاية الصغرى ، والوجه الثاني : يباع الغرس والبناء مفردا . قدمه في الرعاية الكبرى . فوائد

إحداها : قال المصنف ، والشارح : لو كان المبيع شجرا أو نخلا ، فله أربعة أحوال :

أحدها : أفلس وهي بحالها . فله الرجوع .

الثاني : كان فيها وقت البيع ثمر ظاهر ، أو طلع مؤبر ، واشترطه المشتري فأكله ، أو تصرف فيه ، أو تلف بجائحة ، ثم أفلس : فهذا في حكم ما لو اشترى عينين وتلف أحدهما على ما تقدم .

الثالث : أطلع ولم يؤبر ، أو كان فيه ثمر لم يظهر وقت البيع . فيدخل في البيع . فلو أفلس بعد تلفه أو بعضه ، أو زاد ، أو بدا صلاحه : فحكمه حكم تلف بعض المبيع وزيادته المتصلة ، على ما تقدم . قال في الرعاية الكبرى : فهو زيادة متصلة في الأصح .

الرابع : باعه نخلا حائلا فأطلعت ، أو شجرا فأثمرت ، فهو على أربعة أقسام :

الأول : أفلس قبل تأبيرها . فالطلع زيادة متصلة .

الثاني : أفلس بعد التأبير ، وظهور الثمرة : فلا يمنع الرجوع . والطلع للمشتري . على الصحيح من المذهب ، خلافا لأبي بكر . ولو باعه أرضا فارغة ، فزرعها المشتري ، ثم أفلس : رجع في الأرض دون الزرع ، وجها واحدا .

الثالث : أفلس ، والطلع غير مؤبر . فلم يرجع حتى أبر : فليس له الرجوع فيه . كما لو أفلس بعد التأبير . فلو ادعى الرجوع قبل التأبير ، وأنكر المفلس : فالقول قوله . [ ص: 300 ] وإن قال البائع : بعت بعد التأبير . وقال المفلس : بل قبله . فالقول قول البائع .

الرابع : أفلس بعد أخذ الثمرة ، أو ذهابها بجائحة أو غيرها : فله الرجوع في الأصل . والثمرة للمشتري ، إلا على قول أبي بكر .

الثانية : كل موضع لا يتبع الثمر الشجر إذا رجع البائع : فليس له مطالبة المفلس بقطع الثمرة قبل أوان الجداد . وكذا إذا رجع في الأرض وفيها زرع للمفلس . وليس على صاحب الزرع أجرة . إذا ثبت هذا . فإن اتفق المفلس والغرماء على التبقية أو القطع . فلهم ذلك . وإن اختلفوا ، وكان مما لا قيمة له ، أو قيمته يسيرة : لم يقطع . وإن كانت قيمته كثيرة : قدم قول من طلب القطع ، في أحد الوجوه . اختاره القاضي . وجزم به في الرعاية الكبرى . والثاني : ينظر ما فيه الأحظ فيعمل به . قلت : وهو الصواب . والثالث : إن طلب الغرماء القطع : وجب . وإن كان المفلس ، فكان التأخير أحظ له : لم يقطع .

الثالثة : إذا كملت الشروط : فله أخذه من غير حكم حاكم ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب ; لتعينها كوديعة . وسواء زادت قيمتها أو نقصت ولو بذل الغرماء ثمنها كله ، وهو يساوي المبيع أو دونه أو فوقه . وقيل : لا يأخذها إلا بحكم حاكم ، بناء على تسويغ الاجتهاد .

الرابعة : لو حكم حاكم بكونه أسوة الغرماء : نقض حكمه ، على الصحيح من المذهب . نص عليه . وعليه الأصحاب . وفيه احتمال : لا ينقض .

الخامسة : يكون الاسترجاع في السلعة بالقول . فلو أقدم على التصرف فيها [ ص: 301 ] ابتداء لم ينعقد ، ولم يكن استرجاعا . وكذا الوطء . ذكره القاضي في الخلاف ، لتمام ملك المفلس . وفي المجرد ، والفصول : يكون الوطء استرجاعا ، وأن فيه احتمالا آخر بعدمه . قاله في القاعدة الخامسة والخمسين .

السادسة : يستثنى من جواز الأخذ ، بعد كمال الشروط : مسألة . وهي ما إذا كان المبيع صيدا والبائع محرما . فإنه ليس له الرجوع فيه ; لأنه تملك للصيد لا يجوز . قاله المصنف ، والشارح ، وصاحب الرعاية ، وقطعوا به . قلت : فيعايى بها . ولعلهم أرادوا على القول بأن الفسخ على الفور في تلك الحالة . وهو الظاهر ، وإلا فلا وجه له .

السابعة : الصحيح من المذهب : أن أخذ السلعة على التراخي كخيار العيب . قدمه في الفروع ، والمحرر ، وغيرهما . وقاله المصنف ، والشارح ، وغيرهما . وقيل : على الفور . قال في الرعاية الكبرى : أخذه على الفور في الأقيس . وصححه الناظم . ونصره القاضي وغيره . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والفائق . قال المصنف ، والشارح : الوجهان هنا مبنيان على الروايتين في خيار الرد بالعيب

الثامنة : حيث أخذ البائع سلعته ، فرجوعه فسخ للعيب . فلا يحتاج إلى معرفة المبيع ، ولا إلى القدرة على تسليمه . فلو رجع فيمن أبق صح : وصار له . فإن قدر عليه : أخذه . وإن تلف : فمن ماله . وإن تبين أنه كان تالفا حين استرجاعه بطل رجوعه . وإن رجع في مبيع اشتبه بغيره : قدم تعيين المفلس ، لإنكاره دعوى استحقاق البائع . قاله المصنف ، والشارح ، وصاحب الفروع ، وغيرهم . [ ص: 302 ]

التاسعة : متى قلنا له الرجوع ، فلو كان ثمن المبيع الموجود مؤجلا على المفلس وقلنا : لا يحل بالفلس فالصحيح من المذهب : أنه يأخذ المبيع عند الأجل . نص عليه . وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، والفروع ، والمغني ، والشرح وقالا : هو أولى . قال الزركشي : عليه الجمهور . وقيل : يأخذه في الحال . اختاره ابن أبي موسى . وقيل : يباع . اختاره أبو بكر في التنبيه ، وصاحب التلخيص . وقدمه الزركشي . وهو تخريج في المغني ، والشرح . وقيل : إن لم تزد قيمته رجع فيه مجانا . ذكره في الرعاية الكبرى .

العاشرة : ذكر المصنف هنا حكم السلعة المبيعة إذا وجدها . وكذا حكم القرض وغيره إذا وجد عينه . قال في الرعاية : لو كان دينه سلما ، فأدرك الثمن بعينه : أخذه . قال في التلخيص : الرجوع ثابت في كل ما هو في معنى البيع : من عقود المعاوضات المحضة ، كالإجارة والسلم ، والصلح بمعنى البيع . وكذلك الصداق ، كأن يصدق امرأة عينا ، وتحصل الفرقة من جهتها ، وقد أفلست . وكذا لو وجد عينا مؤجرة لم يمض من المدة شيء . فلو مضى بعض المدة : فله أسوة الغرماء . على الصحيح من المذهب . وقدمه في الفروع . وقيل : يختص بها .

الحادية عشر : لو كان للمفلس عين مؤجرة : كان المستأجر أحق بمنافعها مدة الإجارة . فإن تعطلت في أثناء المدة : ضرب له بما بقي مع الغرماء . قاله الأصحاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية