صفحة جزء
[ ص: 12 ] قوله ( إلا أنه يصح أن يستأجر الأجير بطعامه وكسوته ، وكذلك الظئر ) . وهذا المذهب مطلقا . وعليه جماهير الأصحاب . قال في القواعد : من الأصحاب من لم يحك فيه خلافا . قال الزركشي : هذا المشهور من الروايتين . واختيار القاضي في التعليق وجماعة . قال الطوفي في شرح الخرقي : هذا ظاهر المذهب . قال في القواعد : هذا أصح . ونصره المصنف ، والشارح ، وابن رزين وغيرهم . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في المحرر ، والفروع ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والتلخيص ، والنظم ، والفائق . وعنه : لا تصح فيهما حتى يصف الطعام والكسوة . وعنه : لا يصح في الأجير ، ويصح في الظئر . اختاره القاضي في بعض كتبه . قال الزركشي : أظنه في المجرد . وقدم في التلخيص : الصحة في الظئر . وأطلق في الأجير : الروايتين . قال في الرعاية الكبرى : فإن قدر للظئر حالة الإجارة ، وإلا فلها الوسط . فعلى المذهب : لو تنازعا في قدر الطعام والكسوة : رجع فيهما إلى العرف ، على الصحيح من المذهب . فيكون لها طعام مثلها أو مثله ، وكسوة مثلها أو مثله ، كالزوجة مع زوجها . نص عليه . وجزم به في التلخيص . وجزم بمثله في المحرر في المضارب . وقدمه في الفروع . وعنه : كالمسكين في الكفارة في الطعام والكسوة . وقدمه الطوفي في شرحه . وزاد : أو يرجع إلى كسوة الزوجات . وأطلقهما الزركشي . وقيل : يرجع في الإطعام إلى إطعام المسكين في الكفارة ، وفي الملبوس [ ص: 13 ] إلى أقل ملبوس مثلها . وقدمه في المغني ، والشرح ، والفائق . وجزم به في الرعاية الكبرى . قال الزركشي : وهو تحكم . قال في الرعاية الصغرى : وله الوسط مع النزاع . كإطعام الكفارة . وهذا القول نظير ما قطع به المصنف وغيره في نفقة المضارب مع التنازع . قوله ( ويستحب أن يعطي عند الفطام عبدا أو وليدة ، إذا كان المسترضع موسرا ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وقدمه في الفروع ، وغيره . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ولعل هذا في المتبرعة بالرضاع . انتهى . وقال أبو بكر : يجب .

فوائد : منها : قال في الرعاية ، والنظم وغيرهما : لو كانت المرضعة أمة . استحب إعتاقها .

ومنها : لو استؤجرت للرضاع والحضانة معا . فلا إشكال في ذلك . وإن استؤجرت للرضاع ، وأطلق : فهل تلزمها الحضانة ؟ فيه وجهان . ذكرهما القاضي ومن بعده ، وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والتلخيص ، والفروع ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفائق .

أحدهما : يلزمها الحضانة أيضا . وقدمه في الرعاية الكبرى أيضا في الفصل الأربعين من هذا الباب .

والوجه الثاني : لا يلزمها سوى الرضاع . قدمه ابن رزين في شرحه . وقيل : الحضانة تتبع الرضاع ، للعرف . [ ص: 14 ] قلت : وهو الصواب . وقيل : عكسه . ذكره في الفروع . يعني : أن الرضاع يتبع الحضانة للعرف في ذلك . ولم أفهم معناه على الحقيقة . فعلى الوجه الثاني : ليس على المرضعة إلا وضع حلمة الثدي في فم الطفل وحمله ، ووضعه في حجرها . وباقي الأعمال في تعهده : على الحاضنة ، ودخول اللبن تبعا . كنقع البئر ، على ما يأتي . قال ابن القيم رحمه الله في الهدي : عن هذا القول الله يعلم ، والعقلاء قاطبة : أن الأمر ليس كذلك وأن وضع الطفل في حجرها ليس مقصودا أصلا ولا ورد عليه عقد الإجارة ، لا عرفا ولا حقيقة ، ولا شرعا . ولو أرضعت الطفل وهو في حجر غيرها أو في مهده ، لاستحقت الأجرة . ولو كان المقصود إلقام الثدي المجرد لاستؤجر له كل امرأة لها ثدي ، ولو لم يكن لها لبن . فهذا هو القياس الفاسد حقا والفقه البارد . انتهى . وإن استؤجرت للحضانة ، وأطلق : لم يلزمها الرضاع ، على الصحيح من المذهب . قال في التلخيص : لم يلزمها وجها واحدا . وقيل : يلزمها . وقدمه في الرعاية الكبرى في الفصل الأربعين . وأطلقهما في الفروع ، والرعاية الكبرى في موضع .

ومنها : المعقود عليه في الرضاع : خدمة الصبي ، وحمله ، ووضع الثدي في فمه على الصحيح من المذهب . وأما اللبن : فيدخل تبعا . قال في الرعاية : العقد وقع على المرضعة ، واللبن تبع ، يستحق إبلاغه بالرضاع . وقدمه في الشرح . قال في الفصول ، الصحيح : أن العقد وقع على المنفعة . ويكون اللبن تبعا . قال القاضي في الخصال : لبن المرضعة يدخل في عقد الإجارة ، وإن كان يهلك بالانتفاع . لأنه يدخل على طريق التبع . [ ص: 15 ] قلت : وكذا قال المصنف وغيره في هذا الباب ، حيث قالوا : يشترط أن تكون الإجارة على نفع . فلا تصح إجارة حيوان ليأخذ لبنه إلا في الظئر ونفع البئر يدخل تبعا . وقاله في الفروع وغيره من الأصحاب ، على أحد الاحتمالين في كلام المصنف على ما يأتي . وقيل : العقد وقع على اللبن . قال القاضي : وهو الأشبه . قال ابن رزين في شرحه : وهو الأصح لقوله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } انتهى . قال ابن القيم في الهدي : والمقصود إنما هو اللبن . وتقدم كلامه لمن قال : العقد وقع على وضعها الطفل في حجرها وإلقامه ثديها واللبن يدخل تبعا . قال الناظم : وفي الأجود المقصود بالعقد درها والإرضاع ، لا حضن ومبدأ مقصد وأطلق الوجهين في المغني ، والفروع ، والفائق .

ومنها : لو وقعت الإجارة على الحضانة والرضاع ، وانقطع اللبن : بطل العقد في الرضاع . وفي بطلانه في الحضانة وجهان . وأطلقهما في الرعاية الكبرى . قلت : الأولى : البطلان . لأنها في الغالب تبع . وإذا لم تلزمها الحضانة . وانقطع لبنها : ثبت الفسخ . وإن قلنا : تلزمها الحضانة ، لم يثبت الفسخ ، على الصحيح . قال في الرعاية : لم يثبت الفسخ في الأصح . فيسقط من الأجرة بقسطه . وقيل : يثبت الفسخ . وأطلقهما في التلخيص ، والفائق . ومنها : يجب على المرضعة أن تأكل وتشرب ما يدر به لبنها ، ويصلح به . وللمكتري مطالبتها بذلك . [ ص: 16 ] ولو سقته لبنا ، أو أطعمته : فلا أجرة لها . وإن أرضعته خادمها : فكذلك قطع به في المغني ، والشرح . ومنها : لا تشترط رؤية المرتضع ، بل تكفي صفته . جزم به في الرعايتين ، والفائق . قلت : وهو الصواب . وقيل : تشترط رؤيته . قدمه في المغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين . وجزم به في المذهب . وهو المذهب . على ما اصطلحناه . وأطلقهما في الفروع .

ومنها : يشترط معرفة مدة الرضاع ومكانه : هل هو عند المرضعة ، أو عند أبويه ؟ قطع به المصنف ، والشارح ، وصاحب الفروع ، والنظم ، وغيرهم . ويأتي : هل تبطل الإجارة بموت المرضعة ؟ عند قوله " وتنفسخ الإجارة بتلف العين المعقود عليها " . ومنها : رخص الإمام أحمد رضي الله عنه في مسلمة ترضع طفلا لنصارى بأجرة ، لا لمجوسي . وقدمه في الفروع . وسوى أبو بكر وغيره بينهما لاستواء البيع والإجارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية