صفحة جزء
قوله ( ولا يعفى عن يسير من النجاسات إلا الدم ، وما تولد منه من القيح والصديد ) .

اعلم أن الدم وما تولد منه ينقسم أقساما . أحدها : دم الآدمي . وما تولد منه من القيح والصديد ، سواء كان منه أو من غيره ، غير دم الحيض والنفاس . وما خرج من السبيلين . الثاني : دم الحيوان المأكول لحمه . وظاهر كلام المصنف : العفو عنه ، والصحيح من المذهب في هذين القسمين : العفو عن يسيره . وعليه جماهير الأصحاب . وعنه لا يعفى عنه فيهما . وقيل : لا يعفى عنه إلا إذا كان من دم نفسه ، وهو احتمال في التلخيص . وقال الشيخ تقي الدين : ولا يجب غسل الثوب والجسد من المدة والقيح والصديد . ولم يقم دليل على نجاسته . حكى جده عن بعض أهل العلم طهارته . وعنه لا يعفى عن يسير شيء من النجاسات في الصلاة . حكاه ابن الزاغوني . الثالث : دم الحيض والنفاس . وظاهر كلام المصنف : أنه يعفى عن يسيره ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، جزم به في المغني ، والشرح ، وابن رزين ، والمنور . وهو ظاهر الوجيز ، وقدمه في الرعايتين ، واختاره القاضي ، وهو ظاهر كلام جماعة ، لإطلاقهم العفو عن الدم .

وقيل : لا يعفى عن يسيره ، اختاره المجد ، وابن عبيدان ، وصاحب مجمع البحرين ، وقدمه في التلخيص . وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم ، وابن عبيدان ، والزركشي ، ومجمع البحرين ، والفائق ، والحاوي الكبير . الرابع : الدم الخارج من السبيلين . وظاهر كلام المصنف : العفو عن [ ص: 326 ] يسيره ، وهو أحد الوجهين ، وهو ظاهر كلام ابن رزين في شرحه ، وجماعة والوجه الثاني : لا يعفى عن ذلك ، اختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وصاحب التلخيص ، وجزم به في المنور ، وهو الصواب . وأطلقهما في الفروع ، والزركشي . الخامس : دم الحيوان الطاهر الذي لا يؤكل ، غير الآدمي والقمل ونحوه . فظاهر كلام المصنف : أنه يعفى عن يسيره ، وهو ظاهر ما قطع به في المستوعب ، والكافي ، والمحرر ، والإفادات ، والفائق ، وغيرهم ، وقطع به في المذهب ، والوجيز ، والنظم ، والحاوي الكبير ، وابن عبدوس في تذكرته ، والتسهيل ، وابن رزين ، وابن منجا في شرحه ، وقدمه في الرعاية الكبرى .

وقيل : لا يعفى عن يسيره ، وجزم به في مجمع البحرين ، وابن عبيدان . فإنهما قالا : وما لا يؤكل لحمه ، وله نفس سائلة ، لا يعفى عن يسيره . ويحتمله كلام الخرقي ، وهو ظاهر ما قطع به في التلخيص ، والبلغة . فإنه قال في المعفو عنه : من حيوان مأكول . وقطع الزركشي بأنه ملحق بدم الآدمي . وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم . السادس : دم الحيوان النجس . كالكلب والخنزير ونحوهما ، فالصحيح من المذهب : أنه لا يعفى عن يسيره . وعليه الأصحاب . وفي الفروع احتمال بالعفو عنه كغيره . وقال في الفائق : في العفو عن دم الخنزير وجهان .

فوائد

الأولى : حيث قلنا بالعفو عن اليسير : فمحله في باب الطهارة دون المائعات على ما يأتي بيانه . الثانية : حيث قلنا بالعفو عن يسيره : فيضم متفرقا في ثوب واحد على الصحيح من المذهب ، وجزم به ابن تميم وغيره ، وقدمه في الفروع . وقيل : لا يضم ، بل لكل دم حكم ، وإن كان في ثوبين لم يضم على الصحيح من المذهب ، بل [ ص: 327 ] لكل دم حكم . وقيل : يضم ، قدمه في الرعاية . وأطلقهما ابن تميم . ذكره في باب اجتناب النجاسة . ويأتي إذا لبس ثيابا في كل ثوب قدر من الحرير يعفى عنه : هل يباح أو يكره ؟ في آخر ستر العورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية